"ممشوق القوام"

جوهرة الآنسي والعنسي
خيوط
November 24, 2022

"ممشوق القوام"

جوهرة الآنسي والعنسي
خيوط
November 24, 2022

كلمات: القاضي علي بن محمد العنسي

لحن: علي بن علي الآنسي

غناء: علي بن علي الآنسي

أغنية "ممشوق القوام" التي كتب كلماتها القاضي علي بن محمد العنسي قبل أزيد من ثلاثِ مئة سنة، وغناها الفنان الراحل علي بن علي الآنسي في سبعينيات القرن الماضي، واحدةٌ من جواهر الموشح اليمني (الغناء الصنعاني) الذي لم يزل حاضرًا في وجدان الأجيال وامتداداتها الزمنية والثقافية.

تقول كلماتها:

ممشوق القوام

أفدي بروحي قوامه

باخل بالكلام لمه

بخل في كلامه

لو رد السلام

أحيا فؤادي سلامه

هل خاف الملام

ممن يطوِّل ملامه؟

يا ذاك البعيد،

يا من كوى القلب بُعده،

مضناك الوحيد

يعانيَ الوجد وحده

حيد مضناك حيد

فيه الضنا جاز حدّه

لا يطعم منام

عاشق محرم منامه

عينك خاطبت قلبي

فقال ألف أهلين

جاوب حين دعت

كأنّ عندهُ لها دين

ليت أنّه سكت

لكن تفِيضل له الحَين

يا قلبي علام

رضيت حتفك علامَهْ؟

هذه وجنتك

جمرة ولكن بقلبي

هذه مقلتك

حسام ليته رَفَق بي

ذوقني الحِمام

آه يا أنا من حِمامه

خدك ذا الأسيل

أسال دمعي بخدِّي

والطرف الكحيل

كحل عيوني بسهدي

والجفن الكليل

أكل صبري وجهدي

والريق المدام

يلعب بعقلي مُدَامِه

الله يا رشا

يعلم بأني أحبك

لكنَّ الحشا

مُحرق بتيهك وعُجبك

آهي لو تشا

أسعدت صبّك بقربك

هذا والسلام

من صبّ يهدي سلامه

الشاعر

القاضي علي بن محمد العنسي (توفي في 1139هـ)، "من الشعراء الذين يضارعون ابن شرف الدين في التعبير الرقيق عن العواطف الرقيقة. يُعدّ من عمالقة الشعر الحميني، وشعره الحميني منشور في ديوان مطبوع اسمه "وادي الدور"، نسبة إلى وادٍ ينحدر من جبال اليمن الغربية إلى منخفضات تهامة، وقصيدته تبدأ بقوله:

وا مغرد بوادي الدور من فوق الأغصان ** وا منجِّش صباباتي بترجيع الألحان

والتي يقع فيها ذكر الوادي الذي سُمِّي به الديوان. تعد عند الكثير من الأدباء اليمنيين القصيدةَ الحمينية الأولى بين قصائد الصنعاني، وربما أوحت عبارة "ترجيع الألحان" التي تقع في آخر البيت المذكور باسم ديوان آخر لشاعر آخر من عمالقة الشعر الحميني هو عبدالرحمن بن يحيى الآنسي الذي سمّى ديوانه "ترجيع الأطيار"، وللعنسي قصيدة أخرى يصب فيها شوقه العارم إلى صنعاء، وهي قصيدته التي تبدأ بقوله:

يا حلولًا ربا صنعاء اليمن ** أيّ حين يجمع الله شملنا

وقد قالها وهو في العدين القريبة من تعز، حيث كان يشغل منصب القضاء، ولكن بالرغم من شكواه المريرة من إقامته في العدين بعيدًا عن وطنه صنعاء، فإنّ شعره قد تأثّر بلغة العدين وما يجاورها، كما يلاحظ من بعض التعابير التي تتردّد في شعره"(1).

ويعدّه الباحث والفنان جابر علي أحمد، الرقمَ الحادي عشر بين أبرز شعراء الحمينية الذي على رأسهم أبوبكر عيس بن حنكاش (توفي 625هـ)، وآخرهم أحمد فضل بن علي محسن العبدلي (القمندان) (توفي 1362هـ)(2).

الفنان

وُلد الفنان علي بن علي الآنسي عام 1933م، في حي الباشا بصنعاء القديمة، وبعد ثورة 1948م الدستورية انتقل الفنان علي الآنسي مع جميع أسرته إلى مدينة تعز، حيث كانت تعز عاصمة اليمن خلال فترة حكم الإمام أحمد حميد الدين.

بدأت الاهتمامات الفنية للآنسي بالظهور في مدينة تعز منذ أن كان طالبًا في المدرسة الأحمدية في خمسينيات القرن الماضي، وقد أصبح طلاب هذه المدرسة من أوائل رجال الدولة قبل الثورة وبعدها.

