كلمات: د. سعيد الشيباني
لحن: أحمد بن أحمد قاسم
غناء: أحمد بن أحمد قاسم
منصة خيوط
ثلاث أغانٍ كتب كلماتها الدكتور سعيد الشيباني، اشتهرت بصوت الفنان أحمد بن أحمد قاسم، هي: "حقول البن"، "اليوم يا الله اليوم دائم"، "من العدين يا الله". وهذه الأغاني ظهرت مباشرة بعد مرحلة التعاون السابقة التي ربطت الشيباني بالفنان المرشدي، حين غنّى له "يا نجم يا سامر"، و"يا طير يا رمادي"، "شعبي ثار اليوم". كان التنافس في هذه المرحلة على أشدّه بين المرشدي وقاسم، واستدعت من قاسم أن يخرج من قالبه العدني الصرف إلى مساحات أوسع، وهي التلحين والغناء لنصوص من عمق اللهجة الريفية لتعز، من أجل الوصول إلى جمهور أوسع في مدينة عدن وخارجها، لهذا غنّى للجابري أغنيته الذائعة "عدن، عدن"، ولعبده عثمان محمد "يا حلو يا اخضر اللون"، قبل أن يغنّي لاحقًا لعثمان أبو ماهر وآخرين.
وتبقى أغنية "من العدين يا الله" من الأغاني الباذخة في مسيرة الفنان قاسم والشاعر الشيباني، ولم تزل تُسمع بكثيرٍ من البهجة عبر أجيال متعاقبة منذ ولادتها مطلع الستينيات.
تقول كلماتها:
من العدين يا الله بريح جلاب
وإلا سحاب تُندي علومَ الاحباب
الناس رقُود وانَا الفرَاش يجُول بِي
قلبِي احترق لَمُو العذاب وربِّي
ولا لقيت أهلي ولا محبي
ريح الصبا بالله عليك تهبي
* *
بالله عليك يا ذا القمر تقول له
إن ضاق علو داره قلبي محلّه
على الطريق أمانتك تدلّه
يرجع يُسقّي البن ويجني فُلّه
* *
من ذا يقول يا رب مو جرى له
داره خِرِب والحقل جفّ مساله
أمانتك إذا جزَعت قباله
تخبِّره عن حوله وعن نباله
* * *
عن الفنان
يروي حسين محمد السفاري في كتاب "حياة تُمَلِّحُها الحكايات"، أنّه تزاملَ مع أحمد بن أحمد قاسم، في مدرسة بازرعة الخيرية مطلع الخمسينيات، وأنّ أستاذ الموسيقى في المدرسة -الفنان الكبير يحيى مكي- اكتشف موهبته باكرًا، فبدأ الأخذ بيده، بل وسعى لاحقًا لحصوله على منحة لدراسة الموسيقى في (الجمهورية العربية المتحدة)، كأول فنّان شابّ يحظى بهذا الاهتمام، ويقال إنّ الفنّان فريد الأطرش -أثناء زيارته الشهيرة لعدن في العام 1956- لعب دورًا مهمًّا في هذا الابتعاث، بعد أن سمعه يعزف ويغنّي، ضمن صفوف الندوة الموسيقية العدنية أثناء زيارته الشهيرة لعدن في العام 1956، وأنّه حينما كان طالبًا في القاهرة، شارك عازفًا في أكثر من مرة، في فرقة فريد الأطرش.
أكمل دراسته في العام 1960، وعاد إلى عدن برؤى تجديدية للموسيقى، وإدخال آلات حديثة لم تكن مستخدمة في عدن، مثل: الجيتار والأكورديون، ومعه سيصير اللون العدني في الغناء بروافده ومؤثراته المتعددة حاضرًا بقوة.
يقول الفنان والناقد الموسيقيّ عصام خليدي، عنه:
"صاحب أفضال موسيقية متعددة وكثيرة، ورائدٌ رفع على كاهله مهمّة النهوض بالموسيقى والغناء اليمني، ذلك بتأسيسه أشكالًا موسيقية مبتكرة جديدة، حملت على جنباتها عمقًا وبعدًا موسيقيًّا. ذو دلالات ورؤى لم يسبقه فيها أحد، حيث يتضح ويتجلى ذلك باهتمامه وإعطائه الجانب الموسيقيّ دورًا هامًّا استطاع به ومن خلاله أن ينمّي الأذن اليمنية، ويرتقي بالذائقة الموسيقية والإحساس بقيمتها التعبيرية عند المستمع اليمني".
