كلمات: محمد سعد عبدالله
ألحان وغناء: محمد سعد عبدالله
منصة خيوط
للفنان الراحل محمد سعد عبدالله، الكثيرُ من الأغاني التي كتب كلماتها ولحّنها وغنّاها، ومنها أغنيته (محل ما يعجبك روح)، وهي مثل كل أغاني بن سعد، تحفر في العاطفي السهل والقريب من أذن جمهور الاستماع العريض في اليمن والمنطقة. الأغنية بأجواء الفراق والبعاد تعزف على أوتار قلوب العشاق لتبكيهم، لكنّها أيضًا تطربهم بمعمارها الإيقاعيّ الشَّجِن.
تقول كلمات الأغنية:
محل ما يعجبك روح مسكنك داخل الروح
باتعذَّب على شانك وباقول مسموح
محل ما يعجبك روح
بصبر عامجونك لأجل خاطر عيونك
با يتمّي فؤادي لك مدى العمر مفتوح
محل ما يعجبك روح
ما بغيناك تزعل مننا يا مُكحَّل
نفرح إلّا إذا شفناك سالي ومشروح
محل ما يعجبك روح
لا تخلي العواذل أو هواة المشاكل
فوق جرحي يخلونك تزيِّد لي جروح
محل ما يعجبك روح(1)
عن الفنّان الملحِّن الشاعر
من مواليد الحوطة عاصمة لحج، في العام 1938، وتُوفِّي في عدن في أبريل 2000، عُرف، إلى جانب كونه مطربًا وملحنًا، بأنه شاعر غنائيّ، أصدر في العام 1984 ديوانًا شعريًّا عنوانه "لهيب الشوق".
"شكّل حالة استثنائية في المدوّنة الموسيقية اليمنية، شعرًا وتلحينًا وغناءً متنوعًا، وهو تقريبًا ثاني اثنين أدّى أغانيه بجميع ألوان الغناء في اليمن (الصنعانيّ، اللَّحْجِيّ، الحضرميّ، اليافعيّ، العدنيّ) بعد الفنّان محمد مرشد ناجي، لكنه تميّز عن المرشدي بأنّه كتب كلمات الكثير من أغانيه التي صارت مع الوقت عنوانًا بارزًا في تاريخ الطرب اليمني المعاصر"(2).
يقول عنه الفنّان والباحث الموسيقيّ، عصام خليدي:
"إنّه صـاحب التـجربة الغــنائيــة المــوسـيقية (الاستثنائية والشاملة المغايرة) في مسار تاريخ الغناء اليمنيّ الحديث والمعاصر، فـنّـان استطاع الـتـألُّـق والـتـفـرُّد بتـجـاربـه وعطاءاته ونتاجاته الإبداعية التي تـجسّدت في مـعـايـشة ومـحاكـاة ومـلامسة هـموم ومـعانـاة وقـضايـا المجتمع اليمني، وارتبطت ارتباطًا وثيـقًا بـأدقّ تفاصيل حـياتـنا الـيومـية، روحـيًّا وعـاطـفيًّا ورومـانسـيًّا ووطـنـيًّا ووجـدانـيًّا. نجح بن سـعـد فـي تـحـقـيق حـالـة (التماس والتـوحـد) الفني/ الثقافي/ الوطني/ الاجتماعي/ الفكري والإبداعي، مع مختلف شرائح وفـئات وطبقات الشعب اليمني، فـترجم ذلك أشعارًا وألحانًا مضمّخة بأسمى وأعظم المشاعر والأحاسيس الإنسانية النابضة والعميقة التي قدّمها خلال مشواره الفنّي الزاخر والحافل والمتجدّد، فأمتعَ وأسعد عشّاق فنّه ومحبّيه من المستمعين المتذوّقين للغناء والطرب الراقي والأصيل في داخل الوطن وخارجه، ليؤسّـس مدرسة غنـائية مـوسـيقية (مستـقلة) استوعبت وأجادت ببراعة وإتقان كلَّ أنماط وأشكال الموروث الغنائيّ اليمنيّ الهائل والضخم، بل إنّه تجاوز ذلك باشتغالاته المبتكرة والمتميزة بالتعاطي والتعامل بأدواته الغنائية الموسيقية مع (الحداثة والتجديد) في الغناء اليمنيّ، ويمكنني القول إنّ الفنّان الكبير محمد سعد عبدالله، استطاع أن يُصبح (معجم الغناء اليمني بفنّ الأصالة والمعاصرة).
