20/ 10/ 1932- 25/8/ 2021
ولد الأستاذ المناضل محسن العيني في قرية " الحَمَامي"، وهو رئيس وزراء سابق، ووزير خارجية، ومؤلف. عمل بدايةً في رعي الأغنام في قريته، ثم انتقل إلى مدينة صنعاء، فالتحق بمدرسة الأيتام، ودرس القرآن الكريم وعلوم العربية، وفي عام 1947 كان ضمن أربعين طالبًا ابتعثوا للدراسة في لبنان، فسافر إلى هناك، ثم انتقلت بعثته الدراسية إلى مصر؛ فالتحق بجامعة القاهرة في كلية الحقوق بإشارة من الأستاذ محمد محمود الزبيري، وحصل على شهادة الليسانس حقوق سنة 1959م. انضم إلى حزب البعث العربي الاشتراكي أثناء دراسته الجامعية، وبعد تخرجه من الجامعة التقى بالعلامة محمد بن سالم البيحاني، فاتفق معه على العودة إلى مدينة عدن، والتدريس في المعهد الإسلامي هناك، فعمل مدرسًا لمادتي التربية الوطنية والتاريخ، واختير أمينًا عامًا لنقابة المعلمين هناك، وانضم إلى عضوية المجلس التنفيذي للمؤتمر العمالي، غير أنه أبعد من مدينة عدن بأمر من الحاكم البريطاني في مدينة عدن، فتوجه إلى القاهرة، وبعد قيام الثورة الجمهورية التي أطاحت بالنظام الملكي سنة 1962م عاد إلى مدينة صنعاء؛ فعين أول وزير للخارجية، ثم عين في العام ذاته أول مندوب لليمن لدى دولة الأمم المتحدة، وفي سنة 1963م عين أول سفير لليمن لدى الولايات المتحدة الأمريكية، وسفيرًا في الاتحاد السوفيتي، وبريطانيا، وألمانيا، وفي سنة 1965 عين وزيرًا للخارجية للمرة الثانية، وفي عام 1967م عين رئيسًا للوزراء، ثم عين سنة 1970 وزيرًا للخارجية ورئيسًا للوزراء، وقاد آنذاك مفاوضات التصالح مع الملكيين ممثلاً للجانب الجمهوري؛ فتوصل معهم إلى اتفاق انتهت بموجبه الحرب الدائرة بين الطرفين، وفي سنة 1971 م عين رئيسًا للوزراء للمرة الثالثة، وخلال ذلك أجرى محادثات مع علي ناصر محمد الذي كان آنذاك رئيسًا لوزراء الشطر الجنوبي من اليمن ووزير دفاع؛ وقد انتهت هذه المحادثات بالتوقيع على اتفاقية الوحدة بين شطري اليمن والمعروفة باتفاقية القاهرة؛ فانتهى بموجبها الاحتراب القائم بين الشطرين.
انضم إلى عضوية الاتحاد اليمني، وهو تنظيم سياسي رسمي في البلاد آنذاك، ثم عين رئيسًا للوزراء ووزيرا للخارجية سنة 1974م، وفي سنة 1997 عين نائبًا لرئيس المجلس الاستشاري.
شكل أكثر من وزارة، وبعد انقلاب الـ 5 من نوفمبر 1967 قدم الاستقالة تحت ضغط الحصار على صنعاء لصالح الفريق حسن العمري. وصل الى الحديدة وألقى محاضرة عن الحصار، والمخاطر المحدقة بالثورة والجمهورية، وكان شديد التفاؤل بالانتصار
وترجمه العلامة المؤرخ أحمد بن محمد بن محمد زبارة في ملحقه على كتاب أبيه "نزهة النظر"، فقال: "الأستاذ محسن بن أحمد العيني، مولده تقريبًا سنة أربعين وثلاثمئة وألف بصنعاء، ونشأ، وأخذ القرآن، ومبادئ علم العربية، ودرس بعدن، ورحل إلى أوروبا، واجتمع في باريس مع رفيقه يحيى بن حمود جغمان، ومحمد بن أحمد الرعدي، وكتبوا من هناك رسالة إلى الطلبة بالقاهرة يحثونهم على موالاة القاضي محمد محمود الزبيري، والأستاذ أحمد بن محمد نعمان، ونجحوا في ذلك، ونال الأستاذ محسن رئاسة الوزراء في عهد الجمهورية مرتين، وهو نشيط في أعماله، موفق في آرائه، وعندما وقعت أزمة الطعام باليمن استطاع طلب المساعدة من الدول الأجنبية؛ فتواردت الحبوب إلى اليمن من كل صقع؛ حتى امتلأت المخازن، ولا تزال مملوءة بالحبوب إلى تحرير هذا سنة 1391ه، وقد دعا أيام وزارته إلى اجتثاث شجرة القات، ومنع الناس من زراعتها وأكلها، غير أنه لم ينجح في ذلك، ولصاحب الترجمة مؤلف مطبوع سماه "معارك ومؤامرات"، ذكر فيه بعض من أعدمهم الإمام أحمد، وذكر احتياج اليمن إلى الإصلاح، وبعد ذكر مقدمة صغيرة في صفة اليمن، وقد انفصل من رئاسة الوزراء، وعين سفيرًا بلندن، وصنوه علي بن أحمد من القائمين بالأعمال في عهد الجمهورية".
