حاوره/ عمران مصباح
مع مطلع الألفية الجديدة، كان هناك جيل من الفنانين والمطربين اليمنيين يودّعون عالم الغناء، بينما يحاول جيل آخر الظهور وتلمّس طريقه على خطى الروّاد. بعد أعوام قليلة، وقد طوى الزمن حياة شخصيات فنية قديرة، استطاع الفنان حمود السمة، برفقة آخرين، وهم أسماء قليلة، صناعة حضور لافت لدى جمهور الأغنية اليمنية، ما جعل هذا الجيل يظهر كامتداد حيّ للأغنية اليمنية الحديثة، وأصبحت أغانيهم تُسمع في كل البلاد، وفي نفس الوقت، عمل هؤلاء الفنانين، على إبقاء راية الأغنية اليمنية حاضرة، ولو لا حضورهم هذا، لربما عانى الوسط الفني من فراغ يهدد وجود التراث الغنائي في البلاد.
في اليوم الوطني للأغنية اليمنية، الأول من يوليو، أجرت "خيوط" هذا الحوار، مع الفنان القدير حمود السمة.
حمود السمة: ابتدأت مشواري كواحد من محبي وعشاق الفن، وكان لديّ ميل كبير للغناء نظرًا للامتداد الفني الأسري باعتبار والدي أحد أبرز فناني اليمن. أما وصولي إلى النجاح الذي تتكلم عنه، فهو أحد أهدافي وطموحاتي منذ البداية، وما زلت إلى اليوم أبحث عن النجاح، وسأستمر في البحث عنه بالمزيد من المعرفة، والإتقان، والاحترافية التي تؤهلني لأن أكون قادرًا على إيصال رسالة الفنّ السامية، وكذلك إرضاء الجمهور، وسأظل دائماً أتعلم، وأبحث عن الجديد.
حمود السمة: الإرث الغنائي اليمني مهمّ لبداية أي فنان، وهو هوية أساسية وأصيلة لأي فنان، وبالطبع الموروث الغنائي كبير وعميق ومتفرّد، ولا بدّ أنه يشكّل مسئولية كبيرة في الاستناد عليه والحفاظ على ألوانه ونقله بصورة جميلة وغير مشوهة لجُمَله الموسيقية، ويعتبر أي إرث غنائي يمني هو مصدر فخر واعتزاز وهوية قوية تمنحنا الفائدة والدافع للاستمرار وتقديم الأفضل.
حمود السمة: قدوتي هو والدي رحمة الله عليه، الذي توفي وأنا طفل، لكنني ترعرعت على صوته وإبداعاته، فتمسكت بذلك، وكان له الأثر الكبير في بداياتي. أيضًا، هناك الكثير من الفنانين العمالقة، وهم من جيل والدي، والذين استفدت منهم، وجعلوا مسيرتي الفنية ثرية، مما مكنني من إسعاد جمهوري وتحقيق بعض ما هدفت له، مثل: علي بن علي الأنسي، ومحمد سعد عبدالله، وأبوبكر سالم بالفقيه، وأحمد السنيدار، ومحمد مرشد ناجي، وأيوب طارش، ومحمد حمود الحارثي، ومحمد أبونصار، وعبدالرحمن الحداد، وفيصل علوي، وبدوي الزبير، وأحمد فتحي، ومحمد الخميسي، ومحمد يحيى قَلالَهْ، ومحمد قاسم الأخفش، كما وللفنانين الأوائل دور مهمّ في مشواري، ومنهم العمالقة الأساتذة العنتري والقعطبي، ومحمد جمعة خان، والماس، والشيخ علي أبو بكر باشراحيل، وفضل اللحجي، وغيرهم كثير، ولو تكلمت عنهم فلن يكفي لقاء واحد لذكرهم، وما قدموه للغناء اليمني.
