بعد أن أعلنت القوات العسكرية المحسوبة على المجلس الانتقالي الجنوبي في بداية شهر أغسطس/ آب الماضي 2022، سيطرتها على محافظة شبوة (جنوب شرقي اليمن)، قامت بإطلاق حملة عسكرية تحت مسمى "سهام الشرق" لطرد المجاميع المسلحة التابعة لتنظيمات القاعدة وداعش الإرهابية من محافظة أبين والسيطرة عليها بالتوازي مع وصول هذه القوات إلى مفرق مديرية العبر، التابعة إداريًّا لمحافظة حضرموت في ظل تعالي الأصوات وتزايُد الجدل الدائر حول المعركة المؤجلة في وادي حضرموت، حيث تتمركز فيه قوات عسكرية محسوبة على الحكومة المعترف بها دوليًّا.
في السياق، أعلنت مكونات سياسية تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي عن تصعيد في كافة مديريات ومناطق وادي وصحراء حضرموت، فيما شهدت مديريات سيئون وتريم والقطن مظاهرات لما يسمّى بمكوّن "شباب الغضب"، تطالب بنقل قوات المنطقة العسكرية الأولى، وتمكين أبناء المحافظة من إدارة شؤونهم الأمنية والعسكرية .
وأكّدت دعمها لتوجهات محافظ محافظة حضرموت، مبخوت بن ماضي، لبسط سيطرة قوات النخبة على كامل تراب المحافظة، وتولّي زمام الأمور الأمنية فيها بما يحفظ أمنها واستقرارها، تنفيذًا لبنود ومخرجات اتفاق ومشاورات الرياض.
رئيس المجلس الانتقالي بوادي حضرموت، محمد عبدالملك الزبيدي، يقول لـ"خيوط"، إنّ التصعيد الشعبي مستمر لاستعادة ما وصفه بالحق المسلوب، محذّرًا قوات المنطقة العسكرية الأولى من التعرض للمتظاهرين أو المشاركين بالتصعيد السلمي.
من جانبه، يؤكّد رئيس ما سمّي بالهبة الحضرمية الثانية الشيح حسن الجابري، أنّ المجتمع في حضرموت مسالم، ولن يسمح بجرّ المحافظة لتكون ساحة تصفيات سياسية، مطالبًا بإخلاء وادي حضرموت من القوات العسكرية المتمركزة فيه.
تحركات سابقة
المطالبات بتمكين أبناء محافظة حضرموت من قرارهم الأمني والعسكري ليست وليدة اللحظة، إذ بدأت بالظهور في العام 2011، بما سمّي "وثيقة الرؤية والمسار"، كما نصّت وثيقة مؤتمر حضرموت الجامع في العام 2017، على اعتماد حضرموت منطقة عسكرية واحدة، وضمّ جميع الضباط المنتمين إلى المحافظة الذين أُحِيلوا قسرًا إلى التقاعد، والنظر في تظلمات المراحل السابقة وفقًا للقانون.
تعتبر حضرموت منطقة حدودية لليمن مع المملكة العربية السعودية على مساحة تقدر بنحو 700 كيلو متر، ويعمل منفذ الوديعة البري الرابط بين السعودية والجمهورية اليمنية، بالإضافة إلى ارتباط وادي حضرموت جغرافيًّا بثلاث محافظات يمنية رئيسية استراتيجية، من حيث الثروة والموقع.
إضافة إلى تعزيز قوات النخبة الحضرمية، وإعادة هيكلة إدارة الأمن العام وشرطة حضرموت بقيادة موحدة ذات كفاءة عالية، ورفد الجانب العسكري والأمني بالكوادر المتخصصة من الضباط والأفراد.
رئيس الدائرة السياسية لمؤتمر حضرموت الجامع محمد الحامد، يقول في حديثه لـ"خيوط"، إنّ مؤتمر حضرموت الجامع لا يزال على موقفه بضرورة تمكين أبناء حضرموت من حقهم في تأمين أرضهم، وذلك عن طريق تجنيد أبناء المحافظة في المؤسسة العسكرية عبر الأطر الرسمية في قيادة المنطقة العسكرية الثانية، وأن تكون حضرموت منطقة عسكرية واحدة.
بعد استراتيجيّ
يشكّل وادي وصحراء حضرموت بعدًا استراتيجيًّا لأطراف الصراع على المستوى المحلي، وبالنسبة لدول الجوار اليمني وما تمثّله كذلك حقول نفط المسيلة من أهمية كورقة ضغط بيد من يطالبون بتمكين أبناء المحافظة من إدارة شؤون محافظتهم.
وتعتبر حضرموت منطقة حدودية لليمن مع المملكة العربية السعودية على مساحة تقدر بنحو 700 كيلو متر، ويعمل منفذ الوديعة البري الرابط بين السعودية والجمهورية اليمنية، بالإضافة إلى ارتباط وادي حضرموت جغرافيًّا بثلاث محافظات يمنية رئيسية استراتيجية، من حيث الثروة والموقع، كمحافظتي مأرب والجوف من الجهة الشمالية، وشبوة من الجهة الغربية، ومن جهة الشرق محافظة المهرة، وهذا ما يجعله أيضًا ذا بُعدٍ مهمّ جدًّا بالنسبة لسلطنة عمان .
الكاتب في المجال السياسي، حسين باراس، قال إنّ المملكة العربية السعودية لم تُعطِ الضوءَ الأخضر بعدُ لخروج القوات المتواجدة بوادي وصحراء حضرموت، وبالتحديد المنطقة العسكرية الأولى، حيث ترى المملكة أنّ تحييد قوات هذه المنطقة قد يحول دون استخدامها ضد التحالف العربي. هكذا كانت النظرة في بداية انطلاق عملية عاصفة الحزم بالعام 2015، كما أنّ المملكة لا تستطيع تسليم كلّ هذه الحدود إلى قوات ممولة من دولة أخرى، والقصد بذلك قوات النخبة الحضرمية الممولة من الإمارات، وإن كانت في تحالف معها.
ويضيف باراس في حديثه لمنصة "خيوط"، أنّ قوات العمالقة الجنوبية "السلفية المدعومة من الإمارات"، كانت قد وصلت إلى مفرق مديرية العبر التابعة لمحافظة حضرموت، إلا أنّها تلقّت تعليماتٍ واضحةً وصريحة بالتوقف عن التقدم، فالمملكة العربية السعودية -وإن كانت قوات العمالقة مرتبطة بها أيديولوجيًّا في الفكر السلفي- لا تزال بالنسبة لها قوات مدعومة من دولة أخرى لا يمكن بأيّ حالٍ من الأحوال تسليمها كلَّ هذه الحدود دون ضمانات واضحة.