دفعت الأزمة الاقتصادية التي تشهدها اليمن والظروف المعيشية المتدهورة اليمنيين، وخصوصًا النساء، للبحث عن مصادر دخل بديلة من خلال المشاريع الخاصة بمختلف مستوياتها الصغيرة والمتوسطة.
منى علي البحسني إحدى النساء اليمنيات اللواتي أصررن أن يتغلبن على العوائق المجتمعية والاقتصادية والمرض الذي فاجأها، لتعمل على تأسيس مشروعها الخاص بإمكانيات بسيطة، لتقدم نموذجًا ملهمًا للنساء اليمنيات أن بإمكانهن تحدي أي عائق.
منى صاحبة مشروع الطباعة الغذائية على الجاتوهات، حيث تعمل طابعات الطعام على مبدأ أجهزة الطباعة التقليدية، ولكن مع اختلاف استخدام الأصباغ الصالحة للأكل والآمنة لصحة الإنسان بدلًا من حبر الكتابة.
وهي طريقة شائعة الاستخدام في تصميم أشكال جميلة للحلويات حيث يمكن اختيار أي نمط ونقله إلى ملف تعريف الارتباط أو الفطائر "الكعك" لتدعم الخراطيش المعاد تعبِئتها، إذ تتم الطباعة على ورق سكر أو شوكولاتة.
فكرة المشروع
عانت منى قبل بدء مشروعها مطلع العام الحالي من مرض نقص الصفائح المناعية (itP) منعها من الحركة وممارسة عملها في التدريس، وهو ما أدّى إلى إصابتها بنوبة اكتئاب جعلتها تفكر في عمل يخرجها من هذه الوضعية المرضية والنفسية الصعبة، خاصة أنها تحب الحركة والعمل.
تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة تحديات ومعوقات عديدة في ظل ظروف الحرب الراهنة والحصار الاقتصادي المفروض على اليمن وأزمة انهيار العملة وتوسع فوارق الصرف بين طرفي الحرب الحكومة المعترف بها دوليًّا وأنصار الله (الحوثيين).
تقول منى لـ"خيوط"، إنها شاركت في دورة تدريبية عبر الإنترنت خاصة في تحضير وإعداد الحلويات (الجاتو)، وخلال دراستها لاحظت نقص ومحدودية وجود الطابعات الغذائية في السوق اليمنية وكثرة الطلب عليهن لطباعة الصور على الجاتوهات.
تضيف أنها فكرت في إنشاء مشروعها، خصوصًا أن العمل سيكون من المنزل ولن تبذل فيه جهودًا حركية كثيرة؛ كون مرضها يمنعها من الحركة.
بدأت منى بالبحث عن الطابعة الغذائية، والتي تفاجأت بعدم توفرها في اليمن، ووجدتها بعد البحث في الإنترنت تباع في السوق السعودية، لكن العائق الذي واجهها تمثل في عدم قدرتها على جلبها إلى اليمن بسبب ظروف الحرب الراهنة في البلاد وإغلاق المنافذ وعدم القدرة على الشراء من السوق الخارجية.
بعد فترة من المحاولة، استعانت منى بأقارب لها مقيمين في السعودية، وفروا لها الطابعة بعد ما أرسلت لهم تكلفتها التي وصلت إلى نحو 1700 ريال سعودي (حوالي مليون ريال يمني بسعر الصرف في صنعاء، و2 مليون و550 ألف ريال يمني بسعر الصرف في عدن).
تحكي منى بالقول: "كنت متحمسة جدًّا لوصولها والعمل عليها، لكن أصبت بخيبة أمل عندما وصلت الطابعة ولم أستطع تشغيلها، وبعد جهود حثيثة وتواصل مع الشركة الخاصة التي تبيعها في السوق السعودية استطعت تشغيلها وبدء العمل عليها".
مكافحة الفقر والبطالة
دشنت منى مشروعها بالتوازي مع تنفيذ حملة تسويق لمنتجاتها من الحلويات وتقديم أفكار ومقترحات تلهم الكثير من طالبي العمل، خصوصًا من النساء، وتقديم نموذج ورسالة لعدم اليأس، وأن بإمكان البعض التغلب على وضعيتهم المعيشية الصعبة ومكافحة الفقر والبطالة بمثل هذه المشاريع، والتي تحظى منتجاتها باهتمام ورواج كبير لدى المستهلكين في الأسواق.
تؤكد منى أنها عملت على نقل تجربتها لنساء وفتيات في المنطقة التي تسكن فيها بالعاصمة صنعاء، وشرح خبرتها في التصميم كونها درست "جرافكس"، وباستطاعتها التصميم والطباعة على "الجاتوهات"، ولاقت الفكرة رواجًا كبيرًا وازدهر عملها، وقيامها بشراء طابعة أخرى تدعم ورق الشكولاتة.
تحديات
تواجه المشاريع الصغيرة والمتوسطة تحديات ومعوقات عديدة في ظل ظروف الحرب الراهنة والحصار الاقتصادي المفروض على اليمن وأزمة انهيار العملة وتوسع فوارق الصرف بين طرفي الحرب الحكومة المعترف بها دوليًّا وأنصار الله (الحوثيين).
تقول منى إنها تواجه مشكلة كبيرة في توفير الآلات والمواد التي تحتاجها في عملها لعدم توفرها بالسوق اليمني، مثل أحبار الطابعة الغذائية غير المتوفرة في البلاد، إضافة إلى تدني جودة الإنترنت في اليمن كون الطابعة إلكترونية، كذلك الترويج والتعامل مع الزبائن غالبًا ما يكون عبر السوشال ميديا، إضافة إلى ارتفاع أسعار الورق الغذائية، حيث يصل سعر الورقة الواحدة إلى نحو 24 ألف ريال يمني.
في ختام حديثها، توجه منى نصيحة للنساء اليمنيات اللواتي يمتلكن الشغف بالعمل، أن عليهن مواجهة أي ظروف صعبة تقف أمامهن في سوق العمل والإقدام على مشاريعهن الخاصة بإصرار وتحدٍّ، وعدم اليأس؛ فالعمل ليس تحقيق مورد مالي فقط بل تحقيق ذات المرأة وقيمتها.