اليمن "كارثة إنسانية من صنع الإنسان"!

أي يمن نريد؟
عبدالرحمن بجاش
December 13, 2020

اليمن "كارثة إنسانية من صنع الإنسان"!

أي يمن نريد؟
عبدالرحمن بجاش
December 13, 2020

  تلخيص مكثف لحال وحالة هذه البلاد، ومن صنع الإنسان اليمني الذي يفترض به بناء الأرض وتمكين الإنسان، فإذا بالشر ينتصر على الخير، ويحقق ما لم تحققه الطبيعة التي إن ثارت حممًا وبراكينَ وعواصف وزلازل، يأتِ الخير مدرارًا بعد كل كارثة، إذ ينهض الإنسان ويعيد بناء ما خربته ثورة الطبيعة. في حالتنا يلزم عشرات السنين لإعادة الإنسان الذي لا ناقة له ولا جمل في هذه الحرب سوى خراب ما حوله ودمار نفسه، وإغلاق باب الأمل في مستقبل تمناه.

    منظمة "مواطنة لحقوق الإنسان" وجه من وجوه النضال السلمي من أجل أن ينال الإنسان حقه في حياة كريمة، بعيدًا عن العسف والظلم وانتهاك حريته وإذلاله بحرمانه من حق الأمن والأمان واللقمة الكريمة. تعمل بكل ما أوتيت من قوة في سبيل التخفيف من آثار الكارثة، وبكل السبل القانونية والحقوقية، مهتدية بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكافة المواثيق الدولية المكرسة للإنسان وحقوقه؛ تحميه من الاعتقال، والسجن خارج القانون، والقهر، والظلم، والاخفاء، والإيذاء الجسدي ، ومنعه من التعبير عن رأيه بحرية، وممارسة حقوقه التي تكفلها الدساتير والقوانين. يقوم نشاطها عبر أكثر من مئة ناشط متطوع نصفهم في المركز والنصف الآخر في المحافظات، وأخيرًا دخلت المهرة وسقطرى على خط الانتهاكات بفضل التحالف.

    "نوثق، نساند، نؤثر"؛ عنوان منظومة ماذا نفعل وماذا نقدم؟

   حال "مواطنة" معنا كذلك الزميل العزيز، فقد عملت إبان توليت قيادة مؤسسة الثورة للصحافة على تكريم الأستاذ محمد الزرقة بعد وفاته بثمانية أعوام، وعملنا والزملاء على إحياء اسمه بحفل متواضع ومعرض للصور، وأطلقنا اسمه على قاعة الكمبيوتر في المؤسسة، وهو قرار لم يرَ النور، نتيجة للملابسات التي حدثت فيما بعد.

    زميل ألقى كلمة ممثلًا للنقابة، قال إن الحفل متواضع وكذا التكريم، ولا يصل إلى مستوى الأستاذ! عقبت عليه بالقول: وأين كنتم طوال كل هذه السنوات، من الذي منعكم من تكريمه كما تريد؟!

تخيلوا حجم المعاناة التي يعانيها من يرصد الانتهاكات التي يرتكبها كل طرف، خاصة مع غياب الوعي بالنداء العالمي والوثائق الدولية المرتبطة به، وتكون النظرة إليها قاصرة؛ فبأي لغة ستصل إلى ذهن من تخاطب؟

    منظمة مواطنة تقوم بعمل حقوقي مميز في ظل الظروف القاسية جدًّا المحيطة بها وأصحاب الحقوق المهدورة، فيأتي البعض ويمسح بجهدها الأرض: "ولا تعملوا حاجة"!

    اليمني لا يعجبه العجب، ويدخل إلى كل شيء من باب التشكيك دائمًا وأبدًا. تقول هذا مبنى من عشرة طوابق شيّدناه بعد عمل متواصل في ظل إمكانيات شحيحة وظروف محيطة قاهرة، فيأتي من يقول: لا، دعنا نخربه لنرى هل هو مبنى بالفعل ومن عشرة طوابق، فيسقط، ونعود "نطنن" كلنا! هذا ما حدث للوحدة اليمنية؛ إنجاز بحجم الجبال يُهدم في أيام لمجرد الشك والتشكيك!

    في ظروف قاهرة، هي التي نعيشها الآن، حيث تتنازع البلاد سلطات مختلفة من صعدة إلى المهرة، يكون على أي ممن يشتغل في مجالٍ يتطلب الاتصال فقط، بهذه السلطات، تخيلوا حجم المعاناة التي يعانيها من يرصد الانتهاكات التي يرتكبها كل طرف، خاصة مع غياب الوعي بالنداء العالمي والوثائق الدولية المرتبطة به، وتكون النظرة إليها قاصرة، فبأي لغة ستصل إلى ذهن من تخاطب؟ ناهيك عن أن كل سلطة تضعك تحت المجهر، في ظل إحساس بالمؤامرة، حيث ينظر إليك على أنك متعاطف مع بقية الأطراف، وهكذا.

    لست معنيًّا بمن سيقول إن الأمر مرتبط بعلاقة الصداقة القائمة مع القائمين على منظمة مواطنة، التي تعمل في ظل ظروف قاهرة كما أشرت، والتي استطاعت أن تظهر بمظهر يوحي بالثقة، وهذا ما قالته المنظمات الحقوقية في العالم التي تربطها بها علاقة إنسانية وحقوقية.

كيف نقوم بعملنا؟ هنا السؤال الأهم.

    بالملخص المفيد؛ إن هذه البلاد في هذه اللحظة يُختصر وصف حالها بـ:"كارثة إنسانية من صنع الإنسان".

    كيف نوقف الكارثة؟ هم في "مواطنة" يعملون بكل جهد على التخفيف من فِعلها وأثرها قدر الإمكان، وهنا يعتمد الأمر على ذوي الضحايا، ضحايا العنف بكل أنواعه، والانتهاكات بكل أشكالها. فالمنظمة لا تستطيع عمل شيء في ظل رغبة ذوي الضحية عدم التدخل، وكلما أتيحت لها الفرصة في ممارسة ما هو واجبها، فإنها لا تتوانى عن ذلك.

    كلُّ ما أشرت إليه غيض من فيض. والآن ما هو الطريق الوحيد الذي يفترض أن نسير فيه لننجو مما هو أسوأ؟

    إيقاف الحرب وإعادة لملمة متشظياتها من بشر وبنية تحتية، ومن ثم تطبيب الجروح، وبالتالي بدء عملية سياسية تعيد اليمن كله إلى السياق. ويبدو هذا صعبًا بكل المقاييس؛ نظرًا للحالة الكارثية التي نراها ماثلة، ولا يحتاج الأمر لمزيد من ذكاء لنعرف هذا.

    نشد على يد الفريق الكبير الذي ينجز كل يوم؛ ما يجعلنا نرفع أيدينا بالشكر والعرفان، ونطالب بالمزيد المتاح.

   الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان في مقر منظمة مواطنة، أشاع الدفء في القاعة الباردة جدًّا، والتي جعلت ياسين يصفها بـ"ثلاجة الغراسي". كل ما سمعناه ورأيناه حوّلها إلى مكان حميمي من دفئه قلنا ما نريد، وسمعنا ما يفيد.

    التحية لرضية المتوكل، التحية لعبدالرشيد الفقيه، التحية للشباب الذي يخاطر ليوثق ويساند ويؤثر، في ظل ظروف قد تودي بحياتهم، التحية لهم من علي إلى إيناس.



•••
عبدالرحمن بجاش

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English