الفصل الأخير من الحرب!

هل كتبت "الهدنة الإنسانية" نهايتها؟
مبارك اليوسفي
April 8, 2022

الفصل الأخير من الحرب!

هل كتبت "الهدنة الإنسانية" نهايتها؟
مبارك اليوسفي
April 8, 2022

منذُ بداية الحرب المشتعلة في مارس/ آذار 2015، يستقبل اليمنيون رمضان ببؤس شديد وتردٍّ معيشي متواصل، وتفاقمت معاناة معظم الأسر اليمنية، وزاد الأمر سوءًا توقُّف رواتب موظفي الدولة منذ نهاية العام 2016، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية بشكل جنوني وانعدام المشتقات النفطية. 

لكن الأمر اختلف مع حلول شهر رمضان الحالي، الذي تزامن مع الإعلان عن هدنة لمدة شهرين كانت بمثابة جرعة أمل لليمنيين بأن الحرب التي طال أمدها -وكانوا كمدنيين أكثر من تحملوا تكلفتها الثقيلة- قد لاح مؤشر مهم لإيقافها.

في حين لم يعد هناك من يؤمِّل خيرًا من أطراف النزاع، لاعتقاده بأنّ من تسبب بالحرب لن يأتي بالسلام، فهل سيكون رمضان هذا العام هو النجاة منها، بعد سبع سنوات طحنت الأخضر واليابس في عموم محافظات البلاد.

وتشهد اليمن، منذ مطلع الأسبوع، تسارع وتيرة الأحداث بعد انتهاء المشاورات التي دعا إليها مجلس التعاون الخليجي في الرياض بالإعلان عن نقل الرئيس المعترف به دوليًّا عبدربه منصور هادي، صلاحياته بعد قرار إعفاء نائبه علي محسن الأحمر من منصبه، إلى مجلس قيادة رئاسي مكون من 7 أعضاء برئاسة رشاد العليمي.

مبادرة أممية

جاء الإعلان عن الهدنة من قبل الأمم المتحدة، والتي دخلت حيز التنفيذ منذ يوم السبت 2 أبريل/ نيسان، من أجل خفض التصعيد ومعالجة الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، وليس التوقف لإتاحة الفرصة لأي طرف بإعادة تشكيل مجموعاته أو استئناف العمليات العسكرية.

عدة مؤشرات إيجابية رافقت الإعلان عن الهدنة، تعكس رغبة طرفي الحرب بالتوافق عليها تتويجًا لجهود مكثفة قام بها المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، وجهود دبلوماسية لدول معنية بملف الأزمة اليمنية

واستطلعت "خيوط" آراء الشارع في صنعاء وفي مدن رئيسية يمنية أخرى، فيما إذا كانت قد تنجح هذه الهدنة وتتوقف الحرب في اليمن، إذ أجمع كثير من المواطنين الذين تم استطلاع آرائهم، على أن هذه الهدنة ليست سوى استراحة محارب، وأن الأطراف المتصارعة ستعود إلى الحرب في أقرب فرصة، في مؤشر على فقدان كثير من الناس الثقةَ بأطراف النزاع، وتطلعهم إلى إيقاف الحرب بشكل كلي دون أي شروط أو تأخير. في حين كان هناك متفائلون بهذه الهدنة كخطوة أولى مهمة في طريق تحقيق السلام في اليمن.

وتضمنت الهدنة بعض العناصر التي سيتم العمل عليها خلال سيرانها، بما فيها وقف العمليات العسكرية داخل اليمن وخارجها، ودخول 18 سفينة من سفن المشتقات النفطية عبر موانئ مدينة الحُديدة، كما سيتم استئناف الرحلات الجوية عبر مطار صنعاء الدولي، وسيتم استقبال رحلتين جوّيتين أسبوعيًّا إلى الأردن ومصر، وسيتم عقد اجتماعات بشأن الاتفاق لفتح طريق تعز والعمل على البحث عن مقترحات بشأن إيقاف الحرب بشكل نهائي مع المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ.

وإلى جانب الترحيب الإقليمي والدولي غير المسبوق، تفاوتت رود الأفعال المحلية ما بين مرحّب ومتفائل ومتشائم، وهناك من نالت الحرب منهم كثيرًا ولم يعودوا يبالون بأي تطورات أو مستجدات للأحداث، ما لم يرونها واقعًا ملموسًا في تحسين وضعيتهم المعيشية، وإيقاف الأزمات الاقتصادية المتصاعدة.

