اللاعب اليمني مثل السمك، مأكول مذموم؛ فعندما يكون سليمًا معافى يركض في الملاعب بصحة وعنفوان، يصبح لاعبًا مثل الفاكهة الطازجة خذ منه ما شئت من فيتامينات المتعة، وعندما يصاب يذمه ناديه ويدير له ظهره، يتهرب منه الجميع وكأنه مصاب بداء الجذام.
______________________________
نسمع بين حين وآخر عن قضية أحد المصابين من لاعبي كرة القدم اليمنيين، وهو يناشد القائمين على الرياضة استكمال علاجه بعد أن طاله الإهمال والتهميش عقب إصابته أثناء تمثيله المنتخب الوطني أو ناديه المحلي.
معاناة ووضع مأساوي يعيشه لاعبو كرة القدم المصابون في اليمن؛ نتيجة إهمالهم ونسيانهم من المعنيين، حيث يفتقر لاعبو كرة القدم في بلادنا إلى أبسط حقوقهم، وهي الحصول على العلاج والرعاية الصحية. ويرى ناقدون ومهتمون بالشأن الرياضي المحلي، أنّ اللاعب اليمني ضحية الفشل الذريع للقيادات الرياضية.
وصمة جذام
يقول الكاتب الرياضي، عبدالله الصعفاني، إن معاناة لاعبي كرة القدم في اليمن هي نتيجة لعدم احترام المؤسسات الرياضية لدورها وواجبها تجاه لاعبين أفنوا أعمارهم من أجل ألوان الأندية والمنتخبات الوطنية.
ويضيف الصعفاني في حديثه لـ"خيوط"، بالقول: "المتابع لهذه القضية سيجد أنها تمتد منذ سنوات طويلة من أوجاع ومعاناة أعداد لا يستهان بهم من اللاعبين ممن ما زالوا على قيد الحياة، أو ماتوا في ظروف غاية في القساوة ويصعب وصفها".
وبدوره يقول الكاتب والناقد الرياضي محمد العولقي: "اللاعب اليمني مثل السمك، مأكول مذموم؛ عندما يكون سليمًا معافى يركض في الملاعب بصحة وعنفوان، يصبح لاعبًا مثل الفاكهة الطازجة، خذ منه ما شئت من فيتامينات المتعة".
ويضيف في حديثه لمنصة "خيوط": "أما عندما يصاب، فيذمه ناديه ويدير له ظهره، يتهرب منه الجميع وكأنه مصاب بوصمة جذام، لا يشفع لهذا اللاعب أنه لاعب دولي؛ عندما يعاني من عطب، لا فرق بينه وبين أي لاعب مبتدئ".
ويواصل العولقي قائلًا: "في بلاد تعصف بها الفوارق الثقافية والعقلية، ويكرس فيها الجميع ثقافة الواسطة والدخلاء على فنون الإدارة الرياضية، يكون اللاعب اليمني ضحية لتلك الثقافة المترهلة فكرًا وسلوكًا، ثقافة "يومك عيدك" التي تمارسها القيادات الرياضية الهجينة والمستهجنة، ترمي بأحلام اللاعب المصاب إلى القمامة، عندها يتحول هذا اللاعب، مجبرًا، إلى رهين محبسَي الألم والوجع".
ويختم العولقي حديثه بالقول: "حكاية اللاعبين المصابين في اليمن حكاية طويلة، تمتد فقراتها من أندية عقيمة فكريًّا، إلى اتحادات مترهلة ذهنيًّا وسلوكيًّا، إلى وزارة تعبث بها ملهاة النطيحة والمتردية وما أكل السبع من فضلات اللاعبين المصابين".
لاعب النادي يتم علاجه على حساب ناديه، ولاعب المنتخب يتم علاجه على حساب اتحاد اللعبة، وتقدم له الوزارة الدعم من صندوق النشء والشباب، غير أن الصندوق تم توقيف حسابه.
بدون ميزانية
من جانبه يقول الأستاذ فرحان المنتصر، مدير عام الاتحادات والأندية في وزارة الشباب والرياضة بعدن، إن "الوزارة لا تتجاهل علاج اللاعبين، ولكن قد يكون هناك إقصاء، أساسًا يكون علاج لاعب النادي على نفقة ناديه الذي يلعب له، ولاعب المنتخب يشترك اتحاد الكرة والوزارة في علاجه".
ويضيف فرحان، في حديثه لمنصة "خيوط"، أن "الوزارة ليس لديها ميزانية لعلاج اللاعبين، ولا تتلقى دعمًا من الحكومة لتقدم خدمة للاعبين. وكما أشرت، في الأصل أن لاعب النادي يتم علاجه على حساب ناديه، ولاعب المنتخب يتم علاجه على حساب اتحاد اللعبة، وتقدم له الوزارة الدعم من صندوق النشء والشباب، ولكن ما يحصل الآن هو أن الصندوق تم توقيف حسابه، بسبب تقديم المساعدات العلاجية، سواء للاعبين الحاليين أو القدامى، وفي السنوات الثماني الماضية حاول الصندوق تقديم المساعدات رغم شح الموارد".
تأثير الأزمة
الأزمة اليمنية والأوضاع التي تعيشها بلادنا منذ سنوات، أثرت سلبًا على مستوى كرة القدم والرياضة اليمنية بشكل عام.
وبهذا الخصوص، يقول النجم الدولي السابق، والهداف التاريخي للمنتخب الوطني، الكابتن علي النونو، إن "الوضع السيئ في البلد أثر بطريقة أو بأخرى على مجالات الحياة المختلفة، ولا سيما الرياضة التي تعاني الأمرّين من سنوات طويلة".
ويضيف النونو في حديث خاص لمنصة "خيوط": "بخصوص جزئية تهميش المصابين في كرة القدم، الدلائل واضحة وجلية للجميع، فهناك عشرات اللاعبين حُرِموا من الاستمرار في ممارسة كرة القدم بسبب هذا التهميش والإهمال، سواء من النادي أو الجهات ذات الاختصاص".
ويتابع: "كذلك هناك لاعبو منتخبات ومواهب يافعة، حرمتهم الإصابات من مواصلة مسيرتهم في مجال كرة القدم للأبد، بعد الإهمال من الجهات المعنية بالرياضة".
ويواصل النونو حديثه بالقول: "هناك الكثير من اللاعبين الذين سافروا إلى الخارج للخضوع لعملية جراحية أو العلاج على نفقتهم الخاصة. أيضًا لنكون منصفين، هناك قلة قليلة يتكفل الاتحاد أو الوزارة أو النادي بعلاجهم".
ويؤكد النونو أنّ لاعبي كرة القدم في بلادنا "يعانون وضعًا مأساويًّا ومؤلمًا جدًّا، ونتمنى أن يرتقي وعي المسؤولين في أهمية علاج اللاعب أولًا بأول؛ حفاظًا عليه، وأيضًا للتأثير الإيجابي على مستوى اللاعبين بشكل عام".
ويشير النونو، في ختام حديثه، إلى أن "لاعب كرة القدم سيعطي كل ما لديه لأجل المنتخب أو النادي إذا ما وجد الاهتمام والرعاية، ولكن عندما يدرك اللاعب بأنه سيتعرض للإهمال في حال إصابته -لا سمح الله- فلن يقدم المستوى المطلوب منه؛ خوفًا من تعرضه للإصابة".
من جانبه، يقول النجم الدولي السابق، الكابتن عصام دريبان، في حديث خاص لمنصة "خيوط": "إن اللاعب اليمني يتصدر الإهمال من ناحية الرعاية الصحية والاهتمام؛ لهذا يجب إلزام الأندية واتحاد الكرة ووزارة الشباب والرياضة بتوفير التأمين الصحي للرياضيين، كونهم المستقبل الواعد للكرة اليمنية، ويمثلون الوطن في المحافل الكروية المحلية والخارجية".
الملاعب الترابية والصناعية ذات الجودة الرديئة تعرض اللاعبين لخطر الإصابة، ورغم ذلك لا توجد مراكز متخصصة للإصابات الرياضية في اليمن.
ملاعب رديئة
المنشأة والبنية التحتية الرياضية هي الأخرى، تأثرت جراء الحرب التي عصفت بهذا البلد المنهك، حيث تعرضت العديد من الملاعب للأضرار والإهمال على مدى سنوات الحرب الماضية، وتفتقر اليمن إلى الملاعب الصالحة لإقامة مباريات كرة القدم".
وحول ذلك يقول النجم الدولي السابق عصام دريبان: "إن اللاعب اليمني معرض لخطر الإصابة أكثر من غيره من اللاعبين، بسبب عدم وجود بنية تحتية مناسبة لممارسة كرة القدم".
ويضيف: "الإصابات الرياضية تعدّ العدو الأول لأي لاعب كرة قدم، خاصة اللاعب اليمني، نتيجة البنية التحتية المتواضعة في اليمن"، موضحًا أن "الملاعب الترابية والصناعية ذات الجودة الرديئة تعرض اللاعبين لخطر الإصابة. ورغم ذلك لا توجد مراكز متخصصة للإصابات الرياضية في اليمن"، مشددًا على ضرورة وأهمية إنشاء مركز متخصص للإصابات الرياضية -على الأقل- في محافظتي صنعاء وعدن.
ويختتم الكابتن دريبان حديثه بالقول: "على الجميع أن يدرك أهمية الطب الرياضي، فالمراكز المتخصصة في الطب الرياضي تلعب دورًا كبيرًا في مراقبة صحة الرياضيين وسلامتهم".
من جانبه، يؤكد الأستاذ فرحان المنتصر أهمية إنشاء المراكز الطبية الرياضية، موضحًا بالقول: "نحن في وزارة الشباب والرياضة ندرك أهمية إنشاء المراكز الطبية الرياضية، ولكن ليس كل شيء نخطط له نتمكن من تحقيقه أو إيجاده لأسباب عدة، من أهمها الصعوبات المالية والوضع الاقتصادي العام في البلاد"، مؤكدًا أن وزارة الشباب والرياضة في عدن "بدأت تدريجيًّا بإنشاء وترميم منشآت رياضية كالملاعب والصالات الرياضية".