حمود السمة: بالنسبة لوضع الفن اليمني في الحاضر، فقد بدأ بمعاودة الظهور بشكل ملفت. صحيح أنه موجود منذ زمن طويل، لكن في الوقت الحاضر أصبح انتشاره أكبر، وأصبحت الأغنية اليمنية محلّ إعجاب ومتابعة وترديد لدى كثير من الناس داخل اليمن وخارجها، وبالتأكيد أن مواقع التواصل الاجتماعي "السوشال ميديا"، ساهمت بهذا بالانتشار السريع، لكن برأيي؛ هناك ظلم من الفنانين الجدد تجاه الأغنية التراثية، حيث هناك توجُّه بشكل أكبر نحو الأغاني الجديدة، بالرغم من أن العصر الذي نعيشه يتطلب ضرورة تقديم الجديد، والأغاني الجميلة، ونحن نسعى لإرضاء ذائقة الجمهور، لكن علينا أن لا ننسى التراث وكيف نقدمه من جديد بطريقة أفضل، وهناك فنانون شباب لديهم إمكانيات، وبإمكانهم أن يضيفوا للفن اليمني. أتمنى لهم التوفيق، وأنصحهم بالتزود الدائم بالتراث اليمني الأصيل، والحرص في الجديد على انتقاء اللحن، والكلمات الجميلة.
حمود السمة: ليس هناك مشكلة في إنتاج الكثير من الأغاني الجديدة، لكن الحرص دائمًا هو على التميّز، وتقديم ما يحظى بالقبول، وهذا الأمر يحتاج إلى التأنّي، والحرص في الاختيار.
حمود السمة: بالتأكيد الغناء في الأعراس يستنزف الفنانين، وشخصيًا، أحرص قدر ما استطعت على التقليل من حفلات الأعراس حتى أحافظ على المستوى واستمرارية العطاء.
حمود السمة: أنا أشد حرصًا على أن تحمل قنواتي الخاصة مضمون الأغاني بدون أن أكون ماضغاً للقات، ولكن بالنسبة لمن ينقل محتوى الأغاني من حفلات الأعراس فهذا شأنهم، ولا أريد أن أتسلط وأمنعهم. ومعروف لدى الجميع أن القات عادة دائمة ومنتشرة، وله ارتباط تاريخي عبر حقب من الزمن، مع أني لست من هواة القات بشكل مستمر وتمر أيام كثيرة ولا أمضغ القات، كما يحصل في الأعراس في فترة المقيل، فأنا لا أمضغ القات إلاّ في فترة السمرة وكونها تستمر لساعات طويلة، والأجواء من حولي مرتبطة بمضغ القات، فلا أجد مجال من عدم مضغه ومشاركة أهل العرس، وضيوفهم.
حمود السمة: أطمح للكثير، ومهما وصلت إلى أيّ نجاح، أعتبر نفسي طالباً ومتحفزاً لنجاحات أخرى، ولديّ أغاني موسيقية غنّيتها سابقًا وإن شاء الله هناك أعمال موسيقية قادمة.
حمود السمة: هناك أغانٍ كثيرة، لكن في بداياتي أعتبر أغنية "بين ادوِّر راحتك"، أول أغنية أشعر أنني حققت فيها نقلة مهمة، ومن بعدها هناك أغانٍ كثيرة ومنها: "أنت روحي"، "ما قلت لي مشتاق اشوفك"، "بك أو بغيرك شاعيش"، والكثير من الأغاني الأخرى، وبالنسبة للأغنية التي لها قصة شخصية، فاحتفظ بالرد لنفسي.
حمود السمة: هناك أمر مهم مرتبط بالفن الغنائي وعدم وجود دعم واهتمام به، رغم ما يقدمه من رسائل كبيرة، ويشكل تراثاً وموروثًا يمنيًا وحضاريًا تفتخر به شعوب كثيرة، وتعترف بأن الفن هو في اليمن، وأن الغناء هو الغناء اليمني، بينما لدينا لا نجد من يهتم بذلك، ولا من يسعى للمحافظة على هذا الموروث الأصيل وإيقاف المتعديين عليه في بعض البلدان.
وكما يلاحظ الجميع، صارت الأغنية اليمنية هوية مهمّة تتنقل بين الشعوب ويرددها الناس، خاصة في زمن "السوشال ميديا". ومن هنا، المفترض دعم الفن الغنائي اليمني، والفنانين الذين يساعدون على انتشاره، ومن المهم أن تكون هناك ثقافة واسعة لدى الجميع تعي وتقدّر معنى أن يصل الفنان اليمني إلى مستوى الاحتراف ليلتف الجميع حوله، ويظهر بأفضل مستوى ومكانة لا تقل عن فنانين آخرين، ويفرح الجميع حين يكون هناك ممثّل لليمن أصبح له موقع ومكانة، وأيضًا يجب أن يكون هناك اهتمام بالفن الغنائي الموسيقي، وبالعازفين الموسيقيين الموجودين في اليمن.