بعد روايتها "فيما بعد"، التي أصدرتها في 2021، أصدرت الكاتبة ذكريات عقلان مؤخرًا، مجموعةً قصصية بعنوان "على فكرة" تتكون من 11 نصًّا، تقع في 90 صفحة من القطع المتوسط، تم إنتاجها وطباعتها كجزء من مشروع المسودات في الأدراج، بتمويل من برنامج الشبكات الثقافية اليمنية التابع لمعهد (غوته) الألماني، في 5 أكتوبر 2023. تخوض المجموعة في موضوعات الغربة، والحب، وفرص العمل، وإدمان القات، والزواج.
في قراءته للنص الذي تعنونت به المجموعة، يقول الكاتب ثابت القوطاري:
"عند قراءتنا لنص (على فكرة) نجد أنفسنا أمام لغة اجتماعية متداولة، بعيدة عن التكلف، حافظت فيها القاصّة على سياقها التداولي، ولم تنقلها إلى سياق خاص، على اعتبار أنّ هذا النوع من الموضوعات يفرض نظامًا لغويًّا معينًا، من البيئة الاجتماعية الخاصة بالكاتب، تقول عنه القاصة أنه رسالة من عشرين حرفًا، صيغت بكلمات عادية، كل كلماتها كانت عادية" (ص77-79)، وتتطرق هذه القصة إلى عدة موضوعات: الحب والعلاقة بين حبيبين جمعتهما ظروف العمل، والرسائل، كما صورت طبيعة المرأة ونفسيتها في هذا الموضوع، كما أن الرجل هنا بدا نموذجًا اجتماعيًّا طبيعيًّا، أقرب ما يكون إلى الظرافة وخفة الدم والسخافة (ص90)، بعيدًا عن الحبيب المثالي القادم على حصانه الأبيض، بالإضافة إلى ما تساهم في إنتاجه وسائل التواصل الاجتماعي من علاقات أفقية بين أفراد المجتمع، يمكن التعبير عنها من خلالها بكلمات بسيطة وقصيرة، وعادية لكن "وقعها غير عادي بالمرة" (ص79).
في هذا النص، لجأت القاصّة إلى عدد من التقنيات الواضحة والبسيطة؛ أهمها المستوى اللغوي المتداول، الذي لم تخرج فيه عن سياقها الاجتماعي اليومي، بالإضافة إلى الوصف والتحليل لتلك الرسائل القصيرة، التي تأتيها عبر (الواتساب)، وقد تنبهت القاصة إلى خصائص هذا النوع من الرسائل، والمتمثل في: بساطة اللغة، وقلة الكلمات، وقصر العبارات والجمل. ومن التقنيات أيضًا الحوار بنوعيه: الداخلي والخارجي؛ الحوار الداخلي مع الذات لشخصية القصة، والتي كانت تجريه عند تلقيها الرسائل، تفصح من خلاله عن مكنون مشاعرها وعواطفها، والحوار الخارجي مع الحبيب عبر الرسائل أو الحديث المباشر، وفي كلا الحوارين تتوجه به القاصة للقارئ باعتباره شريكًا في صناعة النص، وعنصرًا مهمًّا من عناصر تكوينه، ونلاحظ أن الحدث يتصاعد ويقترب من نهايته وانفراجه، من خلال توالي الرسائل وارتفاع سقف المشاعر العاطفية فيها، بطريقة شخصيتي القصة التلقائية والمباشرة، وقد انقسمت النهاية إلى قسمين؛ الأولى كانت متوقعة، كلاسيكية، حيث يتوقعها القارئ، فأغلب قصص الحب في الموروث القصصي والروائي تنتهي بالفراق، وهذا ما اعتقدناه حين قاربنا من نهاية القصة، إلا أن القاصة فاجأتنا بنهاية أخرى غير متوقعة، وهي أن الحبيب قد تقدم لخطبة حبيبته، بذلك النوع من التلقائية والبساطة، والأسلوب الاستفزازي والظريف الذي انتهجه بطل القصة خلال تعبيره عن حبه لمحبوبته طوال هذا السرد.