وترجمه الأستاذ إبراهيم المقحفي، فقال في سياق ذكر أسرته: "عائلـة مـن أهـل قريـة الحَمَامي في بنـي بهلـول بمـشارق مدينـة صـنعاء، منهم أمين منطقة الجراف المرتبطة بصنعاء العلامة عبد الله بن حسن العيني المتوفى سنة 1318ه، ومن كبار معـاصريهم الأسـتاذ محـسن بـن أحمـد العيني، وهو من مواليد عام١٣٥٢هـ. وقد تلقـى تعليمـه الأولي في صــنعاء وعـدن ثــم ســافر إلى القـاهرة، وحـصل عــلى ليـسانس حقـوق عــام ١٩٥٩م. وقـد كــان عــضوًا فــاعلاً في «الاتحــاد اليمني» أحد قلاع الحركـة الوطنيـة التـي مهـدت لقيام ثورة سبتمبر١٩٦٢م. وتولى ـبعـد الثـورة أعمالاً قياديـة، منهـا: وزيـرًا للخارجيـة، ثـم رئيـسًا للوزراء، ثم سفيرًا في أكثـر مـن بلـد كـان آخرهـا الولايـات المتحـدة الأمريكيـة، وفي عـام١٩٩٧م تعين نائبًا لرئيس المجلس الاستشاري، لـه كتاب «مؤامرات على قضية اليمن»، وغيره".
وكتب عنه الأستاذ عبد الباري طاهر، فقال:
وفاة الزعيم السياسي اليمني والعربي والعالمي الكبير محسن أحمد العيني
"من أوائل الطلاب المبتعثين إلى لبنان ١٩٤٧، ضمن ما عرف ببعثة الأربعين، وهي البعثة التي نقلت إلى مصر بعد حركة ١٩٤٨ كرد على وجود الفضيل الورتلاني- أحد زعماء الانقلاب.
في القاهرة ينقل الدكتور أحمد الصياد - أحد تلاميذ الأستاذ محسن في عدن، وأحد زملائه فيما بعد نقلاً عن الأستاذ محسن أن وفدًا من قيادات حزب البعث زار القاهرة في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي، والتقى الزبيري والنعمان، ومعهما الأستاذ محسن العيني، وطرح عليهم الرغبة في وجود حضور البعث العربي في اليمن، وهناك جرى التفاهم معه.
وكان للأستاذ محسن دور مهم في التأسيس للاتحاد العام للعمال في عدن، ومثل الاتحاد في المؤتمرات العربية والدولية.
درس الحقوق في مصر، ثم أوفد إلى جانب زميليه: يحيى جغمان، ومحمد الرعدي إلى فرنسا، وترجم كتاب الدكتورة الفرنسية كلوديا فايان، ثم قطعت عنهم المنحة؛ فرجع العيني إلى مصر، ومنذ الخمسينات نشط الأستاذ في الحركة النقابية العمالية التي أصبح ممثلاً لها في المحافل العربية والدولية، كما ارتبط بعلاقات مع الأحرار، إضافة إلى انتمائه لحزب البعث.
في الأسابيع الأولى للثورة أصبح العيني وزيرًا للخارجية، وألقى كلمة الجمهورية العربية اليمنية في الأمم المتحدة، واحتل مقعد الجمهورية في الأمم المتحدة فيما بعد.
شكل أكثر من وزارة، وبعد انقلاب الـ 5 من نوفمبر 1967 قدم الاستقالة تحت ضغط الحصار على صنعاء لصالح الفريق حسن العمري. وصل الى الحديدة وألقى محاضرة عن الحصار، والمخاطر المحدقة بالثورة والجمهورية، وكان شديد التفاؤل بالانتصار.
ابتعد باكرًا عن البعث بعد الثورة، وصارح الزعيم جمال عبد الناصر بذلك، ولكنه ظل وفيًا للعلاقة مع الاتجاهات الحديثة، واختلف مع الزبيري- جماعة "حزب الله، ومع "المشايخ" المجمهرين المنشقين، وكان الأستاذ محسن يميز موقفه؛ فكان الأقرب للاتجاهات المدنية الحديثة؛ ومن هنا الحملة ضده من قبل كبار المشايخ، وكبار الضباط.
للأستاذ دور مجيد في اتفاقية القاهرة 72، وفي الدعوة للحوار بين الشمال والجنوب، ورفض الحرب، خصوصًا حرب 1972، وكان استبعاده من رئاسة الوزراء لهذا السبب، ورغم اعتدال موقفه إلى الآن موقف السعودية منه كان معاديًا؛ لرفضه اتجاهات الحرب والعسكرة.
كتابه معارك ومؤامرات ضد قضية اليمن، وترجم كتاب كنت طبيبة في اليمن، وكتابه المهم " خمسون عاما في الرمال المتحركة "، و كان الأستاذ الجليل محسن أحمد العيني في طليعة الداعين إلى الجمهورية، إلى جانب شباب الاتحاد اليمني في النصف الثاني من خمسينيات القرن الماضي: محمد أحمد نعمان ذو الانتماء البعثي والنقابي العمالي حينها، وصالح عبده الدحان، وعبد الرحمن عبد الله، وشعلان، وعلي الأحمدي- رئيس الاتحاد اليمني حينها، ومحمد علي الاكوع و محمد علي الأسودي، وعلي محمد عبده.
وقد ظل للأستاذ حضور مائز وكبير في المؤتمر القومي العربي، ويدعم أنشطته، كما ظل أيضًا ذا حضور في الدعوات للسلام في بلاده اليمن وعربيًا.
كان الاستاذ محسن العيني من القيادات العربية والعالمية البارزة، نظيف اليد، نقي الضمير، زاهدًا في المغانم، وعلى جانب من النزاهة والنظافة والطهر إلى جانب مواقفه الوطنية والقومية، وفقدانه خسارة لليمن والأمة العربية والانسانية.
فرحم الله الفقيد الكبير والاستاذ الجليل محسن احمد العيني والعزاء لأهله وأسرته الكريمة"..
من مؤلفاته:
المصادر: