لطالما كانت النساء أول الفئات المستهدفة من قِبل جماعة أنصار الله (الحوثيين)، في محاولتهم المتكررة في التضييق عليهن، ابتداء بلباسهن وسفَرهن، ومرورًا بوظائفهن مؤخرًا، مع وصول الأمر إلى المهندسات المعماريات العاملات في المشاريع التابعة لهيئة المحافظة على المدن التاريخية، في ترميم المباني الأثرية في صنعاء القديمة، أصبحت خوذاتهن مشكلة كبيرة لدى هذه الجهة المدنية التي انشغلت بلباس المهندسات أكثر من المشاريع الخاصة بترميم الآثار والمحافظة على المدن التاريخية.
استمر تغاضي المهندسات والمتدربات عن تصرفات البعض خلال فترة عملهن السابقة حتى انفجرت موجة غضب في أوساطهن في تاريخ 21 يونيو/ حزيران من العام 2022، عندما قدم لمقر هيئة المحافظة على المدن التاريخية شخصٌ قِيل لهن إنه نائب وزير الثقافة، محاطًا بالحرس وبرفقته الكادر الإداري لهيئة المحافظة على المدن التاريخية، حيث سارع في فتح أبواب المركز بطريقة همجية، مشيرًا لبحثه عن شاب وفتاة في إحدى الغرف! وبعدها سأل الحاضرين عن وجود المهندسات والمتدربات، فقد كُنّ وقتَها في أماكن عملهن في ترميم المباني.
وصل الأمر بعد ذلك إلى قيام رئيس الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية، بالتعامل مع بلاغات عن لباس بعض المهندسات والمتدربات.
تعبر إحدى المهندسات العاملات في مشاريع الهيئة، عن صدمتهن من هذا الأمر ولباسهن الذي تحول إلى قضية، وهو اللباس نفسه الذي تغادر به منزلها أمام والدها وأفراد أسرتها عند توجهها إلى العمل.
في مساء ذلك اليوم، بحسب تأكيدات مهندسات لـ"خيوط"، أبلغ موظف في هيئة المحافظة على المدن التاريخية متدربات ومهندسات عاملات، بالتوقف عن ارتداء خوذة الحماية للمهندس المعماري، و"كوت" الحماية الذي يقمن بارتدائه أثناء عملهن، بل ومنعوا تواجدهن في المركز وتغيير مكان استراحتهن الخاصة إلى بيت التراث اليمني المتواجد في صنعاء القديمة.
تعمل مهندسات ومتدربات هيئة المحافظة على المدن التاريخية، في ترميم مبانٍ أثرية ترمز لحضارة يمنية عريقة لطالما احترمت النساء ومنحتهن حقوقهن، ليأتي من تطال انتهاكاتهم لتمس المرأة اليمنية وحقوقها الأساسية والمكفولة قانونيًّا.
هناك مشكلة لدى سلطة أنصار الله (الحوثيين)، مع كل ما يتعلق بالمرأة، وهو ما ينعكس في التضييق المتواصل على النساء ووضع شروط ومعايير لعملهن، وتحديد أين يعملن وأين عليهن التوقف عن العمل، كما حصل من بعض المحسوبين على الجماعة التي تسيطر على صنعاء ومختلف المؤسسات العامة في العاصمة اليمنية، وقيامهم بالتضييق، ومن ثَمّ منع عمل المرأة في الهيئة العامة للمحافظة على المدن التاريخية.
في هذا السياق، تم إيقاف وسحب مواقع العمل الخاصة بالمهندسات، بقرار من قبل مساعد استشاري المشروع وإعطاء مهلة تصل إلى خمسة أيام، تنتهي بتاريخ 27 يونيو/ حزيران، لسحب مواقع العمل الخاصة بالمهندسات، بناءً على توجيهات صادرة من نائب وزير الثقافة في حكومة صنعاء التابعة لسلطة أنصار الله (الحوثيين).
تشير مهندسات عاملات في مشاريع الهيئة العامة للحفاظ على المدن التاريخية بصنعاء، إلى سلسلة من المضايقات تعرضن لها من قبل بعض المسؤولين، بحُجّة الملابس التي ترتديها بعض الفتيات ووصف تصرفاتهن بغير الأخلاقية، والقيام بإلزامهن بارتداء الكمامة، ومن ثَمّ الضغط عليهن بارتداء النقاب، وأنّ ذلك يأتي بناء على توجيهات جهات أمنية.
بعد هذه التصرفات والعديد من التصرفات الأخرى والمتكررة، كان الظن بأنهم يعارضون عمل المرأة، وبرغم عدم امتلاكهم لهذه السلطة والحق في منعهن، فإنّ ما تم معرفته لاحقًا أنهم يقومون بتدريب نساء أخريات للعمل في المشاريع القادمة في ترميم المباني الأثرية، موالية لجماعة أنصار الله (الحوثيين).
وهذا يوضح ما تقوم به هذه السلطات من تعسف تجاه النساء، وسرقة حقوقهن تأتي بالمرتبة الأولى، لأنهن نساء مباح لهم سلب حقوقهن وأعمالهن.
تعمل مهندسات ومتدربات هيئة المحافظة على المدن التاريخية، في ترميم مبانٍ أثرية ترمز لحضارة يمنية عريقة لطالما احترمت النساء ومنحتهن حقوقهن، ليأتي من تطال انتهاكاتهم لتمس المرأة اليمنية وحقوقها الأساسية والمكفولة قانونيًّا.
ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي السلطة المخولة لبعض الجهات والمسؤولين في إعطاء توجيهات بالتضييق على النساء المهندسات ومنع عملهن أو حتى إلزامهن بالنقاب، والعمل على سرقة سنين دراستهن في الهندسة ليتم استبدالهن بنساء مواليات لهذه الجهات، وما السلطة الممنوحة في كل من تجرأ في التطاول عليهن بكلمة أو تصرف يعارض الشرع والقانون؟