ناهية هادي بارجاش، امرأة في الثلاثينيات من عمرها، تعاني من إعاقة، بسب هشاشة العظام، وفقًا للأطباء، إلا أنّ عزيمتها وهمّتها صلبة وقوية رغم ما ألمّ بها!
أصيبت ناهية ببوادر إعاقة في سنّ الثلاث سنوات، وبسبب عدم قدرة الأسرة على تحمل التكلفة الباهظة للعلاج خارج البلاد، تدهورت حالة الطفلة الجسديّة شيئًا فشيئًا، حتى ما عادت تقوى على المشي، وأصبحَتْ حبيسة كرسيها المتحرك، رغم أنّ الأسرة كانت قد استقرّت في العاصمة صنعاء من أجل علاجها.
مواجهة الإعاقة
ناهية لم ترَ أنّ دورها في الحياة انتهى، أو أنّ عليها الوقوف لتندب حظها في بيتها، فهي طالبة إعلام في جامعة حضرموت، تدرس بدأب وطموح عالٍ، تصنع الإكسسوارات إلى جانب الدراسة لتعتمد على نفسها، وتتطلع أن تكون كاتبة وإعلامية يُشار إليها بالبنان.
أسباب الإعاقة
أرجع الأطباء أسباب الإعاقة التي أصابت باهية إلى صلة القرابة بين والدها ووالدتها، والبعض الآخر أرجعه إلى حدوث خللٍ ما أثناء ولادتها. وقال طرف ثالث من الأطباء بأنها تعاني أيضًا من التهابات بالإضافة إلى هشاشة عظامها.
"اخترت مجال الإعلام من أجل مساعدة الآخرين لكتابة قصص معاناتهم ونجاحاتهم وتسليط الضوء عليها، كنماذج ملهمة تستنهض همم الشباب وتحثهم على الكفاح والبذل والتعلم"
الدراسة الجامعية
اختارت ناهية دراسة الإعلام دونًا عن سائر التخصصات، تقول عن سبب اختيارها هذا التخصص: "اخترت مجال الإعلام من أجل مساعدة الآخرين لكتابة قصص معاناتهم ونجاحاتهم وتسليط الضوء عليها، كنماذج ملهمة تستنهض همم الشباب وتحثّهم على الكفاح والبذل والتعلم"، معلقة: "وهأنذي اليومَ طالبةٌ جامعية في قسم الصحافة والإعلام بجامعة حضرموت أدرس في المستوى الثالث، وقاب قوسين أو أدنى من التخرج".
وتضيف عن تفضيلاتها الكتابية: "أميل إلى الكتابة الصحفية، ففيها أجد نفسي أكثر، رغم أنّ البعض يرى أنّ صوتي إذاعيّ وينصحني بالاستفادة منه".
صناعة الإكسسوارات
لناهية مهارات واهتمامات أخرى، منها صناعة الإكسسوارات، إذ تعلمت صناعة الإكسسوارات من "اليوتيوب" ومن تجاربها ومحاولاتها الشخصية، تقول: "تعلمت لكي أعتمد على نفسي، وأوفر مصدر دخل يسُدّ لي شيئًا من متطلبات علاجي واحتياجاتي، ويخفف العبء عن أسرتي، خصوصًا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد".
وتضيف: "يومًا بعد آخر، صرت أتقن صناعة الإكسسوارات أكثر فأكثر، واعتبر كل يوم فرصةً لتطوير الذات، وتنمية المهارات في كافة المجالات".
العيش في صنعاء
"أحنّ لصنعاء كثيرًا رغم مرور سنوات على عودتي للمكلا، بسبب الوقت الطويل الذي قضيته في صنعاء، وطبيعة جوها البارد الذي ناسبني، إضافة إلى وجود بعض الأماكن المخصصة لذوي الإعاقة فيها، علاوة على حبي لأهلها"، تقول ناهية لـ"خيوط".
وتعبّر عن هذا الحنين والحب لصنعاء وأهلها، بالقول: "أفضل أيام عشتها في حياتي كانت أيام صنعاء، فسلامًا عليكِ يا صنعاء، بقدر شوقي إليكِ".
وتختم ناهية حديثها لـ"خيوط"، قائلةً: "لكلّ الذينَ أصيبوا بمصابي، سواء كانوا نساءً أو رجالًا، لا تيأسوا مهما كانت المعاناة، ومهما كانت الحياة والبيئة المحيطة قاسية؛ ادرسوا واحصلوا على الشهادات في التخصصات التي رغبتم فيها، تعلّموا مهارات وطوروا ما عندكم، فإنّ الإعاقة إعاقة القلب والعقل، وليست الأجساد".