صدر كتاب (بنية الخطاب في سيرة الملك سيف بن ذي يزن)، للدكتور خالد يحيى الأهدل في أغسطس الماضي عن دار عناوين بوكس في القاهرة.
الكتاب في أصله أطروحةٌ علميّة نال بها الباحث درجة الدكتوراة من كلية الآداب جامعة صنعاء، في العام الجامعي ٢٠١٣/٢٠١٤، بإشراف الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح.
والكِتاب في طبيعته مقاربة سردية لنص شفهي ملحمي هو (سيرة الملك سيف بن ذي يزن) الشعبية، السيرة التي لاقت رواجًا شعبيًّا وانتشرت في كل الحواضر العربية والإسلامية خلال العصور الوسطى وإلى منتصف القرن العشرين المنصرم تقريبًا.
ويقع الكتاب في مئتَي صفحة تقريبًا، وتتوزع مادته على مدخل وثلاثة فصول، إضافة إلى مقدمة وخاتمة.
أما المدخل –ويحمل عنوان: "سيف بن ذي يزن بين التاريخ والخيال الشعبي"– فقد كرسه الكاتب لمناقشة قضية الوجود التاريخي لهذه الشخصية الإشكالية التي لم تتفق حولها كتب التاريخ، وقد وصل الكاتب إلى نتيجة مفادُها أنّ سيف بن ذي يزن -(واسم ذي يزن: عامر) الجدّ الأعلى للفرع اليزنيّ- ليس هو مُحرِّر اليمن من الأحباش، فقد كان معاصرًا لأسعد تُبّع، وسابِقًا تاريخيًّا على الوجود الحبشي الأخير في اليمن، وأنّ البطل التاريخيّ هو الحفيد الأدنى لسيف، واسمه سيف بن النعمان بن عفير الأوسط بن زرعة، وقد قاد أبوه المقاومةَ الشعبية ضد الأحباش بعد انتحار يوسف أسأر (ذو نواس).
أما سيف بن ذي يزن بطلُ السيرة الشعبية، فهو:
شخصية وهمية انتزعته المخيلة الشعبية من سياقه التاريخي والزمني في القرن السادس الميلادي، لتجعل منه بطلًا قوميًّا يواجه ملك الحبشة سيف أرعد الذي عاش في القرن الرابع عشر الميلادي، وقاد حربًا ضد المماليك في مصر، وهدّد بقطع جريان نهر النيل عن مصر.
أمّا الفصل الأول، فقد تمحور حول الرؤية السردية في نص السيرة الشعبية، فناقش قضايا مثل أنواع الرواة وتجلياتهم، ومستويات السرد في السيرة، وتعدّد المروي لهم...إلخ.
وكرّس الكاتبُ الفصلَ الثاني لدراسة الصيغة السردية، حيث تطرق إلى الحديث عن خطاب الراوي وخطاب الشخصيات، وتنوّع وتعدّد الخطابات في السيرة، كالخطاب الشعري وخطاب الرسائل وخطاب التقارير الإخبارية وخطاب النبوءات، كما ناقش الفصل قضية التعدّد اللساني في السيرة، من خلال التنوع اللهجي والتفاعل النصي...إلخ.
أمّا الفصل الثالث والأخير، فقد قاربَ من خلاله الكاتبُ موضوعَ الزمن في السيرة، كالترتيب الزمني، والتواتر السردي، وسرعة السرد.
وانتهى الكتاب بخاتمةٍ لخّص من خلالها الكاتبُ النتائجَ التي توصلت إليها دراسته.