يواصل اللواء حاتم أبوحاتم، سرد ذكرياته حول تاريخ التنظيم الناصري في اليمن. وفي الحلقة الثامنة، يتحدث اللواء أبو حاتم عن الصراعات البينية داخل التنظيم الناصري، وتعرّضه للانقسام الثلاثي، وعن خلافات الناصري مع الحزب الاشتراكي وإعدام الناصريين في جنوب اليمن عام 1973م، ودور الرئيس الليبي معمر القذافي في حلّ الخلافات الناصرية الاشتراكية، وتمويل الناصريين في اليمن.
كما يتطرق أبوحاتم إلى خروج رشاد العليمي ونبيل شمسان وفضل أبوغانم وغيرهم من التنظيم الناصري، وسبب تضاؤل عدد مقاعد الناصريين في البرلمان اليمني، وتجربة انضمام الناصري لتكتل اللقاء المشترك، وتباين موقف التنظيم من الحرب الدائرة في اليمن، وظهور ناصريّي الأنصار في صنعاء وناصريّي التحالف في الرياض.
حاوره: عبدالله مصلح
* أيُّ القيادات الناصرية تمثّل العصر الذهبي للتنظيم من وجهة نظرك؟
من القيادات التي عاصرتُها أنا، وكان العصر الذهبي للتنظيم، الشهيدُ العظيم عيسى محمد سيف، الذي ربطتنا علاقة أخويّة قويّة وصداقة دون أن أعرف أنّه مسؤول التنظيم، فكنّا "نخزّن" مع بعض في منزل الشهيد عبدالكريم المحويتي، وكان معنا الأخ محمد سعيد ظافر، والمهندس أحمد الآنسي الذي تولى بعدها وزارة الاتصالات، وأخوه محمد الآنسي الذي كان حينها ناب رئيس الأركان، ومحمد حمود الشامي وكيل وزارة الداخلية، ومحسن اليوسفي وزير الداخلية، والأخ زيد الوزير، وكانت علاقتنا إنسانية أخوية، وكان عيسى محمد سيف وسالم السقاف يحضرَا المقيل، دون أن نعرف أنّهما قيادة التنظيم.
* وماذا عن القيادات التي تولّت إدارة التنظيم في المرحلة العلنية، أي بعد العام 1990م؟
الأخ عبدالغني ثابت الذي تم انتخابه في المؤتمر السابع للتنظيم، لأنّه كان رجلًا مبدئيًّا حقيقيًّا، وقائدًا متواضعًا، ويبذل كلَّ ما في وسعه لخدمة التنظيم، ولهذا أعتقد أنّه كان أنموذجًا في القيادة.
أيضًا من الشخصيات القيادية الأخ عبدالملك المخلافي الذي كان يتميّز بالجدية والعزيمة والثقافة الواسعة والموقف الصلب، وخاصة بعد عودته مع عددٍ من رفاقه إلى اليمن، مع أنّني اختلفت مع الأخ عبدالملك المخلافي في قضايا عديدة.
* ما سبب الخلاف بينك أنت وعبدالملك المخلافي؟
خلافي مع عبدالملك المخلافي كان من أجل التنظيم، وأبرز سببٍ للخلاف كان من أجل الذين تم فصلهم من التنظيم، فأنا كنتُ أصوّت ضدَّ قرار الفصل.
* برأيك، ما سبب انقسام التنظيم الناصري إلى ثلاثة أحزاب؛ هي الحزب الناصري الديمقراطي، وحزب التصحيح الناصري، إضافة إلى التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري؟
نحن في التنظيم الناصري انتقلنا من المرحلة السرية إلى المرحلة العلنية بدون أيّ خبرة، للأسف، ولهذا حدثت أخطاء داخل التنظيم، أدّت إلى مثل هذه الانقسامات.
فمثلًا، عندما كنّا في المرحلة السرية ضمن حلقات خاصة، كان كل عضو لا يشعر بالفرق بينه وبين رفاقه، لأنّ جميعهم في مرتبة تنظيمية واحدة، ولكن في المرحلة العلنية ظهرت بعض الفوارق التنظيمية، فهذا العضو في درجة تنظيمية أعلى وذلك العضو في درجة تنظيمية أقل، وهكذا بدأت الخلافات، لأنّنا بشر.
أيضًا بعد الظهور العلني للتنظيم، سعت السلطة الحاكمة في صنعاء إلى إضعاف التنظيم وخلخلته من الداخل، وإيجاد ثغرات تستطيع من خلالها اختراق التنظيم، خاصة أنّها تمتلك إمكانيات دولة بمخابراتها وأموالها.
