"مرايا الشوق"
أغنية ترسم طريق الحب الأطول
(خيوط)
كلمات: القرشي عبدالرحيم سلام
غناء: أمل كعدل
ألحان: أحمد بن غوذل
أغنية "مرايا الشوق" كتب كلماتها الشاعر الراحل القرشي عبدالرحيم سلام، وقام بتلحينها أحمد بن غوذل، حينما كان قائدًا للفرقة الوطنية للإنشاد في عدن في العام 1983، ثم سلّمها لعضوة الفرقة، الفنّانة الصاعدة أمل كعدل، صاحبة الصوت القوي، فكانت أول أغنية صريحة لها، بعيدًا عن مجموعة الإنشاد، أو تأدية أغاني الغير.
تقول كلمات الأغنية:
حبيبي في عيونك ذي مرايا الشوق تتنقّل
تتوّهني وتبهرني وترسم لي الطريق أطول
أعيش فيها وأمشيها من الأول
وياما في مرايا الشوق طوّفنا
نجوس العمر نحلّق فوق
ويا نار احرقي هذي المرايا الزرق
أغنّي الحبّ وأتأمّل
وكان قلبي معي يرحل
ورغم البعد
رغم النار والأشواق با نوصل
وبا نلقى - أكيد- الآتي من أيامنا أجمل
سلامتها عيونك من مرايا الشوق
سلامتها(1).
عن الشاعر
القرشي عبدالرحيم سلام (1936-1998)، واحد من شعراء الصف الأول في اليمن. ارتبط اسمه طويلًا بمجلة الحكمة كسكرتير لتحريرها لعقدين من الزمن منذ إعادة إصدارها الثاني في أبريل 1971، بواسطة الراحل عمر عبدالله الجاوي، وإلى جانب شعره الفصيح له الكثير من النصوص الغنائية الذائعة التي تغنّى بها فنّانون كثيرون، مثل: وادي العنب والبن والرياحين، يا ريم وادي شبام، سلامتك حبيبي سلامة، يا وارد الماء، مرايا الشوق.
قال عنه الراحل فريد بركات:
"أمّا على مستوى الكلمة الشعرية العامية (الغنائية)، فقد كان القرشي واحدًا من كبار فرسانها الذين لا يتجاوز عددهم في بلادنا اليمن كلها عدد أصابع اليدين على أكثر تقدير، إذ إنّ معظم الذين يحاولون كتابة الشعر العامي (الغنائي) لا يتقنون تقنياته وحرفياته الخاصة، ويخلطون كثيرًا بين المفردة الفصيحة والعامية... إلخ، وهي قضايا فنية لم يقع في فخها، قطّ، القرشي عبدالرحيم سلام، الشاعر المطبوع والمثقّف والكاتب الرائد البارز، الذي سيظلّ أحد الأعمدة اليمنية البارزة في حياتنا الأدبية والفكرية والثقافية المعاصرة"(2).
من دواوينه الشعرية: السماء تمطر نصرًا، صلاة التراب (مسرح شعري)، إيقاعات قداس معيني، شرفة الأحلام، تراتيل سبئية، مرايا الشوق (شعر غنائي).
عن الفنانة
تبقى الفنّانة أمل كعدل، واحدةً من أهم أصوات الغناء النسوي في تاريخ اليمن. صمودها القوي لأكثر من خمسة عقود يجعل منها مكافحة كبرى، عملت على إيصال رسالتها العظيمة في أقسى الظروف في جنوب اليمن وشماله. أمر الاهتمام بها وهي اليوم على فراش المرض، واجبٌ أخلاقيّ ووطنيّ من قبل المؤسسة الرسمية، وقبل ذلك من قطاعات المجتمع المختلفة التي أطربتها وعبّرت عنها أمل لسنوات طويلة.
