كلمات: عبدالله عبدالوهاب نعمان (الفضول)
ألحان: عبدالباسط عبسي
غناء: عبدالباسط عبسي
لحّن وغنَّى الفنّان عبدالباسط العبسي، للشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان، عشرة نصوص غنائية منها: "من الضحى حتى قدوم الأصيل"، و"من مبسم الفجر"، و"طَعْمه قُبَل"، و"يا حبّ يا أرضي ويا سمائي"، و"هاتوا لقلبي كل طل الصباح"، و"بَرْدان بَرْدان"، و"يا حب يا ضوء القلوب البيض"، و"وداعة الله"، و"خطر قبالي والمليح يعرف"، و"حسنك لعب بالعقول".
يقول الفنّان عبدالباسط أنه كان جارًا للفضول بتعز منتصف السبعينيات، حينما كان موظفًا بمؤسسة المياه، وذات يوم أسمعه لحنًا جاهزًا أنتجه على كلمات لم ترق له، فأعاد الفضول كتابة كلمات "حسنك لعب بالعقول"، والتي لم تزل منذ قرابة خمسين عامًا تفعل فعلها الساحر بكل مستمع لها.
تقول كلمات الأغنية:
حسنك لعب بالعقول
وانا مرَوّح ضحيّةْ
عنَّك حديثي يطول
فاسمع حديثي شويَّةْ
شلّت ترابي السيول
وراح زرعي عشيّةْ
وأنا معك في ذهول
أمشي على حسن نيَّةْ
مدريش ماذا تقول
عيونك البابليّةْ
وأسمع رنين الحجول
مثل الأغاني الشجيّةْ
وحليتك عقد لول
وقامتك يافعيّةْ
وتحت نحرك حمول
فواكهه مستويةْ
تبقى بكل الفصول
ملآن صدرك طريةْ
هات الشهود العدول
شاقول آخر وصيَّةْ
شاموت ساكت خجول
وافوت من غير ديَّةْ(1)
عن الشاعر
من مواليد قرية ذبحان بالقرب من مدينة التربة، مركز مديرية الحجرية، في العام 1918، ووالده هو قائم مقام الحجرية، درس في زبيد وعلى يد ابن عمه الأستاذ أحمد محمد النعمان، والأستاذ محمد أحمد حيدرة في مدرسة ذبحان، وبعد عودة الأستاذ النعمان من مصر إلى تعز أوائل 1941، وانضمامه إلى طاقم ولي العهد، انتقل الفضول إلى تعز حيث عمل مدرسًا في المدرسة الأحمدية حتى العام 1944، حين التحق من جديد بابن عمه الذي فر إلى عدن، وكان معه من أوائل مؤسسي حزب الأحرار اليمنيين.
في عدن عمل معلمًا لمادة اللغة العربية في مدرسة بازرعة الخيرية، في منطقة العيدروس، ثم ترك التدريس في العام 1946، وعمل في صحيفة "صوت اليمن" الناطقة باسم الجمعية اليمنية الكبرى، التي بدأ منها كتابة المقالات الساخرة التي تتهكم على نظام الإمامة، بالإضافة إلى كتاباته السياسية في جريدة فتاة الجزيرة بتوقيع "يمنيّ بلا مأوى" وكتابة الشعر. وبعد فشل ثورة 1948 الدستورية، أصدر صحيفة الفضول لمدة خمسة أعوام، وإن بشكل غير منتظم، حتى أغلقتها الحكومة الاستعمارية بضغوط من حكومة الإمام.
انقطع عن الكتابة الصحافية، وعن كتابة الشعر لسنوات طويلة، حيث فضَّل الاشتغال بمهن حرة مختلفة، وبقي متنقلًا بين عدن وتعز وصنعاء، حتى العام 1966، حيث تم اعتقاله في سجن القلعة بصنعاء ضمن مجموعة من السياسيين المعارضين للتدخل المصري في الشؤون الداخلية، وبالتزامن مع الاعتقال الشهير للرموز السياسية اليمنية وحكومة حسين العمري في السجن الحربي بالقاهرة، ولم يتم الإفراج عنهم إلا بعد نكسة 1967.
