لحظات من الجحيم!

"الحوثيون" يقوِّضون حقوق وحريات النساء بشكل خطير
خيوط
March 8, 2022

لحظات من الجحيم!

"الحوثيون" يقوِّضون حقوق وحريات النساء بشكل خطير
خيوط
March 8, 2022

اتهمت منظمات حقوقية جماعة أنصار الله (الحوثيين) بتقويض حقوق وحريات النساء والفتيات بشكل خطير وجسيم في مناطق سيطرتها، ودعتها إلى التوقف فورًا عن استهداف النساء وحضورهن في الحياة العامة.

كما قامت بتعريض النساء للخطر بمنعهن من الحصول على خدمات الصحة الإنجابية في بعض مناطق سيطرتها، وقيّدت، إلى حدٍّ كبير، سفر النساء بدون مَحْرم، ومنعت وطردت النساء من العمل، وأصدرت أكثر من تعميم يفرض رؤية نمطية لكيفية اللباس "الموافق للشريعة الإسلامية" للنساء، إضافة إلى قيامها، أكثر من مرة، بمنع الاختلاط في أبحاث وحفلات تخرج عدد من الجامعات، علاوة على أن عددًا من خطابات أنصار الله (الحوثيين) عبر منصات مختلفة، أشعلت نيران "كراهية النساء" في المناطق التي تحت نفوذها. 

وقالت منظمة مواطنة لحقوق الإنسان، إن جماعة أنصار الله (الحوثيين) تلقي -أحيانًا- باللوم على "التصرفات الفردية" لعناصرها في الحوادث التي تستهدف النساء أو تقيد حقوقهن.

أكدت المنظمة في بيان، حصلت "خيوط" على نسخة منه، أن تواتر هذه الانتهاكات، وعدم اتخاذ خطوات قانونية بحق مرتكبيها، فضلًا عن اتساع القيود المفروضة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، والتي يأتي بعضٌ منها كنتيجة لتوجيهات مُعلنة من خلال التعميمات أو التوجيهات، يعطي مؤشرًا خطيرًا بأن تلك الانتهاكات تأتي ضمن سياسة رسمية لجماعة أنصار الله (الحوثيين) في طريق قمعهم للحريات وتحديدًا حين يتعلق الأمر بالنساء.

رضية المتوكل، رئيسة مواطنة لحقوق الإنسان قالت في هذا الخصوص: "ليس هذا سوى جزء صغير لتفاصيل من ممارسات عديدة تبين توجه خطير لتقويض تواجد المرأة في الحياة العامة، وإنهاء كل المكاسب التي كافحت من أجلها على مدار سنوات. يجب على جماعة "أنصار الله" أن توقف هذا الاستهداف للمرأة". وأضافت المتوكل: "إن النساء لسن بحاجة إلى حراس فضيلة، ولا إلى مزيد من القيود، وإنما بحاجة إلى احترام حقوقهن وحرياتهن الشخصية ومُساءلة كل من ينتهك تلك الحقوق".

أثرت الإجراءات الأخيرة التي انتهجتها جماعة أنصار الله (الحوثيين)، بشكل كبير على تنقل المرأة ومشاركتها في الحياة العامة، والكثير من الأعمال. وألقت هذه الحوادث بظلال قاتمة على وضع النساء، ما أثر على تحركهن بسهولة، إذ دفعت هذه الإجراءات كثيرًا من النساء إلى السفر والتنقل بشكل أقل؛ لتفادي هذه المضايقات

وطالما كانت النساء عرضة للمضايقات والتمييز، وإحدى الحلقات الأكثر تهميشًا في اليمن. وتتخوف النساء وذويهن من الحديث عن المضايقات والانتهاكات التي يتعرضن لها نتيجة الوصمة الاجتماعية التي غالبًا ما تلقي باللوم عليهن. لم تُدرج مواطنة لحقوق الإنسان أية تفاصيل قد تشير إلى هُوية من تمت مقابلتهم. ويروم هذا البيان تقديم لمحة عن بعض الممارسات التي قوضت بها جماعة أنصار الله (الحوثيين) حقوق النساء في المناطق الواقعة تحت سيطرتها؛ لذا فهي لا تفيد الحصر.

