هو فارع محمد أحمد حسن الشيباني له من الأولاد سبعة ذكور وبنت واحدة، تربوي وشاعر وناقد وقيادي في حزب التنظيم الناصري.
وُلِد الشيباني في مجتمع "مهمش" بمنطقة سوق السبت بعزلة بني شيبة الشرق بمديرية الشمايتين في عام 1961، وتوفي بها في 12 يونيو/ حزيران 2019.
بدأ مشواره التعليمي بمدرسة الشمايا الغربية حتى أكمل المرحلة الأساسية ثم انتقل إلى مدينة تعز فأكمل تعليمه في معهد إعداد المعلمين وتخرج منه عام 1984.
عاد الشيباني ليعمل في التدريس في منطقة بني شيبة ثم عين مديرًا لإحدى مدارسها لمدة عام تعرض خلالها للمضايقة والتهميش بسبب تمرده على أسلوب التعليم التقليدي واستخدامه طرائق تدريس أكثر حداثة تشجع على الابتكار وكسر نير التقاليد.
انتقل بعدها إلى مدينة تعز ثم إلى مدينة الحديدة، وتدرج في السلم الوظيفي إلى أن صار إلى درجة موجه أول لمادة اللغة العربية لكنه ظل يعمل في التدريس بمدرسة أسماء للبنات، عُرف عن الشيباني ذكاؤه الشديد وتمكنه من مسائل اللغة العربية وطرائق تدريس الأدب، وحظي باحترام كبير بين طلابه وطالباته، ويدين له كثير من المثقفين اليمنيين الشباب ببدايتهم التأسيسية.
شكلت الحرب الأهلية اليمنية الأخيرة، انعطافة مؤلمة في حياة الشيباني، الذي فضل الانكفاء عن ممارسة نشاطه العام وفضل الانعزال في سكنه المتواضع بمنطقة السويقة، عزلة بني شيبة، وبقي هناك حتى وافته المنية متأثرًا بمرض عضال عانى منه في السنوات العشر الأخيرة.
سيرة أدبية حافلة
كان الشيباني -أيضًا- عضوًا في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وله كتابات أدبية، شعرية وقصصية ونقدية، بالإضافة إلى كتابات أخرى في الصحف المحلية، منها عمود في صحيفة الثورة "عنقود الفجر" كما أشرف في فترة من حياته على الصفحة الثقافية في صحيفة الجمهورية، وقدّم كتبًا لعدد من الأدباء الشباب.
ما جعل فارع الشيباني، شخصية استثنائية، هي تجربته الرائدة، في الانعتاق من التهميش، وقدرته الفريدة، على الاندماج، في كامل مجتمعه، والنأي بنفسه، عن الادعاء، وبالتالي؛ تأكيد نفسه، كمثقف فذ، وقف له الجميع إجلالًا.
للشيباني مجموعة شعرية "جديد السنابل" من إصدارات صنعاء عاصمة الثقافة (2004) وله قصائد غنائية بالعامية منها "أنا البحار" غناها الفنان الراحل حسن علوان، وله العديد من القصائد الشعرية الفصيحة والعامية غير المنشورة، والأعمال الأدبية المبعثرة والتي تحتاج إلى جهد بحثي لتجميعها وثوثيقها.
وقال اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين في بيان نعي: "إن الشيباني كان واحدًا من رموز المشهد الثقافي اليمني خلال الثلاثين عامًا الماضية، وتميّز حضوره بالمشاركة الإيجابية والحرص على خلق مناخات مواتية لتنمية المبدعين، وأن أخلاق العناية كانت أكثر ما يميز تعامله مع زملائه".
في بيان نعيه، قال التنظيم الناصري إن الشيباني كان عضوًا في التنظيم الناصري بفرع الحديدة الذي انتمى له مطلع الثمانينيات من القرن المنصرم وتدرج في المواقع القيادية فيه، حيث كان عضو لجنة الرقابة والتفتيش بفرع الحديدة بعد المؤتمر الوطني العام الثامن ووصل إلى أن ينال ثقة زملائه ليكون عضوًا في المؤتمر العام (11) الذي عقد في يونيو/ حزيران 2014، في صنعاء.