في هذه الفترة تقريبًا عاود الفضول كتابة الشعر، بل وكتابة القصيدة الغنائية بشكل مكثف، بعد أن كانت بالنسبة له نوعًا التنفيس، على نحو قصيدة شبان القبيلة التي لحنها في وقت مبكر (1964) الفنان محمد مرشد ناجي، وغنتها الفنّانة فتحية الصغيرة، والفنان محمد صالح عزاني في وقت لاحق، وأغنية "رح لك بعيد" التي لحنها لمنى علي الفنان علي الآنسي، وغنتها مع أيوب طارش منتصف الستينيات(2).
بعد ذاك، شكّل ثنائيًّا مع الفنان أيوب طارش عبسي، فأنتجا معًا الكثير من الأغاني العاطفية والأناشيد الوطنية الخالدة، وعلى رأسها النشيد الوطني.
تُوفّي في 5 يوليو 1982، بتعز ودفن في مسقط رأسه بذبحان.
عن الفنان
وُلد الفنان عبدالباسط عبسي في قرية (الظَّهْر) في عزلة (الأَعْبوس) محافظة تعز. درس المرحلة الابتدائية في قريته، ثم انتقل إلى مدينة عَدَن، فدرس فيها عامًا واحدًا في معهد (النور) العلمي، ثم انتقل إلى مدينة الحُدَيْدة، وظلَّ يتنقّل بينها وبين مدينة تَعِز، حتى أكمل المرحلة الثَّانويّة.
عُيّن موظّفًا إداريًّا في البنك اليَمَنيّ للإنشاء والتعمير عام 1976، وبدأ يمارس فن الغناء منذ بداية سبعينيات القرن العشرين، واتّجه في أدائه الغنائي اتجاهًا شعبيًّا استحضر فيه الأجواء الاجتماعية لمحافظة تَعِز بالذات، فغنّى للراعية، وللمطر، ولمواسم الزِّراعة المختلفة، وللمغتربين، ونقد في كثير من أغانيه الظلمَ والإجحاف الذي يتعرّض له المزارع اليَمَنيّ، وبعض المظاهر الاجتماعية الخاطئة، مثل: غلاء المهور، والظلم الذي تتعرّض له المرأة اليَمَنيّة، ومزجَ في كثير من أغانيه بين هذه الألوان، وبين اللون العاطفي.
الأعمال الفنية
ومن أشهر أغانيه في هذا المجال أغنية (مسعود هجر)، وأغنية (يا خَضَبان وردك)، وأغنية (مظلوم معك)، وأغنية (وا قمري غرّد)، و(أمرّ الكؤوس)، ومن أشهر الشّعراء الذين كتبوا له النّصوص الغنائية في هذا المجال: الدكتور (سلطان الصريمي)، و(عبدالرّب المقطري)، و(أَحْمد الجابري)، و(مُحَمَّد عبدالباري الفتيح).
كما كتب له بعض النّصوص الغنائية ذات المنزع الرومانسي الشّاعر الكبير (عبدالله عبدالوهاب نعمان)، المعروف بـ(الفضول)، فبلغ بها عبدالباسط عبسي غاية من التطريب، وحسن الأداء.
ومن هذه الأغاني: (من الضحى حتى دنوِّ الأصيل)، و(من مبسم الفجر)، و(طعْمه قُبَل)، و(يا حبّ يا أرضي ويا سمائي)، و(هاتوا لقلبي كل ضوء الصباح)، و(بَرْدان، بَرْدان، أين الحب يدفيني).
على أنّ ذلك لم يمنعه من أداء أغاني اللونين: التِّهاميّ والصنعاني، فقد غنّى في هذا المجال عددًا من الأغاني، ولاقت قبولًا واسعًا لدى جمهور الغناء اليَمَنيّ. كوّن صاحب التّرجمة لنفسه جمهورًا عريضًا، وخاصة في أرياف وقرى محافظة تَعِز، وأصدر أكثر من ثلاثين شريط كاسيت، وسجّل للإذاعة والتلفزيون عددًا من أغانيه، ويعدّ مدرسة متميّزة من مدارس الغناء اليَمَنيّ في العصر الحديث، بخاصة أنّه قام بتلحين العدد الأكبر من أغانيه ألحانًا انتزعها من الموروث الشّعبي الغنائي، وجمع فيها بين الأصالة والتفرّد(3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
(1) ينظر: http://www.alfudhool.com/04_1.asp?id=34
(2) ينظر: كتاب من هنا مر الغناء دافئًا، شعراء ومطربون يمنيون، محمد عبدالوهاب الشيباني، منشورات مواعيد 2023.