تقيّد سفر النساء بدون محرم 

على الرغم من عدم وجود قانون يشترط وجود مَحْرم أثناء تنقل النساء، إلا أنه خلال السنوات القليلة الماضية، تكررت حوادث التشديد على المحرم وسؤال النساء عنه، في وسائل المواصلات أثناء التنقل بين المحافظات التي تسيطر عليها جماعة أنصار الله (الحوثيين). دأب مسلحو جماعة أنصار الله على سؤال النساء اللواتي يسافرن بمفردهن، كما تكثر مطالبة الرجال المسافرين مع النساء بإثبات علاقتهم بالمرأة، على سبيل المثال: من خلال إبراز شهادة عقد الزواج، أو بطاقات الهُوية، إذا كان الرجل والمرأة على خلاف ذلك. 

كانت جماعة أنصار الله (الحوثيين) قد أصدرت تعميمًا في مطلع العام 2021، يقتضي منع سفر النساء بدون مَحْرم. 

ومن ضمن وقائع الانتهاك لحرية تنقُّل وسفر النساء، برزت إحدى النقاط الأمنية التابعة لجماعة الحوثي في منطقة "نقيل يسلح" على تخوم محافظة صنعاء، حيث يقوم المسلحون بإيقاف النساء المسافرات وابتزازهن ومصادرة جوازات سفرهن بزعم سفرهن "بدون محرم"، ووثّقت مواطنة لحقوق الإنسان مجموعة من تلك الوقائع.

فعلى سبيل المثال، أثناء العودة من إحدى المحافظات الجنوبية قرابة الساعة 11:00 مساءً، في إحدى ليالي شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، وبعد رحلة مضنية استغرقت ساعات طويلة، وصلت أربع نساء إلى نقطة "نقيل يسلح"، أوقف السيارة مسلحو جماعة أنصار الله (الحوثيين)، لتبدأ رحلة من الابتزاز والتحرش اللفظي، وإلقاء التهم عليهن والتحقيق معهن حتى الساعة 5:00 صباحًا.

تقول إحدى النساء اللاتي كُنّ في السيارة: "كان التحقيق يشير إلينا بشكل فجّ، باعتبارنا "خلية دعارة". كانوا سبعة مسلحين طافحين بالتحرش اللفظي والإيحاءات المنفرة، مارسوا علينا ضغطًا نفسيًّا رهيبًّا لمدة ست ساعات متواصلة، أخذوا جوازات سفرنا، منعونا من النزول من السيارة، فتشوا هواتفنا وحواسيبنا وحقائبنا. كانت لحظات من الجحيم."

بحسب من تم مقابلتهن في هذه الحادثة، فإن من ضمن الأسئلة التي وُجهت لهن، "لماذا أنتن بدون مَحْرَم؟". لم يُسمح لهن بالمغادرة إلا بعد كتابة تعهد بعدم السفر بدون محرم مرة أخرى، ورافق ذلك تهديدات بالاحتجاز في مقر الأمن والمخابرات، في حال مغادرة صنعاء. 

   في واقعة سابقة، في منتصف يناير/ كانون الثاني 2021، أوقف مسلحون تابعون لجماعة أنصار الله (الحوثيين) إحدى النساء (30 سنة) لعدة ساعات في إحدى نقاط التفتيش بالقرب من مدينة حجة التي تبعد (123 كيلو مترًا) شمال غرب العاصمة صنعاء. وأخبرها المسلحون بأن الإيقاف هو بذريعة سفرها بدون مَحْرم، كما تعرضت للتهديد والألفاظ المسيئة. 

ولم يُسمَح لها بالمغادرة إلا بحضور أحد محارمها الذي قدم من محافظة أخرى، وبعد كتابته تعهدٍ بأنها لن تسافر بدون محرم مرة أخرى.

استطاعت مواطنة لحقوق الإنسان، الوصولَ إلى 10 وقائع مشابهة في محافظة حجة وقعت خلال يومين فقط، وجميعها بحُجة وجود أوامر من قيادات عليا في الجماعة بمنع سفر النساء بدون محرم، وخاصة في السيارات التي تتبع المنظمات. 

