إعادة ضبط مصنع إلى العصر "القروسطي"

عن بطولات أنصار الله ضد النساء
خيوط
April 19, 2022

إعادة ضبط مصنع إلى العصر "القروسطي"

عن بطولات أنصار الله ضد النساء
خيوط
April 19, 2022

مع عجزها الكامل في النظر إلى سكان الجمهورية اليمنية، باعتبارهم مواطنين، لا رعايا، ومع بقائها في حالة إنكار من أن مفهوم "جمهورية" يقتضي الديمقراطية ولو في حدّها الأدنى، تأتي لنا جماعة أنصار الله (الحوثيين) بين كل فترة وأخرى، ببطولات "غرائبية"، تعكس انسلاخها الكامل عن مقتضيات العصر الذي نعيش فيه.

في آخر براءة اختراع لهذه السلطة الذكورية، صمّم مسؤولوها الذين يفتقرون إلى أدنى شعور بالمسؤولية، استمارة "وصاية" تمنع المرأة من السفر إلا بموافقة من "ولي أمرها"، ما يعني فعليًا أن هؤلاء القادة يحاولون ضبط مصنع حياتنا إلى مرحلة ما قبل العصور القروسطية. لم نُفق بعدُ من فنتازيا تجريد المحلات من دمى المانيكان، وغزوات تخليص محلات "البوالط" من ربطات الخصور، وإجبار العاملات الأجانب على ارتداء الحجاب، لنصحو في شهر رمضان، على كرت الوصاية الذي يستبيح الحقوق والحريات.

على من "يضحك" هؤلاء؟! خرج الناس في 2011 لإصلاح نظام حكم بدت ممارساته النفعية خليطًا بين العلمانية والتحفظ، وبعد سقوطه ها هم يدخلون سنة ثامنة من الاقتتال. هل هناك من لا يزال يعتقد أن كل ذلك هو في سبيل تمكين الغوغاء من حياة الناس، وتفعيل العمل بالأحكام العرفية التي عفا عليها الزمان ومتطلباته. 

من المخجل، بعد كل تلك التضحيات والنضال، بعد كل سنوات التمدّن ومحاولة العصرنة، نجد أنفسنا في هذا الحضيض. أي خطيئة ارتكبناها لنعاقَب بهذه المرحلة من تاريخ مجتمعنا وأمتنا. لم يعد في هذا العالم من يكتب ليقنع شخصًا، ناهيك عن محاولة طمس المرأة من أبجديات الممارسات العامة.

تكررت مؤخرًا حوادث احتجاز الفتيات في النقاط الأمنية التابعة لأنصار الله، ووصل الحد بالمسلحين إلى إيقافهن ساعات طويلة، والتحقيق معهن، وتسفيه سفرهن بدون محرم من خلال جملة ألفاظ، يترفع المرء عن ذكرها، ناهيك عن كونها مخالفة لروح القانون والدستور؛ الحَكَم الفعلي الوحيد بين اليمنيين وحكامهم.

لا يتوقف الأمر هنا. ففي حين تتسرب إلى وسائل الإعلام بعض الممارسات في المدن، يبقى الريف اليمني، والمناطق النائية الواقعة تحت سيطرة الجماعة، معملًا كبيرًا لممارسة أفكار أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها رجعية. وكشفت منظمات حقوقية الشهر الماضي عن قيام مسلحي الجماعة بفرض أحكام قمعية على تحركات النساء في مناطق مثل حجة، ومن ذلك منعهن من استخدام الهاتف المحمول وتغريم أقربائهن مبالغ مالية باهضة، إن لم يتم الالتزام بهذه الإجراءات التعسفية.

من عقود، إن لم يكن قرون، خاضت المرأة اليمنية معركة خلاقة لانتزاع حقوقها، وعندما كادت أن تقف على قدميها أتى هؤلاء، لكن الأكثر شعورًا بالأسى والأسف، أن يقع كل هذا تحت مسمى إصلاح الدولة اليمنية، وأن تكون قوى ما قبل الدولة، تنظر لحقوق اليمنيين وحرياتهم بوصفها تهديدًا وجوديًا عليها.

كان مجلس النواب في سنوات ما قبل الشتات، يناقش قانون زواج الصغيرات، وها نحن قاعدون في "فرزات" النقل الجماعي نترجى هؤلاء المسلحين السماح لامرأة أرادت السفر مثلها مثل شقيقها الرجل. هذا بالإضافة إلى جملة من الإجراءات الأخرى التي تم فرضها في غفلة من انشغال اليمنيين بلقمة العيش، ومن ذلك عدم السفر إلا بهوية إثبات يتم وضع نسخها منها لدى مقرات الارتحال والسفر. وحتى اللواتي قُدِّر لهن السفر في أوقات أخرى، وجد بعضهن طريقهن مسدودًا.

وتكررت مؤخرًا حوادث احتجاز الفتيات في النقاط الأمنية التابعة لأنصار الله، ووصل الحد بالمسلحين إلى إيقافهن ساعات طويلة، والتحقيق معهن، وتسفيه سفرهن بدون محرم من خلال جملة ألفاظ، يترفع المرء عن ذكرها، ناهيك عن كونها مخالفة لروح القانون والدستور؛ الحَكَم الفعلي الوحيد بين اليمنيين وحكامهم. 

لم يعد في جعبة المرء مزيد من الهجاء لكل هذا الإسفاف والقمع، غير أن وجب التأكيد أن أنظمة الحكم وُجدت في هذا العالم لتستمع لشعوبها، وتنفيذ برامج التطوير والتنمية. وحتى الأنظمة الثيوقراطية القليلة التي أصبحت تدير بلدانها، تدرك كل الإدراك أنها تعمل بالمخالفة لنواميس الكون، وأنها قمعية ومستبدة، ولا يحق لها أن تتشدق بالحديث عن المصلحة العامة. الشعوب أيضًا ليست مغفّلة إلى الدرجة التي تعتقدون، وهي واعية كل الوعي لمن يعمل لأجلها، ومن يعمل لأجل نفسه ومصالحه، وأن الخطابات والشعارات لم تعد كافية، في عصر تقاس فيه حسن النوايا بالأفعال، لا الأقوال المجردة.

•••
خيوط

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English