* من أبرز الشخصيات الناصرية التي استطاعت السلطة أن تخترق التنظيم عبرها؟
أنا لا أريد أن أتّهم أشخاصًا بعينهم، وفي ذات الوقت لا يمكن تبرئة السلطة من اختراق التنظيم عبر أدواتها المتعددة داخل التنظيم وخارجه.
ولكن الذي اتضح، أنّ سلطة علي عبدالله صالح اخترقت التنظيم الناصري عبر عبده الجندي، وقدّمت له الدعم المالي لتشكيل حزب يدعى الحزب الناصري الديمقراطي، وأيضًا سلطة الحزب الاشتراكي اليمني في عدن دفعت بالأخ مجاهد القهالي لتشكيل حزبٍ يدعى حزب التصحيح الناصري، مع أنّ القهالي حينها كان عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي.
* يعني مجاهد القهالي لم يكن ناصريًّا قبل تشكيله حزب التصحيح الناصري؟
نعم، لم أعرف أن مجاهد القهالي التحق بالتنظيم الناصري، لكنه كان محسوبًا على الرئيس إبراهيم الحمدي ومن المتعاونين معه.
* هل نفهم من كلامك أنّ الاشتراكي والمؤتمر كانا ضد التنظيم الناصري؟
نعم، نحن كنّا على خلاف كبير مع حزبي "المؤتمر والاشتراكي"، لأنّ الطرفين ارتكبا جرائم في حق الناصريين، حيث تم إعدام العشرات في صنعاء بعد فشل حركة 15 أكتوبر 1978م، وأيضًا في عدن أقدم الحزب الاشتراكي في 31 أكتوبر عام 1973م على إعدام عشرة من كوادر التنظيم، وأبرزهم المناضل أحمد العيد سعد، وعلي الكسادي، وصالح الهمامي وغيرهم، كما تمّ إيداع العشرات في السجون، وهذا كان له تأثير سلبي على علاقتنا بالحزب الاشتراكي.
* ما هو السبب الذي دفع بسلطة الحزب الاشتراكي إلى إعدام الناصريين في جنوب اليمن حينها؟
السبب لأنّهم ناصريّون، ورفضوا التخلي عن ناصريّتهم والانصهار في التنظيم السياسي الماركسي، وأخبرني أحد الإخوة الذين تم اعتقالهم، وهو الأخ هادي عامر الذي تم الإفراج عنه، قال لي أنّه جرى حوار بين الناصريين والأخ عبدالفتاح إسماعيل الذي طلب من الناصريين الانصهار في التنظيم السياسي الماركسي، وكان ردّ الناصريين عليه بأنّهم لن يتخلّوا عن انتمائهم القومي العربي، ولكن يمكن أن يكون هناك تحالف جبهوي بين الناصريين واليساريين، وهذا الجواب لم يعجب عبدالفتاح إسماعيل، حيث صدرت التوجيهات لأجهزتهم الاستخبارية باعتقال الناصريين في جميع محافظات الجنوب، وتعرّضوا لأبشع أنواع التعذيب، وزعموا أنّها خلية إسرائيلية، وتم إعدام عشرة من قيادات وأعضاء التنظيم، وقالوا بأن عملية إعدامهم هدية لجيش العبور في مصر.
* لكن السلطة في الجنوب هي التي احتضنت القيادات الناصرية التي هربت من صنعاء إلى عدن، بعد فشل حركة 15 أكتوبر 1978م، كيف تفسّر هذا التناقض بين إعدام الناصريين ثم استقبال قياداتهم؟
هذا صحيح، لأنّ السلطة في الجنوب استقبلت قيادات من التنظيم الناصري بعد فشل حركة أكتوبر 78م، وذلك نكاية بالنظام في الشمال، لأنّه كان هناك عداوة شديدة بين السلطة في الشمال والسلطة في الجنوب.
أيضًا، الإخوة في سلطة الجنوب مارسوا ضغوطات على الإخوة الناصريين الذين هربوا من الشمال ولجَؤُوا إلى عدن، وتعرّضوا لضغوطات كبيرة من أجل أن ينضمّوا للجبهة الوطنية، لولا أنّ الزعيم الليبي معمر القذافي تدخّل لدى الإخوة في الجنوب لتخفيف تلك الضغوط، ولذلك اضطرّ الكثير من الناصريين إلى الخروج خارج الوطن، والبقية عادوا إلى المناطق التي كنّا متواجدين فيها مثل الجوبة ونهم وبرط.
* ما مدى تأثير هذه المعاناة على أداء التنظيم الناصري؟
التنظيم الناصري فقدَ كل ظهير له بعد وفاة الزعيم جمال عبدالناصر واغتيال الشهيد إبراهيم الحمدي وانكماش المدّ القومي العربي، فكلّ تنظيم انكفأ على قطره ودولته. ولهذا واجهنا صعوبات كثيرة جدًّا، ورغم ذلك ظلّ التنظيم الناصري متماسكًا واستطاع أن يتغلب على العديد من العوائق، وظلّ منضبطًا وملتزمًا بعقد مؤتمراته العامة واستمرار التثقيف والانتشار في أرجاء الوطن.
* رغم أنّ التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري من أفضل الأحزاب التزامًا بانعقاد مؤتمراته العامة وتغيير قياداته، كان هناك نوعٌ من الصراع الداخلي بين عدد من القيادات الناصرية، وتم فصل بعض القيادات وتجميد عضوية قيادات أخرى، وتبادل الاتهامات بالولاء للسلطة والتبعية لأمريكا؛ ما قولك في هذه الصراعات الداخلية؟
الصراعات الداخلية تحدث في معظم التنظيمات السياسية إن لم يكن جميعها، وهذه هي سنة الحياة، إضافة إلى المؤثرات الخارجية، وتحديدًا من قبل السلطة التي لا تريد أحزابًا ولا ترغب في وجود ديمقراطية حقيقية وإنّما شكلية، كما كان حاصلًا في بلادنا، حيث قامت السلطة باختراق مختلف الأحزاب ومنها التنظيم الناصري.
* هل كانت جميع الخلافات داخل التنظيم الناصري بفعل السلطة فقط؟
طبعًا لا، كان هناك خلافات ذاتية، وأيضًا خلافات على المال، وغيرها. ولا نريد حاليًّا نبش هذه الخلافات لأنّه ليس وقتها الآن، إضافة إلى أنّ جميع الأحزاب لا تخلو من خلافات داخلية، وأقرب مثال على ذلك الخلافات الدائرة حاليًّا داخل المؤتمر الشعبي العام الذي كان يرى نفسه حزب السلطة الأقوى والأكبر، والآن يعاني من التمزّق والتشظّي، وكذلك في الحزب الاشتراكي اليمني، هناك خلافات داخلية، وكان هناك إخوة في الاشتراكي كنت أعتبرهم منارات، وأصبحوا الآن في المجلس الانتقالي وينادون بالانفصال، وعلى رأسهم المناضل الصديق فضل الجعدي الذي كنت أعتبره من الزعماء اليمنيين الكبار.
* من أين كان يأتي التمويل المالي للتنظيم الناصري؟
بالنسبة للتمويل أنا سمعت أنّ الرئيس معمر القذافي كان يتكفّل بالتمويل، سواء لحركة 15 أكتوبر 1978م أو استقبال النازحين وإيوائهم وبناء منازل لأسر الشهداء، وأنا شخصيًّا كلمت معمر القذافي وقلت له: أنت وعدت ببناء منازل لأسر الشهداء ولم تنفذ، بل بنيت لمن قتلهم (إشارة إلى بناء المدينة الليبية بصنعاء)، فقال لي القذافي: "أنا دفعت عدة مرات لبناء المنازل، والإخوة عبدالملك المخلافي وعبدالقدوس المضواحي وعبدالوهاب منصور هم الذين كانوا يستلمون هذا التمويل".
يقال إنّ الأخ عبدالوهاب منصور (المسؤول المالي) أخذ مبالغ كبيرة، وهذا تم طرحه على الإخوة في المؤتمر الوطني، ولكن لم يتم التفاعل أو الاستجابة.
* ماذا عن انضمام رشاد العليمي للتنظيم الناصري، قبل أن يلتحق باتحاد القوى الشعبية ثم بالمؤتمر الشعبي العام؟
الدكتور رشاد العليمي التزم للتنظيم أثناء ما كان يدرس في دولة الكويت التي كانت تحتضن ثاني رابطة للتنظيم الناصري بعد القاهرة، وأتذكر بعد عودتي من الاتحاد السوفيتي إلى اليمن، أعدت التزامي من الطلائع العربية إلى الطلائع الوحدوية اليمنية، وكنتُ أنا ورشاد العليمي في حلقة تنظيمية واحدة، ومعظم الاجتماعات كانت تنعقد في منزلي.
وأنا كتبت مرة في صحيفة الوحدوي، أنّه لو كان في بلادنا ديمقراطية حقيقية كان سيعود للتنظيم الناصري ستة من القيادات في المؤتمر الشعبي العام وذكرت منهم رشاد العليمي (وزير الداخلية حينها) ومحمد المفلحي (وزير الثقافة)، وفضل أبو غانم (وزير التربية والتعليم)، ونبيل شمسان (نائب وزير الخدمة المدنية) وغيرهم.
* ما سبب خروج هؤلاء من التنظيم الناصري؟
طبعًا هؤلاء كفاءات، وأغلبهم لم يسيئوا للتنظيم بعد خروجهم منه، بل اعتبروا وجودهم في المؤتمر الشعبي العام أنّه فرصة لخدمة الوطن، وهذا ما لمسته من بعضهم أثناء مناقشتي معهم.
* التنظيم الناصري رغم تاريخه وخبرته وكفاءاته، لم يتجاوز عدد النواب الناصريين ثلاثة أعضاء في البرلمان، وأحيانًا عضو واحد، منذ انتخابات 1993م وحتى آخر دورة انتخابية؛ ما سبب عزوف الناخبين اليمنيين عن انتخاب مرشحي الناصري؟
لم يكن هناك عزوف، ولم يكن التنظيم الناصري مرفوضًا من قبل الجماهير وأبناء الشعب اليمنيّ، وإنّما كان مرفوضًا من قبل النافذين والقوى الرجعية وأيضًا القوى الدينية.
لم تكن السلطة جادة في تطبيق الهامش الديمقراطي وربطه بالتعددية السياسية والقَبول بالرأي الآخر، ولذلك كانت نتائج الانتخابات مزيفة ولا تعبر عن الحجم الحقيقي للأحزاب، فمثلًا في أول انتخابات نيابية استحوذ حزبا السلطة "المؤتمر، والاشتراكي" على معظم المقاعد، والدليل أنّه بعد حرب عام 1994م وإخراج الحزب الاشتراكي من اللعبة السياسية، حلّ محله حزب الإصلاح الذي يحظى بالرضى من قبل صاحب السلطة الأكبر "المؤتمر"، وأيضًا الخلفية الخليجية والسعودية التي كانت تدعم المؤتمر الشعبي العام.
فعلى سبيل المثال، أنا كنت أحد المرشحين في انتخابات عام 1993م، في مديرية نهم، ونظرًا لتزايد حالات التزوير حدثت خلافات، وقام عددٌ من أبناء قبائل نهم بأخذ أحد صناديق الاقتراع بالقوة، وتبيّن لنا حجم التزوير الفاضح، إلى درجة أنّ 250 شخصًا صوّتوا تحت إبهام إصبع واحد، وما زلتُ أحتفظ ببعض هذه الوثائق، وهكذا كان يحدث في مختلف الدوائر الانتخابية.
* وهل تمكّنت من الفوز في تلك الانتخابات؟
لم أتمكن من الفوز، بسبب عمليات التزوير، وأيضًا تكالب ضدي المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح وبيت أبولحوم، وتم إسقاطي، وتصعيد مرشح المؤتمر حينها الأخ علي شعلان من خولان.
* ما تقييمك لتجربة انضمام التنظيم الناصري لتكتل اللقاء المشترك؟
أنا كنت من أكثر الناس اندفاعًا لتشكيل كتلة لأحزاب المعارضة، وكنت دائمًا أجلس مع المناضل الكبير الشهيد جار الله عمر، لأنّه زميلي منذ الطفولة، فأنا كنت أدرس في المتوسطة وهو في العلمية، وهو يعتبر المهندس الأول للقاء المشترك، وفي البداية تم تأسيس مجلس التنسيق الأعلى للمعارضة عام 1999م، وكان يضمّ الحزب الاشتراكي اليمني والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، وحزب البعث، وحزب الحق، واتحاد القوى الشعبية، وفي عام 2003م التحق حزب التجمع اليمني للإصلاح، وتم تغيير الاسم من مجلس التنسيق الأعلى للمعارضة إلى تكتل اللقاء المشترك، الذي يعتبر تجربة إيجابية وجيدة، ورغم أنّها "تفركشت"، جديرةٌ بالدراسة والتحليل.
* ما الذي استفاده التنظيم الناصري من اللقاء المشترك؟
الشيء الجميل الذي استفادت منه جميع الأحزاب المنضوية في اللقاء المشترك، أنّها تعودت على القَبول بالرأي الآخر، لأنّه قبل هذه التجربة كان كلُّ طرفٍ يرى نفسه الوحيد المتمسك بالحقيقة والصواب، ويرى غيره على ضلالة.