شكّل أول فرقة موسيقية حملت اسم (فرقة أحمد قاسم التجديدية) خارج الندوة الموسيقية العدنية، وشكّل فريقًا من الفنّانات الشابات وقتها من ثلاث فتيات -صباح منصر، ورجاء باسودان، وأم الخير عجمي- أسماه بـ(فريق الثلاثي اللطيف)، في نفس الفترة التي ظهر فيها فريق آخر باسم (الثلاثي اللامع) في الشيخ عثمان، برعاية الفنان سعيد عبدالله الشعوي، من المطربات: نادية عبدالله، ومنيرة شمسان، وأسمهان عبدالعزيز.
شكّل مع لطفي جعفر أمان ثنائيًّا مؤثّرًا، نقلا فيها الأغنية في مدينة عدن إلى مصافّ الريادة التجديدية، لكنّه غنَّى لشعراء كثيرين، ومنهم: محمد عبده غانم، سعيد الشيباني، علي محمد لقمان، أحمد شريف الرفاعي، أحمد الجابري، عبدالله عبدالكريم، عبده عثمان محمد، فريد بركات. وغيرهم.
تُوفِّيَ، في حادث سير في 1993 بذمار، عن خمس وخمسين عامًا.
عن الشاعر
وُلد الشاعر سعيد الشيباني في العام 1939. في طفولته كان يُقوم برعي الأغنام وحراسة الحقول الزراعية من القرود والثعالب والجراد و"الجُدم"، وتعلمَ مبادئ الكتابة والقراءة وقراءة القرآن على يد أحد فقهاء القرية، ثم انتقل إلى مدينة عدن، وتحديدًا منطقة التواهي في العام 1949، حيث كان والده يمتلك مخبازة بالقرب من جامع الهتاري، وتعلم الخط والحساب والعلوم والنحو والبلاغة من فقهاء الجامع، ومبادئ اللغة الإنجليزية من الأستاذ علي عبدالكريم الشيباني في نادي الاتحاد بالطويلة. وأكمل تعليمه المتوسط في المدرسة الأهلية في التواهي، بعد أن تعذر التحاقه بأيٍّ من مدارس المستعمرة الإنكليزية، حين كانت ترفض استقبال التلاميذ غير المنتمين لمدينة عدن أو المولودين فيها.
في عام 1953، تحصَّل على منحة إلى القاهرة بواسطة الاتحاد اليمني ضمن 12 طالبًا من أنحاء اليمن، منهم: أحمد الشجني، وعبدالوهاب عبدالباري، وفتح الأسودي، وقائد محمد ثابت، وفيصل الأصنج، وعلي عبدالله الأغبري، وهي إجمالي المنح التي تحصل عليها الشيخ عبدالله علي الحكيمي شخصيًّا من الرئيس جمال عبدالناصر، إبان رئاسته للاتحاد، وقبل وفاته بعام.
حين أكمل دراسته الثانوية في العام 58، التحق بجامعة القاهرة، حيث أنهى دراسة التجارة في قسم المحاسبة، وأتبع البكالوريوس بدبلوم الإدارة العامة من ذات الكلية في العام 1963.
وخلال هذه الفترة صار اسمًا شعريًّا معروفًا، تغنّى بنصوصه الشعرية الغنائية العديد من الفنانين، منهم: محمد مرشد ناجي، وأحمد قاسم، وفرسان خليفة، وأذاعت له "صوت العرب"، التي استمر يتعاون معها أكثر من عامين، بين 61 و63، عشرات القصائد، بعضها وجد طريقه إلى حناجر الفنانين الكبار، وعلى رأسها النصوص التي تغنت بالثورة والأرض والإنسان.
وأول نص غنائي له هو الذي لحنه وأدّاه الفنان الكبير محمد مرشد ناجي، والمعنون: "يا نجم يا سامر". ولتلحين وغناء النص قصةٌ يرويها الشاعر نفسه، إذ يقول: "أتممت كتابته في العام 58، وسلمته للفنان أحمد السنيدار، الذي كان حينها زميلًا لنا في القاهرة، لكنه بعد أشهر أعاده لي ولم يلحنه، فأبقيته لديّ قرابة عام، ثم أرسلته للفنان المرشدي، الذي بدأ نجمه في الظهور حينها، عن طريق إذاعة عدن، ليظهر على المستمعين في العام 1961".