يمنيات يساهمن في الإعالة والتنمية

مشاريع صغيرة ملهمة
منار صلاح
December 24, 2021

يمنيات يساهمن في الإعالة والتنمية

مشاريع صغيرة ملهمة
منار صلاح
December 24, 2021

تسبّبت الحرب الدائرة منذ مارس/ آذار 2015 بحرمان كثير من الأسر من مصادر دخلها، وهو ما فاقم من وضع كثير من الأسر، خاصة بعد توقف رواتب الموظفين منذ سنة 2016، ما دفع كثيرًا من النساء إلى الخروج لسوق العمل بحثًا عن مصدر دخل يساعدهن في التخفيف من الوضع المأساوي لأسرهن. الجدير بالذكر أن إقدام النساء على دخول عالم الأعمال، لا سيما الحرة والمشاريع الصغيرة، كان ضئيلًا جدًّا إلى ما قبل اندلاع الحرب، لكن الوضع تغير اليوم وأصبحت النساء يُدرْنَ مشاريع خاصة كثيرة.

في بداية سنة 2017، افتتحت غادة علي مشروعها الخاص في صنعاء، وعملت على استقطاب النساء من الطبقات الفقيرة والمعدمة من أجل توفير فرصة عمل مناسبة لهن، تقول غادة في حديثها لـ"خيوط": "كنت أملك مبلغًا لا بأس به من المال، وفكرت في بداية الأمر بأن أساعد بعض النساء بقدر استطاعتي، فكانت فكرة إنشاء مخبز نسائي، فكرة ممكنة، وتوفر لمجموعة، ولو بسيطة، فرصة عمل ودخلًا يساعدهن على إعالة أسرهن".

في تلك الفترة لجأت كثير من النساء إلى إنشاء مشاريع خاصة بهن، لكن تحديد مجال المشروع المختلف عن الجميع كان هو الشيء الصعب؛ لذا فقد اختارت غادة المخبز كمشروع مختلف من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه شيء لا يحتاج لخبرة ومهارة معقدة، إذ إن كثيرًا من النساء تجيد الخبازة .

الخبز البلدي 

تشير غادة إلى أن المخبز متخصص بصناعة أنواع مختلفة من الخبز البلدي المصنوع في البيوت اليمنية، باستخدام محاصيل وحبوب محلية الإنتاج، التي تلقى إقبالًا واسعًا من قبل المستهلكين اليمنيين.

ارتفاع أسعار الحبوب في الفترة الأخيرة يشكل عائقًا كبيرًا أمام المخابز وتحديدًا الصغيرة منها، مهددًا باستمرارية العديد منها، إذ أصبح سعر الكيس الحبوب فئة الخمسين كيلوجرامًا حوالي 19 ألف ريال، مقارنةً بسعره في السنوات المنصرمة التي لم تكن تتجاوز الـ9 آلاف ريال


يعمل مخبز غادة بطاقم نسائي خالص مكون من 10 نساء، يعملن طوال فترة اليوم، بفترة دوام تبدأ من الصباح وحتى قُبيل المغرب، ويحظين بخصوصية كاملة أثناء القيام بعملهن دون الحاجة لوجود رجال. 

يقدم المخبز كميات كبيرة ومتنوعة من الخبز والكيك مختلفة الأنواع والأحجام باستخدام حبوب الذرة الحمراء والبيضاء والشامية والدخن وغيرها، وتباع كميات كبيرة من المخبز يوميًّا بأسعار مناسبة مقارنة بالخبز العادي، إضافة إلى الفوائد الصحية والتكلفة الأقل التي تجعل من المخبز مشروعًا منافسًا وقادرًا على الإسهام في تنمية الاعتماد على المحاصيل والإنتاج المحلي.

مشاريع كثيرة

بعد أن توقف راتب (أشواق محمد)، مدرِّسة في إحدى المدارس الحكومية، نهاية سنة 2016، اضطرت إلى بيع ما كان لديها من مجوهرات وتدشين مشروعها الخاص بقيمتهن، تقول أشواق في حديث لـ"خيوط": "حصلت على دعم من أهلي وبعض الصديقات، وقمت بعدها باستئجار محل صغير في منطقة سعوان، كنت أصنع أنواع الخبز المختلفة في المنزل مع بعض الصديقات، ومن ثَمّ أعرضه للبيع في هذا المحل".

تستطرد أشواق قائلةً: "في البداية لقى مشروعي رواجًا كبيرًا، إلا إن الإقبال عليه بدأ يتراجع في الفترة الأخيرة، بسبب كثرة المشاريع المنافسة".

تلقى أشواق صعوبة كبيرة في الحصول على مادة الغاز بشكل منتظم، إذ تلجأ في معظم الأحيان إلى شرائها من السوق السوداء بأسعار باهظة، وتشكو من عدم إدراج مخبزها ومخابز نسوية صغيرة كثيرة ضمن قوائم نقابة المخابز والمطاعم التي يتم توزيع أسطوانات الغاز لها من قبل الجهات المعنية بشكل شبه منتظم.

كما تشير أشواق إلى أن ارتفاع أسعار الحبوب في الفترة الأخيرة يشكل عائقًا كبيرًا أمام المخابز وتحديدًا الصغيرة منها، مهدّدًا باستمرارية العديد منها، إذ أصبح سعر الكيس الحبوب فئة الخمسين كيلو جرامًا حوالي 19 ألف ريال، مقارنةً بسعره في السنوات المنصرمة التي لم تكن تتجاوز الـ9 آلاف ريال، مؤكدةً أن ارتفاع أسعار الحبوب يجعل كثيرًا من المخابز تضطر إلى خلط حبوب الذرة بالقمح، ما يعني استخدام منتجات خارجية أقل كلفة من أجل الربح، وهو ما يجعل الخبز يفقد مذاقه ذات الخصوصية المحلية.

زراعة الحبوب

من جهته يقول صالح الآنسي، تاجر حبوب، لـ"خيوط" إن أسعار الحبوب هذه الأيام مرتفع في السوق، بسبب انتهاء وقت الحصاد والدخول في فصل الشتاء، مشيرًا إلى أن أسعار الحبوب وقت الحصاد في نهاية فصل الصيف تكون رخيصة ومناسبة -موسميّ فقط - لكن كثيرًا من المزارعين والتجار يلجؤون إلى تخزين الحبوب واحتكارها من أجل بيعها في فصل الشتاء بأسعار مرتفعة، وهذا ما يتسبب بارتفاع الأسعار بين الفينة والأخرى حتى أثناء فترة الموسم السنوي، ويؤكد الآنسي على ضرورة وجود هيئة حكومية تضبط هذا التلاعب وتتحكم بالسوق من أجل إيقاف أي عمليات استغلال ومحاسبة من يقوم بهذا التلاعب.

ويرى المزارع محمد قحطان أن زراعة أنواع الحبوب المختلفة موسمي -أي مرهون بموسم الأمطار فقط- وذلك بسبب قلة المياه في أماكن كثيرة، كما أن ارتفاع أسعار مادة الديزل حال دون قدرة المزارعين على استخراج المياه من الآبار والأرتوازات، ويشير قحطان في حديث لـ"خيوط" إلى أن تدهور الاقتصاد المحلي وعدم وجود ثقافة مجتمعية بأهمية الزراعة والدعم اللازم من قبل الجهات المعنية يشكل أهم عائق في تنمية المحاصيل الزراعية، والزراعة بشكل عام.


•••
منار صلاح

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English