تفاجأ اليمنيون مع اقتراب عيد الأضحى من تجدد أزمة الوقود وارتفاع أسعاره بصورة قد تؤثر على معيشة الناس، وتلقي بمزيد من الأعباء الإضافية فوق ما يقاسونه من معاناة لم يعد باستطاعة كثير منهم تحملها.
بدأت الأزمة المتجددة في عدن في العشر الأيام الأخيرة من شهر يونيو/ حزيران الماضي مع ارتفاع سعر صفيحة البنزين من 19800 ريال إلى نحو 25500 ريال، في حين صحت صنعاء صباح يوم السبت 2 يوليو/ حزيران، على تسعيرة جديدة للبنزين بوصوله إلى 14 ألف ريال من 12 ألف ريال للصفيحة الواحدة (20 لترًا).
وتلقي مثل هذه الأزمات بظلالها على حياة اليمنيين في كل المحافظات، والذين لم يعد باستطاعتهم أن يمضوا بحياتهم الطبيعية؛ لاصطدامهم بشكل متواصل بتبعات أزمات اقتصادية ومعيشية حولت حياتهم إلى جحيم.
المواطن صالح عثمان، طالب جامعي من سكان مدينة عدن (جنوب اليمن)، والذي يسكن في منطقة الكسارة بالبريقة (المديرية التي تبعُد عن جامعته بمسافة طويلة تصل إلى أكثر من 7 كيلو مترات، فقد ضاعف ارتفاع سعر الوقود من تكاليف المواصلات وأثّر عليه بشكل كبير، بحسب حديثه لـ"خيوط"، وقد اضطُر إلى الانقطاع عن الدراسة منذ تجدد الأزمة الشهر الماضي، فلم يعد يذهب إلى الجامعة إلا خلال أيام الاختبارات، وذلك لزيادة أسعار المواصلات والتي وصلت مؤخرًا إلى 2500 ريال يمني؛ أي ما يقارب 2 دولار أمريكي خلافًا لتكاليف ومتطلبات الدراسة الجامعية.
صالح نموذج للعديد من الطلاب الذين يعيشون المعاناة نفسها، ومنهم من تعثروا، بل وتوقفوا عن الدراسة في الجامعة بشكل كلي، بسبب التكاليف التي لا يقدرون عليها، بينما تنعكس تجدد هذه الأزمة بشكل مباشر على أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في الأسواق المحلية، في معظم المناطق اليمنية وتكاليف الخدمات العامة كالكهرباء التي تشكل هاجسًا يعكر حياة سكان مدينة عدن وعدد من المدن والمناطق في جنوب اليمن.
ويفيد المواطن عبدالله محسن، وهو من سكان العاصمة اليمنية صنعاء، في حديث لـ"خيوط"، أن التسعيرة السابقة لم يمضِ عليها أكثر من شهرين بعد وصول صفيحة البنزين 20 لترًا إلى 12200 ريال من حوالي 9 آلاف ريال السعر الرسمي المحدد في محطات التعبئة، قبل أن يتفاجؤوا على بعد أيام قليلة من عيد الأضحى، بالتسعيرة الجديدة للبترول، وهو ما سيزيد من سوء الأوضاع المعيشية المتردية.
احتجاجات مستمرة
تصاعدت وتيرة الاحتجاجات مؤخرًا في عدن منذ أيام، بسبب الارتفاع المتسارع لأسعار الوقود، مما دفع المواطنين للتعبير عن رفضهم لهذا الارتفاع بطريقة سلمية عبر وقفاتٍ احتجاجيةٍ نظمها ناشطون وشباب غاضبون في خط الجسر في عدن للمطالبة بخفض سعر الوقود الذي انعكس ارتفاعه على تصاعد في أسعار السلع والمواد الغذائية، بالإضافة إلى توقف الكثير منهم عن العمل.
في الوقت الذي يتذمر فيه اليمنيون ويعبرون عن سخطهم من تجدد هذه الأزمة بصورة أكثر حدة، يرجع خبراء اقتصاد أسباب الموجة السعرية الجديدة للوقود في الأسواق المحلية اليمنية إلى الأزمة العالمية الناتجة عن الحرب الروسية في أوكرانيا وتبعاتها في اضطراب الأسواق العالمية وارتفاع أسعار الوقود بصورة مضاعفة.
سلمى علي، إحدى المحتجات، تقول لـ"خيوط"، خرجنا لأجل البترول الذي يعد أبسط مقومات الحياة للاحتجاج على ارتفاع أسعارهن، إذ ينتظر الناس من الحكومة المعترف بها دوليًّا أن تحسن أوضاعهم والتخفيف عن معاناتهم بدلًا من زيادتها بعدم إيجاد حلول سريعة لتفادي انفجار مثل هذه الأزمات.
ويؤكد محتجون أن ارتفاع أسعار الوقود زاد من عناء الشعب بعد أن وصل سعر صفيحة البنزين سعة 20 لترًا إلى نحو 25500 ألف ريال يمني، بينما في السوق السوداء يصل السعر إلى أكثر من 30 ألف ريال يمني.
ويطالب مواطنون السلطات المحلية والجهات المختصة بعدن، بالعمل على حل هذه الأزمة التي خنقت السكان وتعددت في كل جوانب حياتهم اليومية.
حــلول مقتــرحة
يرجع خبراء اقتصاد أسباب الموجة السعرية الجديدة للوقود في الأسواق المحلية اليمنية إلى الأزمة العالمية الناتجة عن الحرب الروسية في أوكرانيا وتبعاتها في اضطراب الأسواق العالمية وارتفاع أسعار الوقود بصورة مضاعفة.
ويقول خبير اقتصادي، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"خيوط"، إن هناك ارتفاعات في أسعار الوقود على المستوى العالمي، إضافة إلى المشاكل الأخرى الناتجة عن الحرب في أوكرانيا وانعكاسها على استيراد الغذاء والوقود، لكن حدتها تكون قاسية على المستوى المحلي بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية بسبب الحرب في اليمن منذ العام 2015، ومعاناة المواطنين والقطاع التجاري من هذه الأزمة المتكررة خلال السبع السنوات الماضية من عمر الحرب الدائرة في البلاد والتي أججها الصراع الاقتصادي بين أطراف الحرب وانعدام الحلول التي تخفف من وطأتها على المواطنين.
بالمقابل، تسعى نقابة مصافي عدن لوضع حلول للمساهمة في التخفيف من حدة هذه الأزمة المتكررة، إذ تؤكد النقابة أن تشغيل مصافي عدن ستعمل على حل جزء كبير من أزمة الوقود .
ويرى المحلل الاقتصادي فارس الحيدري، في حديثه لـ"خيوط"، أهمية تشغيل مصافي عدن وتجهيزها بالكامل، بحيث يتم التكرير فيها لتخفيض التكاليف، والعمل على تحسين قيمة العملة الوطنية! لأن ذلك سينعكس على سعر المشتقات النفطية، "كل ما انخفضت قيمة العملة الوطنية أمام الدولار ارتفعت أسعار المشتقات النفطية".
إلى جانب توفير سقوف ائتمانية بالتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة لاستيراد المشتقات النفطية مع ضرورة إلغاء قرار التعويم، حيث لا يزال تجار الوقود هم من يقومون بالاستيراد، ومن ثم تشتري الحكومة منهم عبر الشركة اليمنية العامة للنفط، والتي تعمل على توزيعه لمحطات التعبئة الحكومية والخاصة.
* تحرير خيوط