امتلك الآنسي حينها أول عود أهداه إياه أحد المعجبين بفنّه، وهو المرحوم محمد السراجي، وعندما علم والده بامتلاكه عودًا في المنزل، قام بإحراقه في التنور بسطح المنزل. غير أنّ عزيمة الشاب وشغفه الكبير بالفنّ لم تثنِه عن مواصلة حلمه، فقد بدأ حياته الفنية هاويًا للفنّ، ثم محترفًا حتى وصل إلى مستوى كبار الفنانين في اليمن والوطن العربي.

أول زيارة له لمدينة عدن كانت عام 1961م، حيث تعرّف على كبار الفنّانين المشهورين في ذلك الوقت، أمثال: محمد مرشد ناجي، وفضل محمد اللحجي، وأبو بكر بالفقيه، وحسن فقيه، ومحمد صالح همشري، وأحمد يوسف الزبيدي، وغيرهم من فنّاني عدن ولحج.

وخلال هذه الزيارة أدَّى الآنسي أغنية عدنية للفنان محمد صالح همشري "اشهدوا لي على الأخضر، شل عقلي مني وأنكر"، والتي كان دائمًا يتغنّى بها، وقد تم تسجيلها لاحقًا في إذاعة صنعاء بصوت الفنان علي السِّمَة "أشهدوا لي على الأسمر".

عند قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م، انطلق صوت الآنسي يشدو بأنشودة "باسم هذا التراب والفيافي الرحاب"، كلمات: الشاعر الكبير صالح نصيب، لحن: الفنان المبدع حسن عطا، ثم سُجّلت في إذاعة صنعاء. ولقيَت صدى كبيرًا لدى الجمهور اليمني شمالًا وجنوبًا، وكانت أكبر حافزٍ لانخراط الشباب بالمقاومة الشعبية من كل مناطق اليمن، فقد ظلت نشيد الصباح في مدارس الجمهورية، حتى تم تأليف وتلحين النشيد الوطني للجمهورية العربية اليمنية آنذاك.

سافر إلى صنعاء، وهناك انطلق يشارك الجنود والضباط في مواقعهم ويتغنّى بالثورة ليبثّ روحها فيهم، حتى أصيب بحادثة صدام مريع، وأسعف إلى القاهرة للعلاج عام 1963م، وهناك كان له لقاء مع الموسيقار محمد عبدالوهاب في مستشفى غمرة بالقاهرة، حيث كان الموسيقار محمد عبدالوهاب مع مجموعة من الفنانين المصريين يزورون المرضى القادمين من اليمن، سواءً كانوا مصريين أو يمنيين، وبحسب طلب الموسيقار عبدالوهاب، غنّى الآنسي أنشودة "باسم هذا التراب"، وأعجب عبدالوهاب بصوت وعزف الآنسي وشجّعه كثيرًا، وفي اليوم الثاني خرجت الصحف المصرية، ومنها (مجلة المصور) تشيد بهذا اللقاء البديع "عبدالوهاب مِصر يلتقي عبدالوهاب اليمن"(3).

في مشواره الطويل غنّى لعشرات الشعراء اليمنيين المعاصرين، منهم: مطهر بن علي الإرياني، وعباس المطاع، وعلي بن علي صبرة، وأحمد العماري، ومن أشهر أغانيه: "وقف وودّع"، "خطر غصن القنا"، "مسكين يا ناس"، "الحب والبن"، "ممشوق القوام"، "أهلًا وسهلًا بالروح داخل الروح"، "وا مغرد بوادي الدور"، "قد علّموه"، "قمري صنعاء جنّني"، وغيرها. 

وغنّى من كلماته العديدَ من الأغاني، منها: "يا عيباه"، "ليلك الليل يا ليل"، "قلتوا عتنسوني"، "سجدت سبحت لله"، "فلت يد المخلوق"، "ما في معلم خير".

ظلّت أُنشودته "في ظل راية ثورتي"، التي كتب كلماتها الشاعر أحمد العماري، نشيدًا وطنيًّا للجمهورية العربية اليمنية، حتى صباح 22 مايو 1990.

تُوفِّي في صنعاء، في 19 أبريل 1981م، بعد رحلة طويلة كان فيها الجنديَّ الشجاع المدافع عن الثورة ومكتسباتها، والفنانَ والشاعر الذي ترجم وعبَّر خير تعبير عن كل ما يخالج الوجدان الإنساني من عاطفة وشعور(4).

المصادر:

____________________

(1) د. محمد عبده غانم، شعر الغناء الصنعاني، المكتبة اليمنية للنشر والتوزيع، الطبعة الرابعة، ص 185.

(2) "الموشح اليمني؛ النقد والخصوصية"، جابر علي أحمد، مجلة البحث الموسيقي، صادرة عن المجمع العربي للموسيقى، المجلد الحادي عشر.

(3) أمين درهم، كتابات مختلفة عن الآنسي في حائطه على الفيس بوك https://www.facebook.com/profile/100043174051587/search/?q=%D8%B9%D9%84%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%86%D8%B3%D9%8A

(4) موسوعة شعر الغناء اليمني في القرن العشرين، الجزء السابع، الطبعة الأولى 2005، دائرة التوجيه المعنوي صنعاء، ص152–153.

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English