هي وثيقة عهد واتفاق بين أطراف حوار القوى السياسية اليمنية، من 28 جمادى الأولى 1414هـ/ 23 نوفمبر 1993م إلى 19 رمضان 1414هـ/ 20 فبراير 1994م.
تشكّلت لجنة الحوار بعد جدال طويل، وتباين واسع، ونقاش حاد بين أطراف الائتلاف الحاكم والقوى السياسية إثر الانتخابات النيابية في 5 ذي القعدة 1413هـ/ 27 أبريل عام 1993م، وما أفرزته من تداعيات على مستوى العلاقة بين الحزبين الحاكمين: المؤتمر الشعبي العام، والحزب الاشتراكي اليمني، ودخول التجمع اليمني للإصلاح كقوة ثالثة لها ثقلها في البرلمان الجديد، في وقت تداعت العلاقة المشتركة لصانعي الوحدة، وتحول الشركاء إلى فرقاء حقيقيين تفصل بينهم مسافات كبيرة من عدم الثقة، واختلاف الرؤية لمعالجة ما يواجهها من مشكلات خاصة، مع احتفاظ كل طرف بقواته العسكرية والأمنية وأجهزته الإعلامية تحت سيطرته الكاملة، ومع اعتكاف نائب الرئيس علي سالم البيض لمرتين في عدن، ودخول الوسطاء في كل مرة لرأب الصدع، وإزالة مبررات الاعتكاف؛ حيث اعتبر الجميع أنّ الانتخابات هي التي سوف تخلق التوازن على قاعدة الشرعية البرلمانية، ولما كانت نتائج الانتخابات لصالح طرف المؤتمر دخلت البلاد معترك أزمة شاملة على مختلف مستويات الدولة، وشكّل اعتكاف نائب الرئيس في عدن مع عدد من المسؤولين من أعضاء الحزب الاشتراكي أزمة، ومع تصاعد حدة هذه الأزمة تداعت القوى الوطنية من أحزاب وتنظيمات سياسية ومنظمات جماهيرية وشخصيات وطنية واجتماعية للدعوة إلى تشكيل لجنة لحوار القوى السياسية؛ بهدف نزع فتيل الأزمة، وتجنيب البلاد تبعاتها، وحماية المنجز الوحدوي والديمقراطي، وهكذا تشكلت لجنة حوار القوى السياسية بعد جدل طويل، وتباين واسع، ونقاش حاد بين أطراف الائتلاف فيما بينهم، وبين بقية القوى السياسية التي نشطت في الدعوة لحوار جاد ومسؤول حول مكونات الأزمة ومسبباتها، وتركز الجدل حول المشاركة، وتوسيع المشاركة وشموليتها ونوعية القضايا، ومدى إلزاميتها، واستقر الرأي على المشاركة الشاملة لأطراف الأزمة، وبقية الأحزاب والمنظمات السياسية والنقابية؛ فعقد لقاء موسعًا في دار الرئاسة بحضور الرئيس علي عبدالله صالح رئيس مجلس الرئاسة في 9 جمادى الآخرة 1414هـ/ 23 نوفمبر 1993م، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة الحوار من:
المؤتمر الشعبي العام، الحزب الاشتراكي اليمني، التجمع اليمني للإصلاح، اتحاد القوى الوطنية، التكتل الوطني للمعارضة، حزب البعث العربي الاشتراكي، مناضلي الثورة اليمنية، العميد مجاهد أبو شوارب (شخصية مستقلة).
تمخض الاجتماع عن تشكيل لجنة لصياغة لائحة داخلية للجنة، بعد حصولها على مباركة كاملة من أطراف الأزمة؛ لبدء العمل، مكونة من: أحمد جابر عفيف، يحيى الشامي، عبدالملك منصور، محمد اليدومي.
انتهت اللجنة من إعداد اللائحة التي اعتبرت قاعدة التوافق والإجماع أساس عملها، وتساوى في ذلك الأحزاب الكبيرة والصغيرة، وهكذا شرعت اللجنة في أعمالها متنقلة بين عدن وصنعاء، وتناوب على رئاسة جلساتها كلٌّ من عبدالعزيز عبدالغني، وحيدر أبو بكر العطاس، ووقفت أمام العديد من الإشكالات الطارئة والمماحكات المتبادلة بين أطراف الأزمة، وأصدرت عددًا من الضوابط والمعالجات السريعة لهذه الحوادث.
في هذه الفترة، شهدت البلاد حراكًا سياسيًّا متصاعدًا عبرت عنه عشرات المؤتمرات الشعبية التي تمخض عنها توصيات ومناشدات شكّلت في مجملها رؤية ساعدت لجنة الحوار في صياغة وإنجاز الوثيقة التي شكّلت مخرجًا للأزمة بمعالجة أسبابها الموضوعية بعد أن لامست الواقع، وشخّصت جوانبه المختلفة، ورسمت ليس فقط المعالجة الآنية للأزمة السياسية الشاملة، بل حدّدت الطريق الكفيل بنزع فتيل الأزمات عبر خلق الدولة اليمنية الحديثة والعصرية.
وبإجماع كل فرقاء العمل السياسي؛ فإن الوثيقة قدمت معالجات مستندة على التشخيص الدقيق لمكونات الأزمة، ووضع آلية إجرائية لتنفيذ هذه المعالجات، وكانت مكونات الوثيقة ترتكز على ست نقاط أساسية هي:
وفي 6 شعبان 1414هـ/ 18 يناير 1994م توصلت اللجنة في عدن إلى إنجاز الصيغة النهائية للوثيقة، وفي 9 رمضان 1414هـ/ 20/2/1994م في مدينة عمان برعاية العاهل الأردني الملك حسين بن طلال تم التوقيع عليها من قبل جميع أطراف الحوار بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية والسيد ياسر عرفات رئيس دولة فلسطين، وحشد كبير من الشخصيات اليمنية والأردنية والعربية.
المصدر:
