أثارت ولادة "أحمد" قلق والدته وأسرته الذين قرروا عرضه على طبيب متخصص بعد معاناته من "صفار" شديد في عينيه وجسده، حيث تم إجراء الفحوصات الضرورية والروتينية لمعرفة سبب الصفار للمولود ونسبته ومدى خطورته على طفل حديث الولادة.
أظهرت النتائج، بحسب الطبيب ناصر الفقيه- اختصاصي أطفال وحديثي الولادة، الذي قام بتشخيص حالة أحمد، أنّ "الصفار" الذي يعاني منه، نتيجة عدم تطابق الدم بينه وبين والدته، حيث إنّ فصيلة المولود +B، بينما فصيلة دم والدته +O.
على ضوء الفحص، تم إخضاع هذا الطفل للعلاج الضوئي مع استمرار الرضاعة الطبيعية من الأم، بعد أن تم وضعه بالحضانة، ليظل تحت متابعة الطبيب الذي يُشرف على علاجه، غير أنّ الاستجابة لتخفيض نسبة الصفار كانت بطيئة وضعيفة؛ لعدم توقف تكسر الدم، وفق حديث هذا الطبيب لـ"خيوط"، وهي حالة نادرة من مضاعفات عدم تطابق دم الأم والمولود، استدعى ذلك إدخاله إلى قسم عناية المواليد المكثفة، وإجراء فحوصات وتحاليل أكثر للحفاظ عليه من مضاعفات فقر الدم الحادّ والاطمئنان على صحته، حيث كانت هناك نتائج إيجابية في خفض نسبة الدم إلى حد الخطورة المهدّد لحياة المولود بعد أن تم نقل كمية من الدم للمولود أحمد، ومن ثمّ تجنب إجراء أي تغيير أو تبديل للدم؛ بهدف السيطرة على تكسُّر الدم وإيقافه وإنقاذ حياة المولود الذي بدأ يتعافى من الصفار وعودة نسبة الدم إلى الحالة الطبيعية مع مواصلة العلاج ومتابعة حالته التي استمرت أسابيع.
يعاني العديد من الأطفال من الاصفرار المرضي الذي يجهل وجوده العديد من الأُسَر، إذ إنّ هناك أنواعًا عديدة للاصفرار؛ منها ما يظهر بشكل مبكر خلال أقل من 24 ساعة من ولادة الطفل، حيث بالإمكان أنّ يصاب المولود بتكسر خلايا الدم أو عدوى قبل الولادة، كمرض داء القطط والحصبة، في حين قد يصاب بمتلازمة "كريغلر نجار".
مرض شائع
يعتبر "صفار المواليد" من أكثر الأمراض شيوعًا بين الأطفال حديثي الولادة، وهو تراكم المادة الصفراء (البيلوربين) في الدم؛ مما يؤدي إلى اصفرار الجلد والعينين. ولصفار المواليد مسميات أخرى، مثل: (اليرقان، الصفار، اليرقان الوليدي).
يؤكّد الدكتور ناصر الفقيه، أنّ ما يؤدي إلى تكسر دم المولود هو اختلاف فصائل الدم عند الأم والجنين، فمثلًا عندما تحمل الأم فصيلة (+O) والطفل فصيلة دم أخرى (+B) أو (+A) يؤدي ذلك إلى فقر دم مع ارتفاع نسبة الصفار في المولود، ويتم ملاحظة ذلك في اليوم الأول للمولود.
بحسب دراسات وأبحاث طبية؛ يبدأ ظهور الاصفرار الطبيعي من اليوم الثاني، وتزداد نسبة الصفار تدريجيًّا حتى تصل إلى الذروة بعد أسبوعين من الولادة، ثم تبدأ في الاختفاء أثناء الأسبوع الثالث.
مسببات الاصفرار
يُرجع أطباء سببَ حدوث "الاصفرار الطبيعي" إلى تأخّر عمل الكبد في التخلص من المادة الصفراء بالدم، بينما الطفل الذي يعاني من "الاصفرار الطبيعي" لا تظهر عليه أية أعراض مرَضية، ويكون بصحة جيدة وعملية الرضاعة تكون طبيعية.