قدّم الفنّان محمد سعد عبدالله كلَّ ألوان الغناء اليمني: الصنعانيّ/ اليافعيّ/ الـعــدنيّ/ الحضرميّ/ اللَّحْجِيّ، بإجادة وبراعة واقتدار (شاعرًا وملحّنًا ومؤدّيًا من الطراز الأول).
قام في بداياته الأولى بتسجيل وتوثيق أغنيات خالدة، قدّمها لمجموعة من كبار شعراء الأغنية اليمنية، منهم الأساتذة: يـوسف مـهيوب سـلطان، د. مـحمـد عبده غانم، محـمد سعيد جرادة، لطفي جعفر أمان، إدريس حنبلة، علي أمان، علي عوض المغلس، وآخرون، حفرت في ذاكرة ووجدان وذائقة المستمع اليمني والعربي، إضافةً إلى النصوص الغنائية الجميلة التي صاغها لنفسه، كل هذه الأعمال المتميزة الأصيلة لم نـعـد نستمع إليها في أجهزة الإعلام اليمنية المختلفة منذ زمن بعيد تجاوز عشرات السـنـين، منها على سبيل المثال الأغاني التـالـيـة: "بـنـور جـمـالـك"، موشح "يا ساري البرق"، "من الهوى يا زين"، "يا ظبي من شمسان"، "سل فؤادي الحزين"، "ليش هذا الهجر"، "لما متى ما يستمع لي ما يجيب"، "بالغواني"، "يا ساحر عيون الناس"، "خاين.. يا خاين"، "ما له كذا طبعك"، "لا بكى ينفع"، "يعادوني"، "أنا وقلبي"، "قُل لي ليش الجفا"، "ما احلى السمر جنبك"... وغيرها من روائع الغناء اليمنيّ.
ساهم بن سعد بفعالية في تأسيس وإبراز ملامح وهُوية قوام وبنيان (الغناء العدني التجديدي الحديث)، ومن أبرز أعماله التي قدّمها، على سبيل المثال لا الحصر: "هاجري حبه"، "ما احلى السمر جنبك"، "أنا ما طيق"، "ردّوا حبيبي وروحي"، "بنور جمالك"، "جدّد أيام الصفاء"، "سلام لله يا قاسي"، "سلام كثير"، "لـيش هـذا الهجر"، "سل فؤادي الحزين"، "أنا أقدر أنساك"، "نظرة"، "مع النسيم لو مرّ"، "يا ظبي من شمسان"، "كلمة ولو جبر خاطر"، "يا طير يا ذا المُعلِّي"، "فتاة الريف"، "أعز الناس"، "ما له كدا طبعك"، "غيروك الناس"، "لهيب الـشـوق".
تـنـاول العديد من القوالب والأشكال الغنائية الموسيقية في أعماله ونتاجاته الإبداعية، أهمها المواضيع التالية: الأغـنيـة الوطـنيـة، الأغـنـية الـعـاطـفيـة، الأغــنيـة الرمــزية، والأغنية الموضوعـية، وغيرها من الاشتغالات الجادّة ذات الرؤى الإبداعية والإنسانية التي تعالج قضايا المجتمع وتبرز همومه وتطلعاته، فترجم ذلك ألحانًا وقصائد غنائية واكبت ودونت وحفظت أهم الأحداث والوقائع في تاريخ أمته"(2).
___________________________
(1) موسوعة شعر الغناء اليمني في القرن العشرين، دائرة التوجيه المعنوي، صنعاء، الطبعة الأولى 2005، الجزء التاسع، ص51.
(2) https://www.khuyut.com/blog/poet-singers
(3) ينظر: عصام خليدي. الفنان الكبير محمد سعد عبدالله، (معجم الغناء اليمني بفن الأصالة والمعاصر)، 1938م-2002م، عدن الغد لأربعاء، ٩ فبراير/ شباط ٢٠٢٢.