كدمة يروب تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة الغيضة بمحافظة المهرة، على بُعد نحو 30 كيلو مترًا، وهي مستوطنة أثرية قديمة تعود إلى العصر الحديدي، وتنتشر في هذه المواقع بعض الرسوم الصخرية التي تمثل مناظر صيد وغيرها من المخربشات الصخرية التي رسمت باللون الأحمر والتي يعود تاريخها إلى العصر البرونزي الذي يمتد في الفترة من 2500 – 1000 سنة قبل الميلاد، وأبعاد هذا الموقع (400×200) متر.
كما تنتشر على سطحه أيضًا شقف من خزف البورسلين الصيني الذي يعود تاريخه إلى القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين.
كان من الطبيعي أن يتأثر الخزفيّون في المناطق المجاورة بشكل كبير، بالمعايير الصينية المتقدمة في التصميم والتقنية، وأصبح لهذا التداخل تأثيرٌ مثمر نتج عنه ثراء وحيوية للطرز الأصلية. صناعة الخزف المتقدمة في الصين لا تنتمي إلى ثقافة ما قبل التاريخ التي تفتقد القيم الجمالية ولا علاقة لها بالتطور التكنولوجي التالي. والتحسين في عمليات الإنتاج ووضوح الشكل هي أهم ما ميّز الطراز الصيني في الخزف. أنشأ التطور التدريجي في الإنتاج، الجليز، مهارات الحريق، إنتاجًا دقيقًا للغاية. وبالتالي حتى وقت أسرة تانج (٧-١٠م) أصبح الخزف ينافس المعادن الثمينة. هذا التطور المتقدم وصل إلى قمة مؤثرة في الإنتاج التالي من أواني بورسلان أسرة سانج (١٠-١٣م)، والتي في رأي كثير من النقاد، لمست قمة الفن.
بدأ البورسلان يأخذ مكانه الحديث بين أشكال الخزف، مستبعدًا أنواع الخزف الأخرى وذلك لثرائه، والتنوع في الشكل والتصميم. أواني خزف مينج وشينج (١٤-١٧م)، (١٧-٢٠م) اعتمدت أساسًا على الخامات القياسية نسبيًّا.
بنهاية القرن الثامن عشر -أيضًا- أصبحت الصادرات الصينية من الخزف تُصمّم وتزخرف تبعًا للاحتياجات الأوروبية. موجات متوازية متكررة من التأثير جاءت لتترك بصمتها على الخزف الإسلامي في الشرق الأدنى.
ويعد (الشرق الأدنى) منافسًا للصين في البراعة الفنية. كذلك وُجدت بعض الآثار، التي تدل على التجارة إلى اليابان، والهند الصينية، وأرخبيل جنوب شرق آسيا، ثم إلى الغرب إلى الهند وأراضي العرب، حتى إلى الجنوب إلى الساحل الشرقي في أفريقيا.
وعلى شاطئ يروب إلى الشرق من المستوطنة الأثرية القديمة توجد مستوطنة أثرية أخرى، يعود تاريخها أيضًا إلى العصر الحديدي، كما أنّ هذا الشاطئ قد استُخدم هذا الميناء قديمًا كإحدى محطات الطرق البحرية من "سمهرم"، إلى "ميناء قنا".
وكان يطلق عليه الأهالي اسم "خور جربون"، ثم استمر استخدام الميناء في الفترة الإسلامية حتى القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين، وتوجد بقايا خزف البورسلين الصيني المنتشر في المستوطنة؛ مما يدل على النشاط الواسع للميناء الذي كان يستقبل البضائع التجارية الخارجية، وكان أيضًا يصدّر من خلاله اللبان إلى الخارج في فترة ما قبل الإسلام، ويتميز هذا الشاطئ عن غيره بوجود أعداد كبيرة من طيور النوارس الجميلة، خاصة تلك النوارس التي تحل في الشاطئ قادمةً من البصرة بالعراق التي تصل إليه خلال فصل الربيع من كل عام.
تقع محافظة المهرة إلى الشرق من العاصمة صنعاء، ويطلق عليها تسمية البوابة الشرقية لليمن، وتبعد عن العاصمة بحدود (1318) كيلو مترًا، يحدّها من الشمال صحراء الربع الخالي، ومن الشرق سلطنة عُمان الشقيقة، ومن الجنوب خليج القمر والبحر العربي، ومن الغرب محافظة حضرموت، ويشكّل سكانها ما نسبته (0.5%) من إجمالي سكان الجمهورية، ولذلك فهي تعد أقل المحافظات من حيث عدد السكان، وعدد مديرياتها (9) مديريات، ومدينة الغيضة مركز المحافظة. وتعد الزراعة وتربية الثروة الحيوانية وصيد الأسماك، أهم الأنشطة الرئيسة التي يمارسها سكان المحافظة، حيث يزرع فيها العديد من المحاصيل الزراعية، من أهمها الخضروات. كما تقع المحافظة على شريط ساحلي طويل يصل إلى (500) كيلو متر، غنيّ بالأسماك والأحياء البحرية. ويوجد في أراضي المهرة موارد طبيعية وإمكانات اقتصادية متنوعة، إذ تشير المؤشرات الأولية إلى وجود بعض المعادن، من أهمها الذهب والرخام والجرانيت والرمال السوداء، وتشتهر محافظة المهرة بأشجار اللبان وصناعة البخور، ونشاط تجاري متميز كونها الشريان الرئيس لتجارة اليمن مع بعض دول الخليج العربي، ويشكل ميناء نشطون حركة تجارية في صيد وتصدير الأسماك. ومن معالمها السياحية محمية حوف.
المصدر: