طالما كانت محافظة حضرموت، الواقعة أقصى شرق اليمن، مستقرًّا رَحبًا للتعايش واستيعاب التنوع الإيجابي الذي يختزل السَّمتَ الثقافي والحضاري المنفتح للإنسان الحضرمي الوقور والمسالم. ذلك التنوع في الميراث الثقافي والفلكلوري الذي تتميز به محافظة حضرموت عن سواها من المحافظات اليمنية، أكسبها بعدًا استثنائيًّا ورصيدًا متراكمًا يستحق أن يفصح عن ذاته.
من هذا المنحى، اقتضتْ الضرورةُ وجودَ هيئةٍ محلية مختصة، تأخذ على عاتقها صون المنتج الثقافي بحضرموت _بكل تعدداته وتصنيفاته_ وتساهم في دعمه وديمومته على النحو الذي يليق به؛ ذلك بالضبط ما واتتْ إليه الفرصة أخيرًا، مع إطلاق "مؤسسة حضرموت للثقافة"، وهي مؤسسة محلية غير ربحية، تأسست في 8 ديسمبر/ كانون الأول من العام الفائت (2021)، بوصفها تشكيلًا ثقافيًّا، يتبنَّى منظومة المعارف والموروث الثقافي بمحافظة حضرموت، بما في ذلك الأدب والفنون والأخلاق، في إطارٍ لا يتخطى القيم الأخلاقية والوطنية والثقافية لأبناء حضرموت.
وتركز المؤسسة في مرحلتها الأولى _كما يقول القائمون عليها_ على الأدب وما ينطوي تحته من شعرٍ ونثرٍ ونقد، وكذلك الموسيقى، تأليفًا وتوزيعًا وعزفًا وغناءً، بالإضافة إلى العمل المسرحي وعناصره التي تتضمن التأليف والتمثيل والإخراج، ثم في المرحلة التالية، يأتي التركيز على المجالات الأخرى ذات الصلة بالجانب الثقافي، انطلاقًا من رؤية تسعى إلى الارتقاء بالمجالات الثقافية بحضرموت خصوصًا، واليمن عمومًا، وصولًا إلى العالمية.
العقبة الكبرى التي تواجه المؤسسة في المرحلة الراهنة، تتعلق بجانب التمويل، الذي يقبض يدها عن القيام بدور أكثر فاعلية وتأثيرًا، إلا أن المؤسسين يعقدون آمالًا كبيرة على إسهام أبناء حضرموت ورجال الأعمال.
من أجل تحقيق تلك الغاية، تهدف مؤسسة حضرموت للثقافة، إلى اكتشاف المواهب الأدبية والفنية ورعايتها، وتقديم الدعم ورعاية النِّتاج الإبداعي للمثقفين والأدباء والفنانين، وتنمية المواهب المتميزة في هذه المجالات، من واقع الحرص على حفظ التراث الثقافي والفني والأدبي ونشره، تعزيزًا للتنوع الثقافي والقيم الثقافية والإنسانية، وسعيًا إلى خلق حراك ثقافي وأدبي وفنّي في محافظة حضرموت والوطن اليمني عمومًا، وإثرائه بما يسهم في تحقيق "تنمية اقتصاد الأنشطة الثقافية"، وفقًا للأهداف العريضة للمؤسسة.
ويطمح القائمون على مؤسسة حضرموت للثقافة، على توسيع نشاطاتها حسب الممكن، وفق خطة مستقبلية لكل قسم من أقسام المؤسسة، تتضمّن برامجَ للتدريب والتأهيل، وإقامة أمسيات موسيقية وأدبية. إلا أن العقبة الكبرى التي تواجه المؤسسة في المرحلة الراهنة، تتعلق بجانب التمويل، الذي يقبض يدها عن القيام بدور أكثر فاعلية وتأثيرًا في حفظ الميراث الثقافي والفني بحضرموت من الضياع.
مع ذلك، ما يزال المؤسسون يُصِرُّون على الاستمرار في تحقيق الأهداف التي نشأت من أجلها المؤسسة، ويعقدون آمالًا كبيرة على إسهام أبناء حضرموت ورجال الأعمال في الداخل والخارج، في تقديم الدعم المعنوي والمالي للمؤسسة الناشئة وغير الربحية، لتعزيز دورها في إنعاش الرافد الثقافي والحضاري بحضرموت، وحفظه من التبدد سدى.