يوضّح الدكتور حسين بشيري، اختصاصي مساعد طب الأطفال، في حديثه لـ"خيوط"، أنّ الصفار يحصل نتيجة تراكم المادة الصفراء (البيلوروبين) في الدم، ويؤدّي ذلك إلى حدوث اصفرار العينين والجلد عند المواليد، وقد تظهر عندما تتكسر كريات الدم الحمراء القديمة، حيث يتم استبدالها بكريات الدم الحمراء الجديدة؛ لأنّ المادة الصفراء تترشح في الكبد وتخرج من الجسم عن طريق البراز.
يضيف بشيري: "في الحالات المتقدمة من الصفار يتم العلاج بالضوء، أما علاج الصفار الخفيف فيكون عن طريق التعرض لأشعة الشمس الطبيعية .عند عدم اكتمال نمو الكبد، يصبح المواليد أكثر عرضة للاصفرار، ومن ثمّ لا يمكنه التخلص من المادة الصفراء الموجودة فيهم".
على ضوء ذلك، يشرح بشيري بالقول: "إنّ الجنين في رحم والدته يقوم كبده بالتخلص من المادة الصفراء بعد أن تقوم المشيمة بالتخلص منها، وبذلك يحتاج الجنين بعض الوقت ليكتمل نموه بشكل كامل، والتخلص من المادة الصفراء الموجودة، حيث إن نسبة وجودها في الجسم من المفترض أن يزيد على (200 ميكرومول/ لتر)، وقد تظهر في بعض المواليد الذين لا تتعدى أعمارهم أكثر من أسبوع، وغالبًا ما تختفي خلال أسبوعين فقط من ولادتهم".
علامات مقلقة
يعاني العديد من الأطفال من الاصفرار المرَضي الذي يجهل وجوده العديد من الأسَر، غير مدركين طبيعته، وما هي أنواعه ومسبباته، حيث تتذكر "أم ملاك" أنّ طفلتها الأولى تعرّضت للاصفرار وتهاونت بلون بشرتها وعيونها لعدم معرفتها بالمرض، وتقول لـ"خيوط": "لاحظتُ تغير لون ملاك عن بقية الأطفال، لكن لم أعرضها على الطبيب إلى أن رأتها جارتي وأخبرتني أنّه يجب فحصها والتأكّد من صحتها، وهو ما تم القيام به، واكتشفنا أنّها مصابة بالتهاب الكبد الذي جعل لونها أصفر، وقد وصف لها الطبيب المختص أدوية لمعالجة الالتهاب".
يتحدث الطبيب بشيري في هذا الجانب، بالإشارة إلى أنّ "الاصفرار" أنواع عديدة؛ منها ما يظهر بشكل مبكر خلال أقل من 24 ساعة من ولادة الطفل، حيث بالإمكان أن يصاب المولود بتكسر خلايا الدم أو عدوى قبل الولادة، كمرض داء القطط والحصبة، في حين قد يصاب بمتلازمة "كريغلر نجار".
في بعض الحالات، يستمر "الصفار" فترة طويلة بسبب بطء عمل الغدة الدرقية، والعدوى، كالتهاب المسالك البولية والتهاب الكبد الوليدي، ومشاكل في القناة الصفراوية وغيرها، إذ يشدّد بشيري على ضرورة توقف الأسَر عن إعطاء المولود العلاجات العشوائية أو المنزلية العشبية دون استشارة الطبيب المختص .
أول علامة الاصفرار لدى المواليد، تتمثل في اصفرار جلد الطفل والعينين منذ اليوم الأول (الصفار المرَضي)، وقد توجد علامات عديدة إلى جانب الجلد، إذ يوضّح بشيري، أنّ الصفار الطبيعي أو الفسيولوجي تبدأ علاماته بزيادة صفار جلد المولود، وصعوبة إيقاظه من النوم، وملاحظة وزنه الثابت الذي لا يزيد، وكذا ارتفاع نبرة صراخه عند البكاء، ورفضه في أوقات كثيرة الرضاعة أو حتى تناقص عددها.
