يستمر وباء "الحصبة" الذي يغزو مناطق ومديريات محافظة أبين (جنوب اليمن) في حصد أرواح عشرات الأطفال، خاصة في مديرية لودر التي تعد أكثر مناطق المحافظة معاناة من انتشاره، في حين يُرجع مسؤول صحي سبب انتشار المرض بين أطفال المنطقة تحديدًا، إلى رفض بعض الأسر تطعيم أطفالها.
لا سيما في هذه الأيام الذي زادت فيها حدة انتشار المرض بشكل أكبر من أيّ وقتٍ مضى، في ظل عجز إدارة الصحة من القيام بدور فاعل للحدّ من انتشار المرض، كما وصف ذلك مواطنون تحدثوا لـ"خيوط".
ويكشف مصدر صحي في محافظة أبين عن ارتفاع حالات الإصابة والوفاة بمرض الحصبة في مختلف مديريات المحافظة الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًّا.
من جانبه، يشير مدير إدارة الترصد الوبائي في مكتب الصحة والسكان بمحافظة أبين، الدكتور سامح الجبل لـ"خيوط"، إلى أنّ عدد وفيات الأطفال بمرض الحصبة بالمناطق الواقعة في المحافظة بلغت 20 حالة وفاة، وسجلت 1321 حالة إصابة منذ منتصف العام الجاري 2023، متوزعة على مديريات: لودر (475) حالة إصابة و(10) حالات وفاة، ومودية (280) حالة إصابة و(8) حالات وفاة، وخنفر (280) حالة إصابة وحالة وفاة واحدة.
ويبين الجبل أنّ أكثر المديريات تسجيلًا لحالات الوفيات والإصابة، تركزت في مديريات المحافظة (لودر – مودية – خنفر)، الواقعة شرقي عاصمة المحافظة، لافتًا إلى أنّ جميع حالات الأطفال المتوفاة بوباء الحصبة، جميعها غير مُطعّمَة، وغير ملتزمة في تلقي اللقاح الروتيني، منوهًا بأن هناك ارتفاعًا كبيرًا مقارنة بالعام الماضي.
رعب الانتشار وتردي الخدمات
بحسب مصادر محلية، فإنّ عشرات الحالات تصل يوميًّا إلى المراكز الصحية لاستقبال أطفال مصابين بالحصبة من مختلف مناطق لودر ومناطق أخرى.
وأوضحت المصادر لـ"خيوط"، أنّ عددًا من الأطفال المصابين تُوفّوا في مناطقهم التابعة لمديرية لودر، الأمر الذي جعل عددًا من مواطني المديرية يُبدون خوفهم وقلقهم من وباء الحصبة الذي انتشر في المديرية بشكل مرعب وملفت وغير مسبوق، وباتوا يتخوفون من تحول المرض إلى وباء يفتك بالأطفال في المديرية التي تشهد تردّيًا كبيرًا في الوضع الصحي.
تكشف منظمة الصحة العالمية عن انتشار مرعب لعديدٍ من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، فقد سجل اليمن أكثر من 22,000 حالة إصابة بالحصبة في عام 2022، بما فيها 161 حالة وفاة. ومنذ عام 2023 حتى الآن، ارتفعت الحالات إلى 9,418 حالة، بما في ذلك وفاة 77 طفلًا.
مواطنون من مختلف قرى لودر وصفوا الخدمات الصحية بالمتردية في المديرية، ما أدّى إلى تفشي المرض وإصابة أبنائهم بالحصبة، الذين يتساقطون الواحد بعد الآخر، في ظل تقاعس جهات الاختصاص التي كان من المفترض بها أن تسارع إلى اتخاذ كافة التدابير وإنزال فرق تحصين وفرق توعية وإرشاد، إذ اضطر كثيرٌ من المواطنين المصابين بالمرض التوجه إلى مستشفى الصداقة بعدن لتلقي الرعاية الصحية المناسبة .
ويقول المواطن علي سالم، لـ"خيوط": "إنّ الزحف ما زال مستمرًّا من قبل فلذات أكبادنا من مختلف مناطق وقرى المديرية والمصابين بمرض الدفتيريا والحصبة إلى مستشفى الصداقة التعليمي بعدن، الدور الخامس"، في حين يؤكد المواطن جابر عبيد بالقول: "المرض يفتك بأطفالنا ويحصد أرواحهم دون أن نجد أيَّ تحركٍ من قبل الجهات المعنية بالمديرية والمحافظة لإيقافه.
وينتقد أهالي الأطفال المصابين بالحصبة صمتَ الجهات المعنية في المديرية والمحافظة والتي لم تحرك ساكنًا ولم تقم بواجبها الإنساني من خلال اتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لإيقاف زحف هذا الوباء الذي يواصل الفتك بأطفالهم، مشيرين في الوقت نفسه إلى أن تلك الجهات -وللأسف- تخلت عن واجبها المناط بها وتفرغت لخلق التبريرات والأعذار الواهية لتبرير عجزها وفشلها في مجابهة هذا المرض وتنفيذ الحملات التوعوية في المجتمع، والتي تصرف لها مبالغ بالعملة الصعبة (الدولار) من قبل المنظمات والجهات الدولية المانحة للقيام بهذا العمل.
مطالبين بالتحرك السريع إلى كل المناطق التي يتفشى فيها هذا المرض الفتاك، والقيام بدورها وعملها الإنساني من خلال الإمكانيات التي سخرت وخصصت لهذا العمل ولأوبئةٍ كهذه.
خطورة عدم التطعيم باللقاحات
في السياق، يؤكد محمد مزاحم- مدير إدارة الصحة والسكان بمديرية لودر، لـ"خيوط"، أنّ انتشار مرض الحصبة بين أطفال مناطق لودر، يأتي نتيجة رفض بعض الأسر تطعيم أطفالهم، مؤكدًا ضرورة القيام بحملات نزول ميدانية مكثفة للمناطق المصابة وتطعيم الأطفال.
تكشف منظمة الصحة العالمية عن انتشار مرعب لعديد من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، فقد سجل اليمن أكثر من 22,000 حالة إصابة بالحصبة في عام 2022، بما فيها 161 حالة وفاة. ومنذ عام 2023 حتى الآن، ارتفعت الحالات إلى 9,418 حالة، بما في ذلك وفاة 77 طفلًا. كما أنّ حالات الخناق والسعال الديكي مستمرة في الارتفاع، وكذلك الوفيات الناجمة عن كل مرض.
وفق مدير إدارة الترصد الوبائي، في مكتب الصحة بأبين، سامح الجبل، فإن انتشار حالات الحصبة في أبين، وانتشارها كوباء في العديد من المحافظات اليمنية، يأتي نتيجة مخلفات الحرب وزيادة معدلات سوء التغذية.
إضافة إلى تراجع عملية التطعيم في أوساط الأطفال وعدم الالتزام باللقاح الروتيني، وكذلك بعض الرافضين الذين يمنعون أطفالهم من أخذ اللقاح، خاصة في المناطق الريفية.
وكان مدير مكتب الصحة والسكان بمحافظة أبين، صالح الثرم، قد أكد في تصريحات صحفية أنّ المكتب يتابع الحالات المصابة باهتمام كبير، وكلف فريقًا لمتابعة الحالات المصابة بلودر، برفقة صحة لودر لتنفيذ حملات وتطعيم الأطفال المصابين، من أجل الحد من انتشار هذه الأمراض بين الأطفال، مشيرًا إلى أنّ أغلب الأطفال المصابين بأمراض الحصبة أو الدفتيريا هم من الأسر التي امتنعت عن تطعيم أطفالها بأعذار واهية.