وفي تعميم لاحق، في أيلول/ سبتمبر 2021، نص على منع أي امرأة من توقيف باص أو سيارة (بما في ذلك وسائل المواصلات العامة) دون محرم. وقد تم تطبيق هذه التوجيهات في مدينة حجة، وفرض مبلغ 200 ألف ريال (أي ما يعادل 330 دولارًا أمريكيًّا) ورأس بقر، على من يخالفن هذه التوجيهات".

وأثرت الإجراءات الأخيرة التي انتهجتها جماعة أنصار الله (الحوثيين)، بشكل كبير على تنقل المرأة ومشاركتها في الحياة العامة، والكثير من الأعمال. وألقت هذه الحوادث بظلال قاتمة على وضع النساء، ما أثر على تحركهن بسهولة. إذ دفعت هذه الإجراءات بكثير من النساء إلى السفر والتنقل بشكل أقل؛ لتفادي هذه المضايقات.

عراقيل أمام خدمات الصحة الإنجابية

قالت مواطنة لحقوق الإنسان إن جماعة أنصار الله (الحوثيين) منعت النساء في عدد من المناطق الواقعة تحت سيطرتها، من الوصول إلى وسائل تنظيم الأسرة، كما عرقلت الحصول على خدمات الصحة الإنجابية.

يمكن أن يكون لمنع أو تقييد وصول المرأة إلى الصحة الإنجابية -بما في ذلك إخضاع وصول المرأة لوسائل منع الحمل، إلى موافقة الأزواج أو الأقارب الذكور- تأثيرًا هائلًا على صحة المرأة الجسدية والنفسية، كما يترك أثرًا على تمتعها بحقوق أخرى، مثل الحق في التعليم والعمل والمشاركة المجتمعية

في يناير/ كانون الثاني 2021، أصدرت سلطة جماعة أنصار الله (الحوثيين) إلى الطاقم الصحي في المراكز الصحية في عموم مناطق سيطرتها، تعميمًا بالتوقف عن استخدام "دليل المشورة" المستخدم في جلسات الإرشاد للمساعدة في شرح طرق تنظيم الأسرة المختلفة، واعتبرته "مخالفًا للهوية الإيمانية".

قبل ذلك، كانت قد أصدرت عدة قرارات في هذا السياق، بأكثر من محافظة ومنطقة تحت سيطرتها، منها قرارات منع وسائل منع الحمل في محافظة صعدة (شمال اليمن)، إلى جانب تعليق العمل بالأنشطة المتعلقة بالصحة الإنجابية في أربع مديريات في محافظة صعدة، ما حرم سكان تلك المناطق من خدمات الصحة الإنجابية والحصول على المشورة ووسائل تنظيم الأسرة، إضافة إلى تعميم مماثل في محافظة حَجّة (شمال اليمن).

كما أصدرت وزارة الصحة العامة والسكان التابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، تعميمًا مكتوبًا يحوي تعليمات إلى المراكز الصحية في محافظة عمران، تفرض وجود الزوج وموافقته للحصول على وسائل تنظيم الأسرة؛ ما أثر على حصول النساء على وسائل التنظيم الأسري بشكل فعال.

قالت إحدى النساء (عاملة نظافة- 35 سنة): "أجهضت ثلاث مرات خلال ستة أشهر بسبب رفض زوجي أن يوفر وسيلة منع الحمل"، وأوضحت أنها تعرضت للإجهاض (إسقاط الأجنة) بعد أسابيع قليلة، في كل مرة من مرات الحمل الثلاث المتتالية. 

وفي 24 يناير/ كانون الثاني 2021، أصدرت وزارة الصحة العامة والسكان التابعة لجماعة أنصار الله (الحوثيين) في محافظة حَجة، قرارًا فيما يخص "وسائل تنظيم الأسرة" وبما يتوافق مع ما أسمته "الهوية الإيمانية". فرض القرار الجديد على المراكز الصحية والصيدليات في المحافظة، عدم منح أي وسيلة من وسائل تنظيم الأسرة للنساء إلا بوصفة طبية واشتراط تواجد وموافقة الزوج وبعد التأكد من وثيقة الزواج.