وبحسب الناصري، فإن الشيباني تعرض في حياته للإقصاء والتهميش من قبل نظام صالح والسجن و"كان حريصًا على توطيد العلاقات الاجتماعية والإنسانية مع الجميع، سواء في إطاره التنظيمي أو علاقاته بزملائه في اتحاد الأدباء والوسط التربوي والتنويري والسياسي والأدبي على امتداد الساحة الوطنية حتى وافاه الأجل صباح الأربعاء السادس من يونيو/ حزيران ٢٠١٩، إثر مرض عضال ألم به عن عمر ناهز (58) عامًا ووري جثمانه الثرى بمسقط رأسه في بني شيبة.
واعتبر الناصري "رحيل المناضل البارز فارع الشيباني، وفي هذه الظروف الاستثنائية يشكل صدمة لكل أبناء الوطن اليمني وشعبنا العظيم، كما يمثل خسارة فادحة للساحة الأدبية والثقافية والصحفية ولكل المناضلين والأدباء والكتاب الذين عرفوا الفقيد مناضلًا صلبًا وسياسيًّا حصيفًا نذر حياته في سبيل الانتصار للأرض والإنسان".
يروي أحد طلابه؛ ريان الشيباني، بإعزاز عن أستاذه، والذي سمع عنه قبل أن يتعرف عليه بوقت مبكر في عام 2001، حينها كان يرزح في سجن “الشبكة”، بمدينة التربة، إثر إلقائه خطابًا في فعالية انتخابية، لمرشح معارض.
وقد حضر هذه الفعالية، ضمن حشد كبير، واستمع -كما يقول- في الساحة الترابية، لفارع، وجارالله عمر، وآخرين. وعند الذروة، عاد كل المحتفلين، إلى منازلهم، باستثناء فارع، الذي اختطفته، مخابرات، النظام السابق، وزجت به في السجن.
يتابع: "في العام 2003، وقد تعرفت عليه أكثر، وصرت تلميذًا له، تقابلنا بضابط في الجيش، كان على معرفة بواقعة "الحفل الانتخابي"، ما حدا به لمهاجمة، فارع، بألفاظ نابية وقبيحة، وتنضح بالعنصرية. ارتعدت فرائصي، لما سمعت، لكن أثار استغرابي، إعراضه عن الأمر، والجنوح لتجاهله. وبعد أن غادرنا الضابط، لمته، فقال لي: ما الذي تتوقع من هذا النظام؛ أن يقبل أكفنا؟!".
الانعتاق من التهميش
ما جعل فارع الشيباني، شخصية استثنائية، هي تجربته الرائدة، في الانعتاق من التهميش، وقدرته الفريدة على الاندماج، في كامل مجتمعه، والنأي بنفسه عن الادعاء، وبالتالي؛ تأكيد نفسه، كمثقف فذ، وقف له الجميع إجلالًا.
يواصل ريان الشيباني حديثه بالقول: "زرته، في العام 2015، في منزله بريف السويقة، ولمست التقدير الذي يحظى به، في محيطه، كان حينها منشغلًا بمهمة تنمية مهارات طلاب وطالبات، للارتقاء بهم، وإخراجهم من بوتقة التعليم الكلاسيكي.
فإلى جانب، كونه فقيهًا لغويًّا، لعب فارع الشيباني، دورًا تنويريًّا واسعًا، في الأوساط الشبابية، منذ لمع نجمه، شاعرًا وناقدًا، ثمانينيات القرن المنصرم، وكل الأجيال التي عرفتها الصحافة الثقافية اليمنية، مدينة ببدايتها، لشغف هذا الرجل، وولعه بالثقافة وتنمية المثقفين.
خلال السنتين الأخيرتين خفت نشاط الرجل إلى النصف، بسبب مرضه، وإعراضه عن الحياة العامة، وأنفق معظم وقته في القراءة والتدخين.
صعق خبر وفاته في 12 يونيو/ حزيران من العام 2019، محبيه وطلابه والوسط الثقافي والأدبي في اليمن؛ ليترك غصة في حلق كل الذين مروا به وعرفوه.