استيقظ ذات يوم ليجد أطرافه السفلية عاجزة عن حمله؛ انتكست حالته الصحية، فأضحى مقعدًا وبحاجة إلى كرسي يساعده على الحركة، بعد أن كان يمارس حياته الطبيعية حتى بلوغه السادسة عشرة من عمره.
رغم وطأة المرض لم يدع اليأس يتسرب إلى داخله، ولم يسمح لنفسه أن يغدو عالة على غيره، بل واجهَ الإعاقة بجلَد وتحدٍّ، ومضى مكافحًا ليسلك طريق العزيمة مثل غيره من الأصحاء، بل ويتفوق على بعضهم عندما تقوت عزيمته وهزم اليأس، ووصل إلى أهداف رسمها لمسار حياته الجديدة، وهي التحول والتغيير رغم محيطه المجتمعي.
أقل ما يمكن أن توصف بها حياة الشاب عماد قبل الإعاقة، أنه كان مثل غيره من الأقران يتمتع بصحة، وحواسه تعمل بكل طاقتها التي تمكِّنه من الحركة واللعب والتفكير، ويشير إلى الأخيرة بتفوقه الدراسي وتقدمه في التحصيل العلمي. وغير ذلك كان بشوشًا، طيب القلب، صافي السريرة، يألف ويؤلف، استطاع تكوين صداقات وعلاقات طيبة، وفرض احترامه على المتعاملين معه. كان مشاركًا في الأنشطة المدرسية الصفية واللاصفية، ويجتهد في التحصيل سعيًا إلى بلوغ أعلى المراتب.
صدمة الإعاقة
بدأت قصة عماد مع الإعاقة عندما بلغ العاشرة من عمره، حينما بدأ يحس بأوجاع تعتري مفاصله في النصف الأسفل من الجسد، فأخذ، وبدعم من أسرته، يلتمس أسباب الشفاء، وتنقّلَ من مدينته الصغيرة (قصيعر) إلى مدن أكبر، يوجد فيها مشافٍ مجهزة وأطباء متخصصون، حتى وصل به الأمر إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي، كان ذلك عندما وصل إلى عامه السادس عشر، لكن فجأة حدث ما لم يكن في الحسبان، لا يوجد علاج ناجع ونافع لهذا المرض النادر، فاستمرت حالته بالانحدار إلى الأسوأ، حتى لامست الأعضاء المسؤولة عن الحركة، فصارت هي الأخرى لا تقوى على القيام بوظيفتها.
كان وقع هذه التطورات السلبية صعبًا على التحمل والمواجهة، خصوصًا إذا ما كان المصاب في مقتبل شبابه، ويستعد لتحقيق أحلامه التي تتطلب منه بذل الجهد المضاعف لمواجهة أعباء الحياة من جهة، ولكي يصل إلى ما يريد تحقيقه من طموحات من جهة أهم.
طاقة لا إعاقة
لم يستكن ولم يرضخ لإعاقته، وأخذ يمارس حياته الطبيعية، ويلتمس أسباب النجاح، بعدما أكمل تعليمه الثانوي بتفوق؛ فسعى للحصول على وظيفة حكومية رغم الإعاقة التي لم تقف حائلًا أمام رغبته الجامحة في إثبات ذاته وإبطال نظرة الشفقة للمجتمع تجاه الإعاقة؛ ليحصل على وظيفة إدارية في مستوصف مدينة قصيعر، ولم يكتفِ بذلك، بل قام بفتح مشروعه الخاص "مركز عماد لطباعة وتصوير المستندات" بدعم من أسرته، ليتحول هذا المركز إلى أحد عناوين النجاح في المدينة الصغيرة في ساحل حضرموت.
هذا عماد اليوم يمثّل نموذجًا للشاب الذي حوّل إعاقته إلى طاقة إيجابية منتجة، في مجتمع ينظر بشفقة إلى ذوي الاحتياجات الشخصية.