وبموجب القانون الدولي، فإن حق المرأة في الصحة يتضمن الوصول الشامل، دون تمييز، إلى خدمات ووسائل ومرافق الصحة الإنجابية. يمكن أن يكون لمنع أو تقييد وصول المرأة إلى الصحة الإنجابية -بما في ذلك إخضاع وصول المرأة لوسائل منع الحمل إلى موافقة الأزواج أو الأقارب الذكور- تأثيرًا هائلًا على صحة المرأة الجسدية والنفسية، كما يترك أثرًا على تمتعها بحقوق أخرى، مثل الحق في التعليم والعمل والمشاركة المجتمعية. إن ضمان الحقوق المرتبطة بالصحة الإنجابية للمرأة، يَفترض احترام قدرة هذه الأخيرة على اتخاذ القرارات بشأن جسدها.

منع وطرد نساء من العمل

في انتهاك صارخ لحق المرأة في العمل، أصدرت جماعة أنصار الله (الحوثيين) تعميمًا مكتوبًا في سبتمبر/ أيلول 2021، يقضي بمنع عمل النساء في المنظمات الإغاثية. 

وقد تحققت "مواطنة" من تنفيذ بنود ذلك التعميم في مديريات: كحلان عفار، وبني العوام، والشغادرة، ونجرة بمحافظة حَجة، وكان التعميم قد زعم بأن المنع يهدف إلى حماية النساء من "الابتزاز الجنسي"، فيما لم تعلم "مواطنة" بإيقاف الجماعة لأية منظمة أو جهة أو أشخاص بتلك التهمة.

في سياق متصل، كان قد اقتحم سبعة مسلحين تابعين لجماعة أنصار الله (الحوثيين) عند حوالي الساعة 6:30 مساء السبت 23 يناير/ كانون الثاني 2021، أحد المطاعم في مدينة صنعاء، وقاموا بطرد النساء العاملات منه، وتفتيشه دون أي أوامر مكتوبة. يقول شاهد عيان: "كان المسلحون يقولون بوجود بلاغات بأن العاملات يضعن المكياج ويتحدثن مع الرجال!".

واقتاد المسلحون بعض العمال وأحد المسؤولين عن المطعم إلى قسم الشرطة، حيث أُرغم المسؤول على كتابة "تعهد بعدم توظيف النساء في أي فرع من فروع المطعم". أدّت هذه الحادثة وحدها إلى فقدان 30 امرأة للعمل بشكل مؤقت. 

ومع أن المطعم أعاد النادلات تدريجيًّا في أقسام النساء بعد ما يقارب أسبوعين، إلا أنه، وقبل الاقتحام، كان المطعم قد فرض إجراءات تجاه النساء العاملات، كإجباره غيرَ المسلمات على ارتداء الحجاب أثناء العمل. 

وبعد هذه الحادثة، تحققت "مواطنة" من واقعة أخرى؛ حيث منعت جماعة أنصار الله (الحوثيين) عددًا من النساء من الحصول على العمل في محافظة الحديدة. شكّلت هذه الحوادث مؤشرًا خطيرًا على ما يمكن أن يواجه النساء اليمنيات مستقبلًا، من تقليل لفرصهن في العمل والمشاركة، ويشجّع -كما يبدو- مالكي المشاريع على عدم تشغيل النساء تجنبًا للمشاكل. 

كما تفرض جماعة أنصار الله (الحوثيين) بشكل متزايد الفصلَ بين الجنسين في بعض المرافق التعليمية والمقاهي والمطاعم، لا سيما في مدينة صنعاء. في حين تعمل جماعة أنصار الله (الحوثيين) على إشعال نيران كراهية النساء في أوساط المجتمع، منطلِقة من عقيدة متشددة تتبناها الجماعة، مستغلة عقودًا من شيطنة المرأة وكل ما يمت لها بصلة. 


•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English