بعد ديوانيه "صمت الأضواء" و"قبضة من أثر الحرب"، وتحريره كتاب "أغنيات الشمس وأبجديات الوطن"، أصدر الكاتب محمد سلطان اليوسفي كتابًا رابعًا حمل عنوان "الهجرة والاغتراب في الغناء اليمني".
يقول الأستاذ عبدالباري طاهر في عرضه للكتاب:
"كانت فكرة الكتاب الأولى عبارة عن بحث ضمن دراسة "الآثار المتبادلة للهجرة اليمنية" التي رعاها ومولها رجل الأعمال الفقيد الأستاذ علوان الشيباني. يقع الكتاب، الذي صدر عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، في 247 صفحة، مكون من الإهداء، وسؤال: لماذا الهجرة والاغتراب؟ وتسمية الاغتراب إشكالية، ودلالالتها مختلفة، ولكن المؤلف توخَّى الاصطلاح المتعارف عليه يمنيًّا، كما تتصدر الفصول توطئة مهمة.
يشتمل الكتاب على ثلاثة فصول، تضم عشرات العناوين الفرعية، ثم المراجع.
يتناول "الفصل الأول" من الكتاب، أغاني الوداع والسفر. ويدرس الباحث في هذا الفصل معاناة اليمني المهاجر، وحنينه إلى الديار، وشوقه للأهل والأحبة؛ مشيرًا إلى تفنن الشعراء في تصوير تلك المعاناة منذ مغادرة المهاجر اليمني داره، والأهل يلوحون له بالسلام مودعين.
يدرس في هذا الفصل ثماني عشرة أغنية، يدوّنها ويدرسها بحس فني رفيع، ويرى أن هذه الأغاني وَثَّقت بدقة متناهية تفاصيل السفر، وظروفه، ولحظات الوداع، ووسائل النقل المتاحة حينها، وقد انعكست في الأشعار.
في "الفصل الثاني"، يتناول الحنين إلى الوطن، فيدرس الأغنيات التي جاءت على لسان المغترب اليمني في الغربة، ومعاناته، وحنينه للعودة لوطنه؛ موردًا أغنية «عد إليها عود»، للمرشدي، و«غربة عذاب»، للشاعر عبده إبراهيم الصبري، و«كيف الحال يا مغترب؟»، للفنان الكبير فيصل علوي.
ويورد الكثير من الأغاني المكرّسة لمعاناة المغترب وحنينه للعودة: أغنية أيوب طارش «يا غريب الوطن»، كلمات أحمد علي مانع الجنيد، و«لهفة الغريب»، لمطهر الإرياني، و«يا طير يا رمادي»، للشاعر الكبير سعيد الشيباني، وأغنية «أخي المهاجر»، للشاعر والفنان القدير زيد حمود عيسى، وأغاني الشاعر الدكتور سعيد الشيباني لها حضور كبير وتأثير عميق في الدعوة للثورة، والتبشير بها، ودعوة المغترب اليمني للعودة، وكذلك بعض قصائد الأستاذ عبدالعزيز نصر، والأستاذ سالم أحمد السبع «أخي المهاجر».
ويكرّس "الفصل الثالث" للمرأة، وأغاني الاغتراب، اشتياق دائم، وحنين لا ينتهي.
تحتل الأغنية مكانة رفيعة في حياة الإنسان اليمني: امرأة، ورجل. وكان اليوسفي شديد التوفيق في اختيار أغنية الهجرة؛ لأنها قصة أساسية في حضارة الإنسان اليمني، والبوابة الكبرى لنشأة الحضارة الحديثة، والتمدن، والتحديث، والثورة، ونشأة الحركة الوطنية، وبروز دور الحضارم في جنوب شرق آسيا وشرق إفريقيا، وبناء العربية السعودية.
الأغنية كانت الأهم والأسبق في توحيد اللهجات والمزاج اليمني، والتأسيس لبروز الهوية الوطنية، وغرس القيم والمثل العليا، وحب الحياة والناس والوطن، والحث على الحب والعمل والبناء؛ بناء الحياة والإنسان.
وإذا كانت الأغنية التعبيرَ المكثف عن قيم الحب والحرية والحياة والسردية الكبرى في حياة اليمني المهاجر عبر التاريخ؛ فإن المرأة والأرض هما الضحية.
فالمرأة، التي يغيب عنها زوجها أو أبوها أو أخوها، وتتحمل مسؤولية نفسها وأسرتها، وتواجه أعباء ومشاق الحياة في قرى شديدة القسوة والشقاء والبؤس، تكون الضحية الأولى للهجرة".