يشكو المواطنون في الكثير من قرى وعزل مديريات محافظة المحويت، الواقعة غربي محافظة صنعاء، من اجتياح أسراب من حشرات البعوض خلال الأيام الأخيرة، التي تزامنت مع موسم سقوط الأمطار.
يذكر المواطنون أنّ أسرابًا من البعوض غزت الكثير من القرى الواقعة في عدد من مديريات المحويت، خصوصًا في المديريات الواقعة غربي المحافظة، الأمر الذي دفع المواطنين للإعراب عن قلقهم وخوفهم إزاء ما تحدثه من أوبئة وأضرار صحية خطيرة، معتبرين ظهورها الأخير والكثيف وتكاثرها المخيف لم يسبق له مثيل.
تفشي البعوض
المواطن محمد علي الوادي (51 سنة)، ينتمي لمديرية حفاش (غربي المحويت)، أبدى قلقه إزاء الانتشار الكبير للبعوض، وقال لـ"خيوط": "نعيش هذه الأيام فترة قلق وخوف كبيرين، نتيجة لكثرة البعوض وانتشاره بشكل مضاعف ليلًا ونهارًا، وما يسببه من أمراض وأوبئة، سبق وكان لنا تجربة مرَضية بسببها".
من جهته يقول الحاج الخمسيني، عبدالله علي، لـ"خيوط":" بت أنا وأسرتي، عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض المتفشي في معظم مديريات المحويت، فضلًا عن حالة الأرق والذعر والإجهاد الناتج عن قلة النوم التي يسببه تحليق البعوض المزعج طوال اليوم"، ويضيف: "قد نتحمل أضرار لسعات وأصوات البعوض وحتى ما يحدثه من أمراض، لكن ضرره على الأطفال أشد وطأة، إذ يصرخون عند كل لسعة، هذا فضلًا عن خطر تبعات تلك اللسعات على أجسادهم الغضة التي لم تكتمل مناعتها لتقاوم الأمراض الناتجة عن لسعات البعوض".
يحذر أطباء وعاملون صحيون في المحويت من خطر تفشي الملاريا في حال لم تنفذ برامج مكافحة نواقل الأمراض، وخدمات الرش الوبائي العاجل، لا سيما مع ارتفاع معدلات سوء التغذية التي تعيشها الفئات الضعيفة، خصوصًا الأطفال والنساء الحوامل، ما يجعلهم أقل مناعة وأكثر عرضة للإصابة بالملاريا.
خطر تفشي الملاريا
هذا ويحذر أطباء وعاملون صحيون في المحويت من خطر تفشي الملاريا في حال لم تنفذ برامج مكافحة نواقل الأمراض، وخدمات الرش الوبائي العاجل، لا سيما مع ارتفاع معدلات سوء التغذية التي تعيشها الفئات الضعيفة، خصوصًا الأطفال والنساء الحوامل، ما يجعلهم أقل مناعة وأكثر عرضة للإصابة بالملاريا.
إلى ذلك، اعتبر الأطباء أن الملاريا ما لا تزال تشكل تهديدًا كبيرًا على حياة الآلاف، خصوصًا في ظل استمرار الأمطار الحالية المصحوبة بانتشار البعوض الناقلة لها، إضافة إلى تكدس المخلفات وتراكم أكوام القمامة، ووجود المستنقعات المكشوفة المحيطة بالمنازل المجاورة للقرى.
وكانت وزارة الصحة العامة والسكان التابعة لجماعة أنصار الله )الحوثيين)، قد نفذت في الأشهر الماضية حملة توزيع ناموسيات مشبعة بالمبيد طويل الأجل القاتل للبعوض الناقل للملاريا، في بعضٍ من مديريات المحويت، وفي مقدمتهن مديرية ملحان، ومديرية بني سعد، المديريتان الأكثر توطينًا للملاريا حسب دراسة طبية ميدانية شملت عدة محافظات يمنية، والأفقر من ضمن مديريات الجمهورية، حسب تصنيف المنظمات الإغاثية والإنسانية.
"توزيع الناموسيات، ليس حلًّا كليًّا للحد من انتشار وتكاثر البعوض الناقل للملاريا، بل إن الضرورة تستدعي تكثيف الحملات التوعوية والتثقيفية ميدانيًّا، حول الوقاية من الملاريا والأمراض المنقولة، وكذلك الحرص على ردم المستنقعات، خصوصًا أثناء مواسم الأمطار، وتنفيذ الرش المُبيدي لكل ما يمكنه أن يولد أو يُحتمل أن يكون مصدرًا لتكاثر البعوض أو تواجدها"- يقول الدكتور محمد الشرف، لـ"خيوط".
تقارير دولية
في السياق، أفادت تقارير محلية ودولية في وقت سابق بأن الملاريا لا يزال مستوطنًا في اليمن ويهدد حياة الملايين من المواطنين، وبالإشارة لتقرير الملاريا الصادر سنة 2020، فإن حوالي 18.8 مليون شخص في اليمن، يعيشون في مناطق معرضة لخطر انتقال الملاريا، ما يرشح أن تكون عدد الإصابات نحو مليون حالة سنويًّا.
كما أكّدت منظمة أطباء بلا حدود في وقت سابق، أنّ الملاريا يواصل تأثيره على آلاف اليمنيين في ظل نظام صحي ضعيف جراء الحرب الدائرة في البلد، وقالت المنظمة إنها عالجت خلال سنة 2017 فقط، أكثر من 10 آلاف مصاب بالملاريا.
من جهتها، أكّدت منظمة الصحة العالمية في بيان سابق، أنّ الملاريا لا تزال تفتك بأرواح أكثر من 400 ألف، معظمهم من الأطفال، بسبب تعثر جهود مكافحة الوباء الذي ينقله البعوض، وحذرت المنظمة من أن تمويل مكافحة مرض الملاريا الذي يودي بحياة طفل كل دقيقتين، ضعيفٌ بشكل عام، داعيةً الدول المانحة وحكومات الدول التي ينتشر فيها الوباء إلى تكثيف الجهود لمكافحة هذا المرض.