قال هيكل -رحمه الله- لسفير مصر في يوغسلافيا السابقة: "أعطني صورة عن مكونات الاتحاد اليوغسلافي كل شيء عنها..."، قال له: "إذا أردت أن تعرفها، فادخل المسرح اليوغسلافي". وهذا ما حصل.
لينين قال: "أعطِني مسرحًا، أعطيك أمة".
أمريكا التي تطحن العالم الآن نموذجها استعمرت به العالم بواسطة السينما.
نحن في اليمن، انتقلت إلينا مصر من خلال صحفها ومجلاتها وكتابها ومثقفيها ومدرسيها، لكن السينما نقلتنا إلى العمق، إلى قرى ونجوع مصر. وصرنا نردد مفردات مصرية غالبة بفضل السينما والمسلسلات، وسيطرت مصر الستينيات بالذات على الأذن والعين العربيتين. وقد استغربت حيال تجاوب الناس هنا وبالذات الشباب أيام أن عرض مسلسل أم كلثوم، وهبوا إلى الاستريوهات يشترون كاسيتات أغاني كوكب الشرق وصورها!
الصين وأمريكا علاقتهما في سنوات الحرب الباردة جاءت عبر الرياضة، والرياضة في الأخير فعل إبداعي وجزء من ثقافة أي مجتمع.
ويوم أن أتت فرقة الرقص الشعبي من جنوب الوطن اليمني هبت صنعاء تشاهد القادم من السواحل ورقصت معه، والوحدة اليمنية بدأت من اتحاد الأدباء والكتاب.
كل يوم يترسخ في الأذهان أن هذا البلد يضيع، وهذا عند أصحاب هذه القناعة بعد انقشاع غبار الحرب. ويتباكى كثيرون بدموع الذئب أو الثعلب، حين يُشيرون إلى تعز التي ليست بحاجة لأن أحلف إنها يمنية، ويقولون لك متباكين: "تعز الثقافة، صار يتحكم فيها الصعاليك والمحببون ووو". ونتاج الحروب موجودون في كل مكان.
مكتب الثقافة بتعز، وفي ظل ظروف صعبة ووجع عام يشل اليمن كلها، نظم فعالية بإمكانياته الشحيحة، لتكريم الصريمي أبو الكلمة الفعل ومعرض للكتاب، فانتعشت البلاد كلها.
فعالية واحدة أيقظت النائمين، تكريم سلطان الصريمي ومعرض للكتاب في منتزه تعز كشف روح المدينة والمدنية وأظهر في الصورة وجوه كثيرة فعالة تتابع الشأن الثقافي برغم كل الوجع والحصار….
الفعل الثقافي هو من سيستعيد روح المدينة والمدن اليمنية كلها.
أثناء الحرب العالمية الثانية، لماذا حرص المتحاربون على الحفاظ على المدن الأثرية والتماثيل في المدن، وذهبت إسبانيا بلوحة الجرنيكا إلى أمريكا خوفًا عليها من الضياع! وعندما انتهت الحرب أعيدت واستقبلتها إسبانيا بـ21 طلقة مدفعية ترحيبًا بها.
وأثناء ثورة 1917 في روسيا، هب العمال والفلاحون ينهبون متحف "إرميتاج" في بطرسبورغ "لينينغراد"، لكن جوركي كان يدرك ماذا يعني المتحف، فوقف في وجه الروس قائلًا: "هذا حقكم وليس ملك القياصرة"، ولأنهم يقرؤون ويعرفون من هو مكسيم جوركي، توقفوا احترامًا. اذهب الآن لترى المتحف يشكل عالمًا لوحده!
الفعل الثقافي هو من يستعيد أي أمة ولا شيء آخر...
المسرح ينعش أمّة
الرواية تفرح شعبًا
السينما إحدى الفنون السبعة
المقالة الأدبية تقود أمّة
التلفزيون يدخل كل بيت بالرقص الشعبي ونقل البلد والعالم إلى بين يديك
مكتب الثقافة بتعز، وفي ظل ظروف صعبة ووجع عام يشل اليمن كلها، نظم فعالية بإمكانياته الشحيحة، لتكريم الصريمي أبو الكلمة الفعل ومعرض للكتاب، فانتعشت البلاد كلها.
عندما توجد الإدارة المتمكنة والتي تتجاوز حكاية الإمكانيات فكان بإمكان الأستاذ عبدالخالق سيف أن يشعل البلاد كلها تجاوبًا، فمن تفاعل في صنعاء أكثر ممن تفاعلوا ربما في تعز.
توقيع كتاب يوم السبت 1 يناير أشعرني بمدى تفاعل الجميع، والدليل صفحات الفيسبوك. فعاليات في بيت الثقافة وفي البيسمنت تعطيك الدليل على أن الفعل الثقافي هو الحل.
لا شيء غير الفعل الثقافي يستعيد هذه البلاد الموجوعة.
لذلك لا تخافوا؛ فكل البلاد ستعود بما يناسب اللحظة، ولكن عن طريق الفعل الثقافي نستعيد أنفسنا.