عن دار ديوان العرب في مصر، صدر مؤخرًا ديوان (الخفنجي) للشاعر اليمني، الذي عُرف بسخريته ومعالجاته الجريئة للقضايا الاجتماعية، والمتوفَّى في القرن الثاني عشر الهجري عام 1180هـ، الموافق 1766م.
الديوان الذي حمل عنوان (ديوان الخفَنْجيِ - سُلافة العدس ولب العلَس في المضحكات والدَلس)، حقّقه ودرس نصوصه: الدكتور إبراهيم أبو طالب، الذي أهداه إلى المدينة التي حَوَت كلَّ فنٍّ. إلى تاريخِهَا العريقِ منذُ أن اختطَّهَا سام بن نوح -كما تقول الحكايات- فأصبحَ من أسمائِهَا "مدينة سام".
قدّم الديوان أستاذ اللسانيات واللهجات بجامعة تعز، الدكتور عباس السوسوة، الذي قال فيها:
"نقدِّم للقارئ الكريم لأوَّل مرَّة ديوانًا من دواوين العامّيّة في اليمن، طال انتظار المهتمين بالتراث الأدبي اليمني له. ظلَّ مخطوطًا نحو ثلاثة قرون يتداوله الأدباء وينتسخونه، ولم يخرجه أحد إلى النور في عصر الطباعة، ذلكم ديوان علي بن الحسن الخفنجي (ت 1180ﻫ). كان الأديب أحمد حسين شرف الدين قد اختار عيِّنةً ممّا فيه، ضمَّ إليها عيّنةً ممّا في ديوان القارة (ت 1293ﻫ) سمّاها: «الطرائف المختارة من شعر الخفنجي والقارة»، نشرها عام 1970م.
وتحدث الشاعر الكبير عبدالله البَرَدّوني عن الاثنين في كتابه: «رحلة في الشعر اليمني، قديمه وحديثه»، 1973م. وكانت شخصية الشاعر وشعره ومجتمعه مدعاة لتحليل الشاعر أحمد بن محمد الشامي في كتابه: «من الأدب اليمني- نقد وتاريخ»، 1974م. ثم درس قسمًا منه الأستاذ الدكتور عبدالعزيز المقالح في «شعر العاميّة في اليمن»، 1978م. ثم درس قِسمًا من شِعره المحقِّق الكبير عبدالله الحِبْشِي في «الأدب اليمني- عصر خروج الأتراك الأول من اليمن»، 1986م، ونشر بعض أشعاره في «مجموع المقامات اليمنية»، 1987م.
عرفتُ «الطرائفَ المختارة» وأنا طالب في الثانوية، وزادت المعرفة من خلال ما تيسَّر مما نُشِر حول الشاعر، ورسخت المعرفة من خلال رؤية الديوان مخطوطًا في منزل المرحوم علي بن إسماعيل المؤيد بالجيزة في مصر (ت 1970م)، في عام 1981، وعليه شروح وتعليقات. استأذنتُ ولده المهندس إسماعيل في تصويره، فأذن (جزاه الله خيرًا). كان الديوان منجمًا ثريًّا لما يهمني من دراسات لغوية في الدكتوراة أولًا (أنجزت في كلية الآداب بجامعة القاهرة، 1989م)؛ من التعرُّف على تاريخ جذور ظواهر صرفيَّة ونحويَّة في المحكيَّة اليمنيَّة، ثم في الأبحاث التي توالت. ووجّهتُ بعضَ طلابي في جامعة تعز، لدراسة ظواهر لغوية في شعره، وعند شعراء الحميني عمومًا، على نحو ما فصَّله محقِّق الديوان.
وأحسبُ أنَّ الديوان -إضافة إلى ما جاء في دوافع التحقيق- مصدرٌ لدراسة عَروض الحُميني مقابلة بالعَروض الخَليليّ، وعروض الشعر العفوي الشعبي؛ لكثرة أشكاله وتنوّعها، وهو مصدر لدراسة ألفاظ الحياة اليومية في ضوء فكرة المجال الدلالي؛ مثل: ألفاظ الفلاحة، التجارة، المأكولات والمشروبات، الحرف والمهن، الحياة الاجتماعية. والميدان واسع أمام من يريد دراسة التعابير الاصطلاحية والكنايات والتشابيه، وكثيرًا من الظواهر الصرفية والنحوية.
لوحة غلاف الكتاب للفنان عادل الماوري.