تقول الفنّانة أمل أنّها من أسرة ذات جذور فلاحية فقيرة وقاسية، وكانت لها جدة مكافحة تنفق على أربع أسر، وكانت هذه الجدة منذ المساء تقوم بعجن المقصص الحالي (فطائر معجونة بالماء، من الدقيق والبيض والسكر، وتنضج بالزيت، ويسمى أيضًا بالخمير)، ثم تصحو في الثانية بعد منتصف الليل لتحضيره، ثم تُنهِض حفيدتها أمل، التي لم يكن يتجاوز عمرها الخامسة، وتحملها زنبيل المقصقص لإيصاله إلى (مقهى القميري) بالقرب من مكتب مأمور الشيخ عثمان (الشوكي) قبل خروج المصلين من المساجد، وتجلس جوار بائعي الخمير لبيع محصول الجدة حتى السادسة قبل أن تعود للبيت، وبقيت تقوم بهذه المهمة حتى دخولها المدرسة وهي في السابعة من العمر.
شهدت المدرسة الابتدائية في الشيخ عثمان منطلق مشورها الفنّي، حينما كانت تقلّد أصوات الفنّانين في حفلات المدرسة، قبل أن يقدّمها الإذاعي الراحل علوي السقاف في برنامج المواهب في تلفزيون عدن، وغنّت فيها أغنية المرشدي المعروفة (دار الفلك دار)(*).
وحين صارت طالبة في الثانوية قدّمها الإعلامي الراحل عبدالقادر خضر، في برنامج مسابقات كان يحكِّم فيه الفنّان الراحل محمد سعد عبدالله وسعيد عولقي وآخرون، حيث غنّت في البرنامج أغنيتين من ألحان الفنّان أنور مصلح، هما "أهل الهوى" و"مش لوحدك"، وقد اختيرت كأفضل صوت واعد حينها.
اختارها بعد ذلك الموسيقار الكبير أحمد قاسم لمشاركته دويتو أغنية "الوحدة اليمنية"، وقدّمها للجمهور بذات كيفية تقديمه لصباح منصر ورجاء باسودان وأم الخير عجمي، أوائل الستينيات في فريق أطلق عليه (فريق الثلاثي اللطيف)، بموازاة فريق آخر تشكّل في مدينة الشيخ عثمان برعاية من الفنّان سعيد عبدالله الشعوي، وأطلق عليه اسم (الثلاثي اللامع)، وتكوّن من الفنّانات الشابات نادية عبدالله، أسمهان عبدالعزيز، ومنيرة شمسان.
اشتركت أمل كعدل في بداية حضورها مع الراحل الكبير محمد مرشد ناجي في أداء أغنية "بامعك"، وهي التي أطلقتها في عالم الغناء بصوتٍ شابٍّ قويٍّ متعافٍ. (بامعك بامعك يا حبيبي وخلِّي/ بامعك بامعك نارك ولا جنة أهلي/ شلني يا حبيبي إلى حيث باتظلي/ حطني وسط ثوبك طير بي وعلِّي/ فك قلبك لقلبي يا حَسيِن القِبالي/ اسقني المر من كاسك وباقول حالي).
لتأتي بعدها مرحلة معهد الفنون وتكوين الفرق الفنية، لتصير أمل كعدل واحدة من الأصوات الأساسية والرائدة في فرقة إنشاد عدن، التي شكّلتها وزارة الثقافة، إلى جانب فرقة وزارة الداخلية التي كانت تعمل فيها الفنّانة، وكانت الفرقة الأخيرة تستقطب العديد من الفنّانين المعروفين للتعاون معها في إنجاح الحفلات في المناسبات الوطنية والأعياد الموسمية، كما تقول.
لعبت أمّها، ذات الجذور اللحجية، دور المدرسة الأولى في تحبيبها بالفنّ والطرب، حين كانت تشدو أمامها بعديدٍ من الأغاني والألحان الشعبية المشهورة أثناء مزاولتها لأعمال المنزل، لكن تبقى أغنية "مرايا الشوق" التي كتب كلماتها الشاعر الراحل القرشي عبدالرحيم سلام، ولحّنها الموسيقار أحمد بن غوذل، أهمَّ أغنية صريحة لها، بعيدًا عن الإنشاد الجماعي الذي كانت تقدّمه مع الفرقة الرئيسية(3).
_____________________________________________-