يرى المواطن ماجد حميد (30 سنة)، في حديث لـ"خيوط"، أن الهدنة قد تكون هدية الشهر الكريم، ويأمل أن تُفضي إلى سلام دائم يعمّ البلاد، كما يتمنى أن تكون هُناك خطوات جادّة لتحقيق السلام وإيقاف الحرب مهما كانت الأسباب.

فيما يؤكد المواطن الأربعيني، ياسين الحاج لـ"خيوط"، أن هذه الهدنة بداية لإنهاء الحرب في اليمن، وذلك تفاديًا لما تسبّبت به من خسائر فادحة للجميع، لافتًا إلى أن الأحداث الأخيرة جعلت السعودية تبحث عن مخرج بأقل التكاليف من المأزق الذي وجدت نفسها به في اليمن، كما يتوقع أن تكون هناك حلولٌ لإنهاء الحرب في وقت قريب.

ورغم أن هذه الهدنة ليست الأولى، وقد لا تكون الأخيرة، إلا أنها أعادت الأمل لكثير من المواطنين بوقف الحرب التي أهلكت كل شيء، وجعلت البلاد تشهد أزمة إنسانية خانقة وغير مسبوقة، إذ وصل الحال بها إلى أسوأ البلدان التي تعاني من أوضاع معيشية صعبة في العالم.

بوادر الانفراج 

العديد من المؤشرات الإيجابية التي رافقت الإعلان عن الهدنة، تعكس رغبة طرفي الحرب بالتوافق عليها تتويجًا لجهود مكثفة قام بها المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، وجهود دبلوماسية لدول معنية بملف الأزمة اليمنية، إذ أكّد وزير الخارجية في الحكومة المعترف بها دوليًّا أحمد عوض بن مبارك التعاطي بإيجابية كاملة بشأن إطلاق كافة الأسرى وفتح مطار صنعاء وإطلاق سفن المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة وفتح المعابر في مدينة تعز.

ورحّب المتحدث الرسمي ورئيس الفريق التفاوضي لجماعة أنصار الله (الحوثيين) محمد عبدالسلام، عبر حسابه في تويتر بالهدنة المعلن عنها، وذكر بنود الاتفاق المشمولة في بيان الأمم المتحدة دون التطرق إلى البند الذي يناقش اتفاق الأطراف حول فتح طرق مدينة تعز.

من جانب آخر، فإن التحالف المدعوم من السعودية والإمارات أعلن توقف العمليات العسكرية في اليمن، مشيرًا إلى أن هذا القرار جاء من أجل دعم المساعي الداعمة للوصول إلى حل سياسي شامل ومستدام لإنهاء الأزمة اليمنية.

بينما لم يعد هناك ما يسعد كثيرًا من المواطنين في هذا البلد الغارق بويلات الحرب منذ سنوات حتى إعلان الهدنة المتفق عليها، إذ لم تلقَ أي اهتمام منهم، كما في حال المواطن علي خالد (36 سنة)، الذي يرى أن الهدنة لن تضيف أي شيء، وأنها ليست سوى مماطلة لعجز أطراف النزاع عن الوصول إلى حل جذري يضمن بقاءهم فقط.

ويضيف في حديثه لـ"خيوط"، أن أطراف الصراع مهتمة فقط بالحفاظ على مصالحها وبقائها فوق كل شيء، وهذا ما قد يتعارض مع إيقاف الحرب.

من جهة أخرى، يرى المواطن عبدالله الهمداني في الخمسينيات من عمره، في حديث لـ"خيوط"، أن الإعلان عن هذه الهدنة جاء بعد أن زادت الأوضاع المعيشية سوءًا في اليمن وفقدان أطراف الصراع للحاضنة الشعبية، مشيرًا إلى أن هذه الهدنة ليست سوى مغالطة ومحاولة بائسة من أطراف الصراع بإعادة تموضعها وإلهاء الناس عن حقوقها فقط.

وبرغم مما تداولته وسائل إعلامية عن حدوث اختراقات عديدة للهدنة المعلنة في بعض الجبهات وحدوث اشتباكات عدة، إلا أنّ مراقبين يجمعون على أن تنفيذ البنود المتفق عليها من قبل أطراف الصراع بإعادة فتح مطار صنعاء وميناء الحُديدة، والاتفاق على رفع الحصار على مدينة تعز وفتح طرقها وبقية الطرقات، قد تكون مدخلًا مهمًّا للقضايا الأخرى، والتي قد تفضي إلى سلام دائم وإيقاف الحرب في حال تنفيذها.

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English