1842- 1905م
ولد الشاعر جابر رزق في قرية القابل بوادي ظهر، وعاش في مدينة صنعاء والحديدة التي توفي بها. وهو وشاح وشاعر مشهور. كان كثير التنقل بين بلده، ومدينة صنعاء؛ وذلك لمزاولة الغناء والإنشاد مصطحبًا معه آلة القنبوس التي كان استخدامها ممنوعًا بسبب الفتاوى التي أطلقها بعض العلماء. ولما دخل الأتراك العثمانيون مدينة صنعاء عام 1872 تزايد نشاطه الفني بسبب تسامحهم مع الآلات الموسيقية؛ فظل يردد الموشحات اليمنية، ثم انتقل إلى مدينة الحديدة، فالتقى أحد علمائها؛ فنصحه التخلي عن آلة القنبوس والاكتفاء بالإنشاد.
للشيخ جابر رزق بصمات واضحة في الفن اليمني، وخاصة في جلسات الإنشاد، وقد انتشرت أناشيده داخل اليمن وخارجها؛ فتغنى بها عدد من المطربين اليمنيين والعرب.
يحتل الشيخ جابر مكانةً مرموقة في ميدان الغناء التقليدي اليمني، حيث تدل إنجازاته الموسيقية على طول باعه في ساحة الإبداع الغنائي، وقد ظل من الناحية الإيقاعية محافظًا على الضروب التقليدية اليمنية نفسها، كما أنه من الناحية النغمية ظل متمسكًا بالمنظومة المقامية للغناء التقليدي اليمني.
كما أن اللافت للنظر أن بعض أعماله تضمنت ضروبًا تقليدية عربية، بالإضافة إلى أن البعض الآخر منها خضعت موازينها لمعالجات خاصة وضعت جابر رزق في صف متقدم جدًا في ميدان الإبداع.
الغناء
يذكر الأستاذ المرحوم عبد الله الرديني في مقدمته التحقيقية لديوان الشيخ جابر رزق "زهر البستان في مخترع الغريب من الألحان" بأن جابر رزق كان كثير التنقل بين قرية القابل بوادي ضهْر (مسقط رأسه)، وذلك لمزاولة الغناء، وكان هذا قبل الاحتلال التركي لصنعاء عام 1289هــ – 1872 م؛ مما يدل على أن موهبة الشيخ جابر رزق جاءت في سن مبكرة، ويشير الأستاذ الرديني إلى أن جابر رزق كان يمارس الإنشاد، بمصاحبة آلة القنبوس اليمنية إلا أن أسرته لم تكن راضية عن ذلك لأسباب تتعلق بالتعصب الاجتماعي والديني المذهبي في ذلك الوقت.
وعلى هذا يكون تعلم الشيخ لهذه الآلة مغامرة كبيرة لا يبررها إلا حبه للموسيقى، وبعد الاحتلال التركي لصنعاء تزايد نشاطه، خاصة أن الأتراك أشاعوا حالة من التسامح الديني تجاه الموسيقى، كما أن الشيخ جابر ظل فقط مرددًا للموشحات اليمنية شأنه شأن أنداده ممن كانوا يزاولون الغناء كالشيخ سعد عبد الله على سبيل المثال، ولم يشق طريقه الخاص إلا بعد انتقاله إلى الحديدة التي وصل إليها، وقد تجمعت في وجدانه أهم العناصر اللازمة لإنتاج فني جديد.
الإنشاد
كان ما ينقص الشيخ جابر هو الدفقة الانفعالية المحركة لعملية الإبداع، وهو الأمر الذي حصل أثناء لقائه بأحد العلماء الذي توجه له ناصحًا بعدم استعمال آلة القنبوس، والاكتفاء بالإنشاد، داعيًا المولى عز وجل أن يكون له معينًا في قرض الشعر ونسج الألحان، ومن هنا بدأ الشيخ جابر رزق يغوص في عالم الابداع شعرًا ونغمًا وأداءً.
تميز إنتاج الشيخ جابر رزق بجملة من الخصائص:
والشيخ جابر أكد بتلك الاستخدامات صوته الخاص النابع من كيانه الداخلي، وجسد عمليًا مشروعه الإبداعي الذي توطد كحلقة أساسية في سلسلة تاريخ غنائنا التقليدي، ويكفي أن المنشدين اليمنين حتى اليوم مافتئوا يرددون إنتاجه الغنائي الغزير، وما ذلك الا لإدراكهم بأن لأعماله مفعولها الخاص في نفوس اليمنيين، وربما يكون لهذه الأعمال التأثير نفسه على المستوى العربي لو أُحسن تقديمها كمادة ثقافية يُعنى فيها بالمحافظة على تفاصيل مضمونها الجمالي.
من مؤلفاته:
من شعره
فرج الهم يافارج الغم
منك فضلاً بفضل المثاني
بالنبي الختام المعظم
أشرف الرسل قاصي وداني
رب نسألك بالإسم الأعظم
اكفنا شر عيب الزمان
واغفر الذنب يارب وارحم
أنت حسبي وعفوك أماني
وله أيضًا:
الهوى سرهُ ليس يكتمْ
إنما لا تلوموا لساني
ما أحسن السكر من خمرة الفم
والِشفا في شفاه الغواني
كلُّ خمرٍ علينا محرمْ
غير خمر العقيق اليماني
والذي عندنا طاب للشم
ما زها من ربا ورد غاني
المصادر: