تغادر أم أمني (40 عامًا)، مع زميلاتها باكرًا في السادسة فجرًا من منزلها نحو ساحل خور عميرة بمديرية المضاربة وراس العارة في محافظة لحج للاصطياد، حيث أُجبرت على ذلك بعد أن تضاعفت المهام والأعباء عليها عقب وفاة معيلها الذي كان رفيقًا لها في عملية الاصطياد خلال السنوات القليلة الماضية.
تقول لـ"خيوط"، أنّ معرفتها بعملية الاصطياد قديمة عندما كانت في الثانية عشرة من عمرها، حيث كانت تذهب برفقة أسرتها في عملية جلب الصيد من البحر.
هكذا دفعت الظروف المعيشية الصعبة في السنوات الماضية وتفاقم معاناة النساء في مثل هذه المناطق، الكثيرَ منهن للعمل في الاصطياد كونه المنفذ الوحيد لعشرات "الصيّادات" للكفاح والصمود وتوفير القوت والاحتياجات الضرورية لأطفالهن وأسرهن ومواجهة العوز والفقر وأزمات المعيشة.
تشير (أم صبري) في هذا الخصوص، إلى مشكلة تكاليف الغزل والمساطر والرصاص المستعملة في حياكة وصياغة "الأشباك" التي يتم استخدامها في عملية الاصطياد، إذ مثّلت هذه المشكلة تحدّيًا للكثير من العاملات في هذه المهن، حيث حدا ببعضهن إلى التوقف عن العمل، في ظل غياب الدعم وارتفاع أسعار مكونات حياكة شباك الصيد.
تقضي (أم أمني)، نصف اليوم في البحر، في مهمة شاقة للحصول على الصيد؛ قبل أن تعود وقت الظهيرة لتناول وجبة الغداء، ومِن ثَمّ التوجه مرة أخرى إلى البحر والبقاء هناك إلى قبل حلول المساء، لكن وفق حديثها، فإنّ العمل متوقفٌ على توفر كمية البترول المناسبة لتشغيل قارب الصيد للتوجه نحو البحر.
تتحدث هذه العاملة في مجال الصيد عن أنّ التسويق لم يكن متاحًا بالشكل الحالي قبل اندلاع الحرب، حيث شهد تحسُّنًا كبيرًا، إذ مكّنهن ذلك عن طريق عملاء، من الوصول إلى الأسواق والتعامل مع القطاع التجاري لتسويق صيدهن من الأسماك، في حين أثّرت عديدٌ من التحديات والصعوبات وكذلك الغلاء، بشكلٍ كبير على عملية إنتاجهن من الاصطياد.
اقتحام مكلف لمهنة شاقة
تُعدِّد (أم أمني)، الصعوبات التي تواجههن؛ مثل: أزمات الوقود وارتفاع أسعار المشتقات النفطية، وغياب الدعم من قبل الجهات المختصة والمنظمات الداعمة، إضافة إلى تكاليف معدات الاصطياد التي تعد العامل الأساسي في العمل.
تمتلك لحج شريطًا ساحليًّا يقدر بحوالي 90 كيلو مترًا بين عدن وباب المندب، إذ يعمل في هذا الشريط الساحلي أكثر من 4 آلاف صياد، في حين تصل الإيرادات السنوية، وفق بيانات مكتب وزارة الثروة السمكية بمحافظة لحج، إلى نحو 15 مليار ريال يمني.
في السياق، تمتهن أم صبري (42 عامًا)، مهنة صناعة شباك الصيد منذ ما يزيد على 20 عامًا، حيث قام والدها بتعليمها، واستمرت في ممارسة هذه المهنة إلى أن أصبحت مُدَرِّبة في هذا المجال وتشارك في تدريب وتأهيل فتيات من مختلف هذه المناطق في محافظة لحج (جنوب اليمن).
تشير (أم صبري) في هذا الخصوص إلى مشكلة تكاليف الغزل والمساطر والرصاص المستعملة في حياكة وصياغة الشبكات التي يتم استخدامها في عملية الاصطياد، إذ مثّلت هذه المشكلة تحدّيًا للكثير من العاملات في هذه المهن، حيث حدا ببعضهن إلى التوقف عن العمل، في ظل غياب الدعم وارتفاع أسعار مكونات حياكة شباك الصيد.
غياب التشجيع والدعم
أدّى تفاقم تبعات مثل هذه المشاكل والتحديات، إلى تأسيس "جمعية المرأة الساحلية" في منطقة "خور العميرة"، والتي تضم في عضويتها نحو 300 امرأة من العاملات بمختلف مهن العمل السمكي.
تقول مارينا سيف، أمين عام الجمعية، لـ"خيوط"، إنّ النساء يقمن بدورٍ رياديّ فاعل ومؤثر في المنطقة، ولهن مشاريعهن الخاصة التي يكافحن بها ضيق العيش ومتطلبات الحياة اليومية لهن ولأسرهن، رغم انعدام الدعم والتشجيع الرسمي للمرأة في مثل هذه المناطق الساحلية.
تضيف سيف أنّ الجمعية وزعت خلال الفترة الماضية بعض الأدوات الخاصة بالعمل السمكي، وستمضي في رفع قدرات المرأة الساحلية، حيث إنّ جميع أعضاء الجمعية على علاقة وثيقة بالعمل السمكي، داعية الجهات المعنية والمنظمات الدولية للعمل على دعم هؤلاء الصيّادات بمقومات العمل بما يسهم في الاعتماد على أنفسهن في ظلّ الظروف الاقتصادية الحالية التي تمر بها البلاد.