يختفي الاصفرار من المواليد خلال أسبوعين بدون أدوية، فقط يحتاج المولود للمتابعة في أول خمسة أيام من بعد الولادة. في المقابل، يتفق أطباء على أنه في حال ظهور النتائج التحليلية لطفل ولديه نسبة عالية من المادة الصفراء ويقدّر بأنها أكثر من (200 ميكرومول/ لتر)، هنا يتم معالجته بحسب مستوى الاصفرار.
يضيف بشيري أنّ هناك عوامل خطورة للمولود، يجب على ضوئها زيارة الطبيب المختص، ومنها: سوء تغذية المولود في الأيام الأولى من ولادته، وإصابة المولود أثناء الولادة بكدمات مختلفة في جسده، إضافة إلى وجود اختلاف فصيلة الدم بين المولود والأم، وقد تظهر الخطورة الأكثر عند إصابة الأم بمرض السكري. وبذلك عندما يستمر الاصفرار في المولود أكثر من ثلاثة إلى أربعة أسابيع، فإنه يعرض المولود لخطورة الإصابة بالشلل الدماغي والتلف بكل أنواعه والصمم وغيرها، كما يؤكّد الدكتور بشيري.
الرضاعة الطبيعية
في أغلب الحالات، يختفي الاصفرار من المواليد خلال أسبوعين بدون أدوية، فقط يحتاج المولود للمتابعة في أول خمسة أيام من بعد الولادة مباشرة، وأيضًا متابعته من خلال الرضاعة الطبيعية.
ويتفق كلٌّ من بشيري والفقيه، على أنه في حال ظهور النتائج التحليلية لطفل ولديه نسبة عالية من المادة الصفراء ويقدر بأنها أكثر من (200 ميكرومول/ لتر)، هنا يتم معالجته إما من خلال الضوء الذي يعمل على كسر المادة الصفراء الموجودة لديه في الجلد والعينين أو بتغيير الدم إذا كانت الحالة شديدة الخطورة في المولود.
في السياق، تقول منظمة الصحة العالمية، إنّ التهاب الكبد هو الاسم الشائع لجميع أمراض التهابات الكبد. وينجم التهاب الكبد غالبًا، عن فيروس من عدة أنواع من الفيروسات. وتختلف هذه الفيروسات في طرق انتقال العدوى بها، وأشكال الأمراض التي تسببها. ويمكن لالتهابات الكبد الفيروسي أن تحدث بدون ملاحظة إذا لم تؤدِّ إلى ظهور أعراض. ويمكن، في بعض المرضى، أن يسبّب مرضًا يتراوح بين مرض خفيف ومرض شديد الوطأة. وتشمل أعراض التهاب الكبد –بغض النظر عن السبب– اليرقان (اصفرار الجلد واصفرار بياض العينين)، والضعف، والغثيان والقيء، والحمى وفقدان الشهية.
وتؤكّد أنّ الأشخاص المصابين بعدوى التهاب الكبد قد يكونون "لا أعراضيين" أو "أعراضيين"، وفي كلتا الحالتين يمكن أن ينقلوا المرض إلى الآخرين. الأشخاص المصابون بالتهاب الكبد، غالبًا ما تحصل لهم أعراض، مثل اصفرار الجلد والعينين (اليرقان)، والحمى، والغثيان، والقيء، وفقد الشهية، وألم البطن (على الجانب الأيمن العلوي)، وتغوط ذي لون أغمق، وبول داكن اللون.
بالمقابل، تشير "الصحة العالمية" إلى فيروس التهاب الكبد A الذي ينتقل عن طريق تناول طعام أو شراب ملوث ببراز أشخاص مصابين بالعدوى. وتحدث سراية منقولة بالدم لفيروس التهاب الكبد A، لكنها أقل شيوعًا بكثير، بينما فيروسات التهاب الكبد B و Cتسري من شخص إلى شخص عن طريق الدم أو سوائل الجسم الأخرى. كما ينتشر فيروس التهاب الكبد B من الأم إلى الطفل عند الولادة أو من شخص إلى شخص في مرحلة الطفولة المبكرة.