وعندما جاءت تجربة اللقاء المشترك، تعلم الجميع منها ضرورة التنازل والتعايش والقبول بالآخر، بل تكونت علاقات إنسانية وشخصية متميزة بين كوادر وأعضاء تلك الأحزاب.
أيضًا، من النتائج الإيجابية للقاء المشترك هو الحوار الوطني الذي حدث عام 2009م، وتم الانفتاح على مختلف المكونات السياسية والمجتمعية والفئوية، مثل فئة المرأة والشباب والأكاديميين والمثقفين والمستقلين ومعارضة الخارج وغيرهم.
وهذا كله شكّل أساسًا لأحداث ثورة 11 فبراير 2011م، وكانت الريادة أولًا لشباب الاشتراكي والناصري، ثم لحق الإصلاح بالثورة، ورغم أنّه فيما بعد تم الالتفاف على هذه الثورة، إلا أنها تجربة تستحق الدراسة والاستفادة منها في المستقبل.
* هل كان نزول شباب الناصري إلى ساحة التغيير في ثورة 11 فبراير 2011م، بناء على قرار من قيادة التنظيم؟
لا، لم يكن هناك أيُّ قرار أو توجيهات، وإنّما نزلوا من تلقاء أنفسهم، وسمعت أنه حصل حوار بين علي عبدالله صالح وعبدالملك المخلافي عام 2011م، وأنكر وجود أيّ دور لقيادة التنظيم في توجيه الشباب للنزول إلى الساحات.
* قلت إنّه تم الالتفاف على ثورة 11 فبراير، ممّن تم الالتفاف عليها؟
تم الالتفاف عليها من أكثر من طرف، ابتداء من السلطة ومرورًا بالخليجيّين والمبادرة الخليجية التي منحت علي عبدالله صالح الحصانة، وأيضًا من الإصلاح وعلي محسن الأحمر، وكذلك قوى الثورة لم تكن على قدر هذه المسؤولية ولم تستطع المحافظة على الثورة.
* هناك قيادات ناصرية بارزة قررت الالتحاق بالتحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، وهناك قيادات ناصرية تحالفت مع جماعة أنصار الله (الحوثيين)؛ كيف تفسّر هذا الانقسام الناصري؟
بعد انقلاب الإخوة الحوثيين ونسف ما كنّا قد توصلنا إليه في مؤتمر الحوار الوطني الذي أجمعت على نتائجه جميع القوى السياسية والوطنية لبناء دولة ديمقراطية ومواطنة متساوية، حصلت الانقسامات على مستوى اليمن، وأظهرت السعودية والخليج تعاونهم مع ما يسمى بالشرعية، واستغلّوا هذا لكي يسيطروا على اليمن، كما هو جاري، أو يتم تدميره وتمزيقه.
كذلك الإخوة الحوثيّون، وهم كانوا من أقطاب مؤتمر الحوار وكانوا موافقين على كل مخرجاته، وانقلبوا على هذا، للأسف، وصرنا أداةً بيد الخارج نتقاتل فيما بيننا ويتم تدمير البلد، وأصبحت المصالح هي الدافع الرئيسي لبعض القيادات، مع أنّ بعض هذه القيادات التي خرجت خارج اليمن كانوا يقولون في البداية بأنهم كانوا مضطرين ومجبرين على الخروج من البلاد.
وبالنسبة للتنظيم الناصري، ما زلت أعتبر موقف التنظيم وموقف الأمين العام الأخ عبدالله نعمان، أنّه في تصحيح مسار ما يسمى بالشرعية، وتحديد العلاقة مع دول التحالف، ولكن لم تصغِ لذلك آذان التحالف أو الشرعية.
وكذلك الإخوة الناصريين في صنعاء، انحازوا إلى الحوثيين، وهذه قناعاتهم، رغم أنّنا نعتبر تقدميين وأفكارنا تقدمية، وكنت أتمنى منهم أن يصحّحوا بعض الاعوجاجات لحكومة الأمر الواقع، للأسف.
* وأنت أين موقعك؛ هل مع ناصريي الحوثي أو مع ناصريي التحالف؟
أنا وقفت في الوسط، ونحاول الصمود والبقاء كتنظيم، وأن نعمل بجهدنا في عملية التوفيق والمصالحة، ولهذا انضممت إلى هيئة نداء السلام لندعو اليمنيين إلى السلام وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار، وإلى بناء دولة يمنية كاملة، وعلى عدم التمايز بين اليمنيين، وهذه الهيئة تضمّ شخصيات من القوى التقدمية والمثقفين والمناضلين.
عبارات إبرازية: