يأتي "البطيخ" في طليعة الفواكه المفضّلة في الكثير من مناطق محافظة لحج (جنوب اليمن)، بعد أن اهتدى لها كثيرٌ من المزارعين في محاولة لتحسين الدخل، بالأخص في شهر رمضان الذي يشهد ازدهار سوق "البطيخ"، إلى جانب كونه فرصة رائجة للاستثمار وكسب العيش، خصوصًا للمعلمين، بخلاف غيره من الشهور.
في منطقة الصريح التابعة إداريًّا لمديرية المضاربة بمحافظة لحج، تقع مزرعة عبده عيسى الحيراني، المعلم في مدرسة 22 مايو، والتي درج على بذرها بفاكهة البطيخ خلال الأربع السنوات الماضية، مستفيدًا من تجربة بعض الزملاء.
الأمر الذي حقّق له دخلًا مناسبًا وفائدة اقتصادية عوضته عن شح مرتبه الذي يتقاضاه من وزارة التربية والتعليم، والذي لا يلبّي احتياجاته المعيشية الضرورية، في ظلّ تضخم متصاعد، ورواتب لم تطرأ عليها أيّ زيادة، حيث أعادت الحكومة المعترف بها دوليًّا صرفها في مناطق سيطرتها منذ العام 2017.
أنهى عبده عيسى عملية بيع منتجه من مزرعته الذي بدأ تجهيزه في يناير الماضي، من أجل تسويقه في رمضان، من خلال بيعه على أحد الزبائن "وكيل تجاري"، الذي يشتري منه معظم الكمية المنتجة في الحقل، بمبلغ 5 ملايين ريال.
وتستقطب مثل هذه المناطق في محافظة لحج، العشرات من العملاء والوكلاء التجّاريين، حيث تنتشر الكثير من مزارع البطيخ في المنطقة، ليتم تصديرها إلى أسواق عدن والمحافظات الأخرى المجاورة.
بالرغم من تنوع مزارع البطيخ في مناطق الصبيحة بلحج وتوسعها، لم تتأثر حدة التسويق لفاكهة المنتج في شهر رمضان، حيث ينتشر الباعة والعديد من الشاحنات في الأسواق الشعبية والقرى لبيعها، وإن كان مزارعون يعتقدون أنّ تزايد المنتجين ساهم في تراجع أسعار "البطيخ" بشكل كبير.
ويرى متعاملون في الأسواق أنّ أسعار البطيخ مناسبة جدًّا ورخيصة، لكثرة العرض، الذي وفر خيارات عديدة أمام المواطنين، إذ تتراوح أسعارها بين 1000 و2000 ريال للبطيخة الواحدة بحسب وزنها.
الاستفادة من الفرص البديلة
يشعر عبده عيسى بالرضا إزاء ما حقّقه من بيع منتج البطيخ، والذي ساهم كثيرًا خلال الأعوام الماضية في ترتيب وضعه، وإن كان يرى أنّ زراعة وري ورعاية مثل هذه الفاكهة "البطيخ" بات مكلفًا للغاية، مع ارتفاع أسعار البذور والأسمدة التي تم شراؤها بالريال السعودي، إذ تكلف الكمية الواحدة نحو مليون و500 ألف ريال.
إضافة إلى ارتفاع أسعار الوقود، لا سيما للمزارعين من لا تتوفر لديهم منظومة شمسية، حيث يتجاوز سعر الصفيحة الواحدة 20 لترًا، 19 ألف ريال، في حين لا يكفي مبلغ 200 ألف ريال لتوفيرها واستخدامها لمدة أسبوع واحد.
في حين يرى شكري هواش، معلِّم، أنّ المنطقة تُزرع فيها أجود أنواع البطيخ على مستوى الصبيحة لوجود مزارع واسعة وكبيرة، ووقوعها في محيط "وادي عبل" الذي يفد من المناطق المجاورة التابعة لمحافظة تعز، وهو ما يؤدّي إلى خصوبة الأرض.
كان خيار زراعة البطيخ له كمعلم فرصة للحصول على المردود الأفضل بسبب المرتبات المحدودة، فضلًا عن عدم وجود فرص بديلة سوى الانتظار إلى رمضان، لتحقيق أعلى درجات الاستفادة من بيع هذا المنتج الذي يكثر استخدامه في هذا الشهر لتعويض حالة الجفاف أثناء الصيام.
جودة التسويق
بالرغم من تنوع مزارع البطيخ في مناطق الصبيحة بلحج وتوسعها، لم تتأثر حدة التسويق لفاكهة المنتج في شهر رمضان، حيث ينتشر الباعة والعديد من الشاحنات في الأسواق الشعبية والقرى لبيعها، وإن كان مزارعون يعتقدون أنّ تزايد المنتجين ساهم في تراجع أسعار "البطيخ" بشكل كبير.
يمتدح عبدالباسط المحبوب، بائع بطيخ، بضاعته التي يقوم يجلبها من مزارع منطقة "الصريح"، الذي يرى أنّه يختلف عن الأصناف المنتجة في المزارع الأخرى من حيث جودته ومذاقه بسبب مساحة الأرض التي يزرع فيها والعناية بها.
على مدى أيام رمضان، ينتقل المحبوب كل مساء ليأتي بفاكهة "البطيخ"، ويبيعه في أحد الأسواق الشعبية بمحافظة لحج، مشيرًا إلى أنّ الكمية التي يقوم ببيعها تصل إلى حوالي 1000 حبة كل ثلاثة أيام، لكن تظلّ هناك العديد من المخاوف التي تقلقهم كمزارعين مع هطول الأمطار وما تتسبّب به من سيول وفيضانات تؤدّي إلى إغراق وجرف المزارع، وإتلاف محصول "البطيخ".