تشهد الحركة التجارية ارتفاعًا تصاعديًّا مع اقتراب انتهاء شهر رمضان وحلول عيد الفطر، حيث يتركز جزءٌ كبير منها في المكسرات مع إقبال الناس على شرائها للاحتفال بالعيد، إذ تشكّل -كما يطلق عليها في كثير من مناطق اليمن "جعالة العيد"- إحدى أهم عادات ومستلزمات الاحتفال بمثل هذه المناسبات.
تُعرف مجموعة من المنتجات، مثل: "اللوز، الفستق، الجوز، الكاجو، الزبيب" بالمكسرات، إضافة إلى بعض الحلويات الأخرى المنتشرة في مختلف الأسواق والشوارع، ويُقبل عليها المستهلِكون باعتبارها من أبرز الأطباق العيدية الضرورية التي تقدّمها الأُسَر لزوّارها طيلة أيام هذه المناسبة العيدية.
وبالرغم من ازدهار الحركة التجارية مع رواج مثل هذه المنتجات في موسم الأعياد وانتشارها في كل مكان، فإنّ هناك استغلالًا يتمثل بعرض منتجات مغشوشة أو مخزّنة، يقوم تجار وباعة في الشوارع والأرصفة بتسويقها وبيعها بحجة التسهيل على المواطنين من محدودي الدخل توفيرَ وشراء "جعالة" العيد بأسعار مناسبة لهم، غير أنّ جزءًا كبيرًا من هذه المنتجات تكون مخزنة ومعرضة للشمس، ممّا يُفقدها جودتها وقيمتها، ومِن ثم تسبّبها بأضرار على المستهلك، وخاصة الأطفال.
في السياق، حذّرت الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة بصنعاء، في 5 أبريل/ نيسان الحالي 2024، من التخزين والعرض السيئ للمكسرات، وتسبب ذلك في إفساد هذه السلع بإصابتها بالفطريات التي تقوم بإفراز السموم الفطرية، وتأثير ذلك على صحة وسلامة المستهلكين، داعيةً إلى حفظها وتخزينها في درجة حرارة منخفضة من أجل جودتها وسلامتها.
المنتجات التي يتم زراعتها وبيعها في الأسواق المحلية، تكون أسعارها مرتفعة، كـ"الزبيب" و"اللوز الخولاني"، في حين لا يستطيع الكثير شراءها، وفقط قلة من الناس تعمل على شرائها، خاصة في الوقت الراهن؛ لذا يجب على كل تاجر تحمُّل المسؤولية تجاه المستهلك وخزن السلع بالطرق النظامية المعروفة.
في حين يؤكّد مواطنون أنهم لا يركزون على وضعية بعض المكسرات التي يشترونها للعيد، لأسباب متعددة؛ منها ما يرجع إلى وضعيتهم المعيشية المتردية، وعدم قدرتهم على شراء كثير من مستلزمات العيد، مثل المكسرات والملابس، كما هو حال المواطن محمد إسحاق، من محافظة المحويت الذي تحدّث لـ"خيوط"، بأن صعوبات المعيشة حالت بينهم وبين ما اعتادوا على توفيره من مستلزمات و"جعالة" للعيد. بينما يوضح المواطن سعيد ناصر، من سكان صنعاء لـ"خيوط"، أنّ غلاء أسعار المكسرات جعل الكثير من الناس يبحثون عن أيِّ خيارات لشراء ما أمكن منها بأسعار منخفضة؛ لذا يكون السعر بالنسبة لهم أهمّ من نوعية وجودة أصناف "جعالة العيد".
من يتحمّل المسؤولية؟
تُعدّ المكسرات المُخزَّنة أو المغشوشة مصدرًا أساسيًّا للتلوث الغذائي والتسمم طيلة أيام العيد؛ نظرًا للعَفَن الموجود فيها وعدم صلاحية تناولها، إذ لا يتوقف الأمر عند المكسرات، بل أيضًا يطال العديد من أصناف الحلويات، مثل الشوكولاتة والمقرمشات وغيرها من الحلويات، كما رصدت ذلك "خيوط" من شوارع ومناطق صنعاء، ومدينة المحويت.
يقول علي عبدالله، بائع جائل للمكسرات، لـ"خيوط": "نحن نستعد لهذا الموسم من كل عيد ونحجز أماكنَنا، ونجهّز السلع، ونحرص على أن تكون بعيدة عن الشمس باستخدام "بنرات" أو مظلة شمسية، أيضًا نحن لا نجبر المستهلك على الشراء، بل نعرض له السلعة أمامه وعليه الاطلاع عليها وفحصها والتدقيق فيها؛ لذا فإنّ من يشتري يقوم بذلك برضاه التام، مهما كان سعرها، ولا نتحمل أيّ مسؤولية".
تدعو "المواصفات والمقاييس" في هذا الخصوص، المستهلِكِينَ للتأكد من عدم وجود آفات حشرية أو فطرية عند شراء المكسرات، وتجنب الشراء من الباعة الجائلين، وفي حال ظهور أيّ علامات كتغير اللون والطعم، يجب التخلص منها فورًا.
من جانبه، يُرجع أحمد البحري، مالك متجر بهارات ومكسرات في صنعاء، لـ"خيوط"، تلف السلع المخزَّنة بسبب وجودها في مخازن ليس فيها رطوبة وليست مكتومة، ولا توجد فيها تهوية مناسبة؛ لذلك تفسد السلع وتتعرض للعفن، وتصبح غير صالحة للبيع، كما أنّ الحرارة المرتفعة وتعرّضها لأشعة الشمس تزيد من نسبة تلفها.
ويضيف أنّ أغلب المنتجات تكون مستوردة من الخارج؛ لأنّ الإنتاج المحلي لا يغطي السوق، وأحيانًا المستهلك يفضّلها عن الأصناف المحلية.
كما أنّ المنتجات التي يتم زراعتها وبيعها في الأسواق المحلية، تكون أسعارها مرتفعة كـ"الزبيب" و"اللوز الخولاني"، في حين لا يستطيع الكثير شراءها، وفقط قلة من الناس تعمل على شرائها، خاصة في الوقت الراهن؛ لذا يجب على كل تاجر تحمّل المسؤولية تجاه المستهلك، وخزن السلع بالطرق النظامية المعروفة بعيدًا عن أيّ عامل قد يؤدّي لخرابها.
تبعات وأضرار صحية
المكسرات من أكثر أنواع الأغذية التي سرعان ما تتعرض للتلف بسبب سوء تخزينها والاحتفاظ بها في أكياس بلاستيكية لفترة طويلة.
إذ يوضح خبراء ومتخصصون في الصحة والغذاء، أنّ السموم الفطرية الناجمة عن العفن تُلحق الضرر بالكبد، كما أنّها تسبّب العديد من الأمراض.
يتحدث الطبيب المتخصص في الباطنية، محمد المغربي، لـ"خيوط"، عن أنّ نسبة كبيرة من الحالات التي تصل إلى عيادته أيام العيد، أغلبها بسبب تناول "جعالة العيد" التي تكون بعضها فاسدة ومنتهية الصلاحية، فتسبِّب لهم تسمُّمًا غذائيًّا حادًّا، إضافة إلى الشعور بالغثيان، وعدم القدرة على تناول الطعام، والاستفراغ، محذرًا من عدم الإكثار في تناولها، خاصة أول أيام العيد، والحرص على فحصها والتأكد من كونها فاسدة أو لا.