تعرض أنور مهيوب (25 سنة)، سائق دراجة نارية، لحادث مروري أدّى إلى تهشم ساقه ألزمه الفراش منذ سبعة أشهر تقريبًا، وبحسب حديثه لـ"خيوط" فإن الحادث جاء نتيجة سرعته الجنونية؛ مما أدى إلى انقلابه وتهشم عظم ساقه.
يعمل أنور على متن دراجة نارية، تمثل مصدر رزقه منذ أكثر من ست سنوات؛ إذ تنعدم فرص العمل بسبب الحرب؛ الأمر الذي دفعه لترك تعليمه الجامعي، للعمل بشكل متواصل على الدراجة.
في سياق متصل، تزايدت حوادث الدراجات النارية مؤخرًا بشكل مخيف؛ حيث بلغت أكثر الحالات الطارئة في المستشفيات، وبحسب تصريح الدكتور أمين حميد، رئيس قسم الطوارئ في مستشفى الثورة بصنعاء، لـ"خيوط"، فإن قسم الطوارئ يستقبل من 90 إلى 120 حالة في الشهر الواحد، معظم هذه الحالات خطيرة وأشد خطرًا، وتتنوع بين كسور وتهشم في العظام، وصولًا إلى إعاقات جسدية دائمة يصعب معالجتها؛ هذه إحصائية مستشفى واحد من بين مئات المستشفيات داخل صنعاء وباقي المدن اليمنية، علاوةً على حوادث كثيرة تحدث في القرى والمناطق النائية البعيدة عن المرافق الصحية، وغالبًا لا يتم نقلها إلى أي مركز طبي ويتم معالجتها بالطرق لبدائية، التي قد تتسبب بإعاقات كثيرة.
ويشير حميد إلى أن ما يقارب 40% من حالات حوادث الدراجات النارية، يقع ضحيتها أطفال تحت سن 17 من العمر، منوهًا إلى أن هذه الفئة هي الأكثر تهورًا عند السواقة والسرعة الجنونية.
حسب تصريح العقيد عبدالملك المروني، مسؤول العلاقات العامة والتوجيه المعنوي في إدارة المرور بصنعاء لـ"خيوط"، فإن هناك أكثر من مليون دراجة نارية تستخدم كمواصلات أجرة في كافة المدن اليمنية، وفق إحصائيات تقديرية غير رسمية، أكثر من 70% منها غير مرخص ولا مسجل في إدارة المرور
أحمد الوصابي (16 سنة)، يرقد في طوارئ مستشفى الثورة بصنعاء بعد أن انقلبت به الدارجة النارية، وتعرضت ركبته للكسر، يقول الوصابي لـ"خيوط"، إنه كان مسرعًا في أحد الشوارع، تفاجأ بإحدى السيارات أمامه، وما كان عليه إلا أن يهرب من السيارة إلى الرصيف ما أدى إلى انقلاب الدراجة النارية عليه.
قصور قانوني
تحظر الفقرة القانونية الأولى في المادة (27) من قانون المرور، منحَ رخصة قيادة لأصحاب الدراجات النارية البالغة أعمارهم أقل من 17 عامًا، فيما تمنع المادة (44) من القانون نفسه تعدي سائقي الدراجات النارية سرعة 100 كم في الساعة، وينص القانون على منع ركوب أكثر من شخصين على متن الدراجة النارية، لكن القانون يعاني من شلل في تطبيقه، وإذا حدث كان جزئيًّا وخجولًا، ومقتصرًا على العقوبات المالية البسيطة التي تتراوح بين 50 ريالًا يمنيًّا، ولا تتجاوز الـ10 آلاف ريال لمن يتسبب في إصابات لشخص آخر بسبب مخالفات السير.
الجدير بالذكر أن شوارع صنعاء ومدن يمنية أخرى تمتلئ، لا سيما منذ أواخر سنة 2014، بعشرات الآلاف من الدراجات النارية التي يفضل البسطاء اللجوء إليها لإنجاز مشاويرهم الخاصة، عوضًا عن سيارات الأجرة؛ وذلك نظرًا لارتفاع تكاليف أجرة سيارات الأجرة مقارنة بالدراجة النارية.
حسب تصريح العقيد عبدالملك المروني، مسؤول العلاقات العامة والتوجيه المعنوي في إدارة المرور بصنعاء لـ"خيوط"، فإن هناك أكثر من مليون دراجة نارية تستخدم كمواصلات أجرة في كافة المدن اليمنية، وَفق إحصائيات تقديرية غير رسمية، أكثر من 70% منها غير مرخص ولا مسجل في إدارة المرور.
عمل بديل
لجأ الكثير من اليمنيين للعمل على الدراجات النارية؛ نتيجة الوضع الاقتصادي والإنساني وحرمان الكثير من الموظفين من أعمالهم، إضافةً إلى توقف مرتبات الموظفين منذ سبتمبر/ أيلول 2016.
محمد القاضي، موظف حكومي، لجأ إلى العمل فوق دراجة نارية مستأجرة من أحد معارفه، يقول القاضي لـ"خيوط": "إن الحل الوحيد الذي وجده بعد انقطاع مرتبه هو العمل كسائق دراجة نارية، وذلك يعود إلى قلة تكلفة إيجارها، بالإضافة إلى قبولها في السوق وسهولة استخدامها".
ورغم أن الدراجة النارية قد تبدو وسيلة سهلة ومواتية للعاملين عليها وللمواطنين بسبب سرعتها وقدرتها على الفكاك من زحمة المرور، إلا أن أزمة المشتقات النفطية وقفت عقبة، إذ يعتمد القاضي وغيره على السوق السوداء لتعبئة دراجاتهم النارية، ولذلك يذهب ما يكسبونه إلى الأسواق السوداء، حد تعبير القاضي.
وتبقى قضية عدم التزام سائقي الدراجات النارية بقوانين السير والسلامة المرورية، قضية تؤرق السلامة العامة وتعرضهم لمخاطر كثيرة، وهو ما أكده العقيد المروني، مشددًا على ضرورة إلزام سائقي الدراجات النارية بقوانين السير ومعاملتهم بالقوانين ذاتها المفروضة على المركبات، مضيفًا أن الحد من حوادث الدراجات النارية يتطلب إعادة إلزام أصحاب الدراجات النارية تركيبَ عربة بجانب الدارجة، أسوةً بما حدث سنة 2013، وبالتالي تصبح الدراجة النارية مقيدة بطريق سير واحد، أكثر أمانًا، بالإضافة إلى إلزامهم بلبس الخوذة المعدنية للسائق والراكب.