"حتى لو بعت كل شيء أملكه لإجراء العملية، قد تمر فترة قصيرة وأتوفى، فأنا الآن بانتظار قدري وتوقف قلبي، وكل يوم أودع أطفالي وزوجتي"، يقول خالد علي، الذي يعاني آلامًا في الصدر ويحتاج إلى دعامات، للحدّ من خطر أمراض القلب التي تهدّده بالوفاة.
وعادة ما تتكرر أنباء الوفيَات أو الإصابات المفاجِئة الناتجة عمّا يُعرَف بـ"السكتة القلبية" أو "الذبحة الصدرية" أو "النوبة القلبية"، لكن مستوى الوعي الصحي، لا يرقى إلى التهديد الذي يمثّله، حيث إنّ "داء الشريان التاجي"، هو المسبب الأول للوفاة في اليمن، حسب التقارير الطبية المتخصصة.
خالد علي، هو خمسينيّ عانى أعراض الألم والحرقان في الصدر واليد اليمنى، وبعد أن توجّه لإجراء الفحوص، كانت النتيجة حاجاته إلى دعامات يُجرى عملها بتكلفة تزيد على ثلاثة آلاف دولار، لكنها ليست في متناوله، ما جعله يلجأ إلى اتّباع النصائح التي تقلّل الخطر بدلًا عن العلاج.
بالرغم من الخطورة التي تمثّلها أمراض القلب، بوصفها القاتل الأول في اليمن، في قائمة الأمراض المنتشرة، فإنّ التوعية والدعم الذي يلقاه علاج مثل هذه الأمراض، لا يكاد يستحق الذكر، في مقابل أمراض، تتكرّر بشأنها الحملات.
وتُظهر بيانات منظمة الصحة العالمية، التي قامت "خيوط" بتحليلها، أنّ 29 شخصًا من كل مئة، في الفئة العمرية (60 – 64) عامًا، يموتون بسبب مرض القلب التاجي، ثم تأتي الفئة العمرية (55 – 59) ثانيًا، والفئة (50 – 54) عامًا، ثالثًا، وكذلك لباقي الفئات العمرية، التي تقل الوفَيَات فيها بين الأصغر سنًّا.
إلى جانب ذلك، يكشف تحليل البيانات عن زيادةٍ في أعداد الوفيَات بسبب أمراض القلب في اليمن، بين الأعوام 2010 وحتى 2019، بنسبة زيادة بلغت نحو 25%، إذ سجّل العام 2010، ما عدده 2815 حالة وفاة، فيما سجل العام 2019، حالات وفاة بلغت 3818، جراء المرض.
وفيات القلب حسب الفئة العمرية | ازدهر (flourish.studio)
إصابات ووفَيَات متكررة
تتكرّر حالات الوفاة التي تسبّبها أمراض القلب، حيث تشرح فاطمة سمير، وهي أمٌّ لثلاثة أبناء، أنّ زوجها الأربعينيّ تُوفِّي، بعد ألمٍ مفاجئ في الصدر، جرى نقله على إثره إلى المستشفى، إلّا أنّه كان قد فارق الحياة.
وتضيف أنّ الزوج "لم يكن يشكو من أي مرض مزمن، باستثناء مرات معدودة قبل أشهر من وفاته، من حرقان وألم متقطع في الصدر".
بحسب أطباء، فإنّ المجتمع يجهل عوامل الخطورة لمعظم الأمراض، وليس هناك توعية واسعة ومتكررة لتغيير مفاهيم الأفراد.
أبلغ الأطباء فاطمة أنّ وفاة زوجها ناتجة عن "ذبحة صدرية"، مع العلم أنّ الذبحة الصدرية، وفقًا للمراجع الطبية، لا تؤدّي إلى الوفاة، بقدر كونها عبارة عن ألمٍ في الصدر ناتج عن عدم وصول كمية كافية من الدم لعضلة القلب، يمثل تهديدًا محتملًا للإصابة بالنوبة أو الأزمة القلبية، التي قد ينتج عنها الوفاة.
الجدير بالذكر، أنّ مخاطر أمراض القلب، تزداد مع تدني درجات الحرارة وموجات البرد، حيث تقول فاطمة إنّه بالإضافة إلى زوجها الذي تُوفّي في شهر ديسمبر/ كانون الأول، كانت وفاة شقيقها أيضًا في الشهر نفسه، ولذات الأعراض، منذ عامين.
ويقول لـ"خيوط"، أستاذ أمراض القلب في كلية الطب، بجامعة صنعاء، استشاري أول في أمراض القلب والقسطرة القلبية في مستشفى الثورة بصنعاء، الدكتور أحمد المترب، إنّ الذبحة الصدرية "عبارة عن ألم شديد بالصدر، ينتج عندما يقوم المريض بالحركة الجسدية أو الانفعال أو التعرض للبرد الشديد، ويختفي عند الراحة أو أخذ علاج النترات". ومع ذلك فإنّ "الذبحة الصدرية متفاوتة، وقد تتطور إلى ذبحة صدرية غير مستقرة، تكون مضاعفاتها الوفاة أو الجلطة القلبية الكاملة".
في حين أنّ "الجلطة القلبية تحدث عندما يكون هناك ألمٌ شديد بالصدر، لا يزول بالراحة الجسدية، ولا بعلاج النترات، وينتهي فقط عندما يتدخل الأطباء بمذوّبات الجلطة أو بالقسطرة العلاجية بالمستشفى".
ويشير المترب إلى أنّ "نسبة الوفيات خارج المستشفى عالية، وحتى في المستشفيات عندما لا يحصل المريض على التدخل العلاجي المناسب داخل العناية المركزة أو داخل القسطرة القلبية".
دعم منعدم
بحسب أطباء، فإنّ المجتمع يجهل عوامل الخطورة لمعظم الأمراض، وليس هناك توعية واسعة ومتكررة لتغيير مفاهيم الأفراد، وفقَ قول المترب، كما في حالة أضرار التدخين وعدم الحركة الجسدية، وضرورة أن يقوم الأفراد بالفحص الدوري، وكذلك أضرار القات والأكل غير الصحي، وكل ما يتعلّق بحدوث الأمراض.
ويؤكّد أستاذ القلب في جامعة صنعاء، أنّ منظمة الصحة العالمية ليس لديها برامج مكافحة الأمراض، ويقولون إنّ الميزانية فقط للأشياء الإسعافية، وعندما يتم تبنّي برنامج ما، تكون الميزانية صغيرة، لا تغطي احتياجات المجتمع ولا تقوم بتغيير ملموس".
ويدعو المترب، في ختام حديثه، إلى عدم إهمال أيّ آلامٍ بالصدر، والتوجّه إلى أقرب مستشفى لعمل تخطيط قلب لمعرفة سبب الألم، كما تنصح منظمة الصحة العالمية بتوفير علاجات مذيبات الجلطات، وكذلك توفير قيمة القسطرة العلاجية والإسعافية.