في الفترة الأخيرة انتشر استخدام الشيشة الإلكترونية بشكل كبير في اليمن، وسط تسابق على تدخينها كنوع من الاستعراض والتباهي عند الكثيرين، لا سيما الشباب وصغار السن الذين لا يعرفون ما قد تسببه لهم، أو حتى ما تحويه بداخلها. وأصبح الأمر لافتًا للنظر والجدل والخطر؛ إذ تجد في كل مكان طفلًا بفمه جهازٌ صغير والدخان الكثيف يغطي ملامح وجهه.
يقول أنور عبدالله (12عامًا)، في حديثه لـ"خيوط"، إنه كان يرى أصدقاءه الأطفال في الحارة يستخدمون الشيشة الإلكترونية ويتباهون بها كثيرًا، وكان يشعر بأن منظرهم جميل وجذاب، أثناء خروج الدخان.
عندما كان يحاول استعارتها من أحدهم كانوا يرفضون، وفق حديثه، لكنهم في بعض الأحيان كانوا يسمحون له بتجربتها ثوانيَ معدودة، وهو ما يجعله يعزم على شرائها بدلًا من المحاولة مع أصدقائه الأطفال والذين هم في سنّه.
الشيشة "النرجيلة" الإلكترونية أو السجائر الإلكترونية عبارة عن جهاز إلكتروني صغير، يتكون من بطارية توفر الطاقة اللازمة لتشغيل الجهاز، وتعمل على تشغيل عنصر التسخين، والذي بدوره يقوم بتسخين سائل "الفيب" الذي يحتوي على النيكوتين والنكهات والمواد الأخرى لإنتاج البخار، وفي داخل الجهاز يوجد خزان يستخدم لتخزين سائل الفيب، ويحتوي على الملف الذي يوجد به عنصر التسخين، وفي مقدمة الجهاز توجد فوهة تستخدم لاستنشاق البخار الذي يتم إنتاجه من خلال الجهاز، والذي ينتج عنه ظهور دخان أبيض كثيف عند استنشاقه.
رخيصة ومتوفرة
يتم تشغيل الشيشة الإلكترونية عن طريق الضغط على زر التشغيل أو السحب من الفوهة، مما يؤدي إلى تسخين سائل الفيب وإنتاج البخار الذي يتم استنشاقه. ويختلف حجم البطارية وسعة الخزان ومستوى النيكوتين والنكهات المستخدمة بين الأجهزة المختلفة.
يشرح بشار الضبياني، وهو مالك محل متخصص بهذا النوع من الأعمال في "الشيش" أو "النرجيلة"، لـ"خيوط"، أن هناك أنواعًا كثيرة للشيش الإلكترونية، منها القلم، وهي بحجم صغير، بحجم القلم، وهناك الدراج، وهي أكبر من الأولى بقليل، والإكس فابريسو لوكس، وغيرها من الأنواع الكثيرة؛ أصغرها بحجم القلم، وأكبرها بحجم قبضة اليد، وهو ما يجعلها مميزة وسهلة التنقل، بالإضافة إلى أنها لا تحتاج إلى مجهود من أجل إعدادها، وسهلة الاستخدام والنقل أيضًا.
طبيب عام يؤكد أنّ الشيشة "النرجيلة" الإلكترونية تحتوي على مادة الجلسرين البروبان جلسرين، التي عادةً ما تنتج الزيوت الطيارة والترسبات على القصبة الهوائية، لافتًا إلى أنّ الشيشة الإلكترونية تحتوي على نسبة نيكوتين أكثر من الشيشة التقليدية، كما أنه خام ولا يحترق كما يحدث في التقليدية.
إضافة إلى مميزات هذا النوع من الشيشة، يشير الضبياني في حديثه إلى أنها رخيصة الثمن ومتوفرة بكثرة وفي مختلف الأماكن؛ ما يجعل الإقبال عليها كبيرًا، وهناك نوع مستورد وهي غالية الثمن تصل قيمتها في بعض الأحيان إلى 30 ألف ريال، وأخرى محلية الصنع تصل قيمتها إلى 4 آلاف، بالإضافة إلى أنّ هناك أنواعًا مستخدمة، ويكون سعرها أقل وعليها طلب كبير.
وفي وقت لاحق، استطاع أنور جمع أربعة آلاف ريال من مصروفه الشخصي مع مما حصل عليه أثناء العيد من مبالغ بسيطة من الأهل، وذهب لشراء الشيشة بذلك المبلغ، ويقول إنه لم يلقَ معارضة من والديه بخصوصها كونهم يرونها شيئًا عاديًّا.
اعتقاد خاطئ
يعتقد معظم الناس أنّ الشيشة الإلكترونية مجرد جهاز ليس له أي تأثير، لأسباب قد تتعلق بكونه جهازًا إلكترونيًّا بعكس السجائر، وهو ما يجعل كثيرًا من آباء وأمهات الأطفال يتغاضون عن أطفالهم بل في بعض الأحيان يقومون بتوفيرها لهم.
في الصدد، تقول عزيزة محمد (46 سنة)، إنّها اشترت شيشة إلكترونية صغيرة لابنتها البالغة من العمر 13 عامًا، بعد أن رأتها عدة مرات وهي تستعمل شيشة إلكترونية خاصة بصديقتها، وتشير في حديثها لـ"خيوط"، إلى أن ما دفعها لشرائها هو خوفها من أن تقوم ابنتها بتدخين الشيشة التقليدية، إذ إنها ترى أنّ الشيشة الإلكترونية مجرد جهاز يخرج دخانًا ناتجًا عن بخار الماء فقط، بعكس الشيشة التقليدية التي تسبب الإدمان ولها مخاطر أخرى كثيرة.
وبعكس المفهوم الشائع فإنّ الشيشة الإلكترونية تسبّب الإدمان نتيجة مادة النيكوتين، إضافة إلى أنّها تجذب الأطفال والمراهقين إلى عادة التدخين السيئة والضارة، بسبب شكل الشيشة الإلكترونية الجذاب ونكهاتها المتعددة، ما قد يجعلهم مرشحين ليصبحوا مدخنين منتظمين.
في السياق، تؤكد منظمة الصحة العالمية أنّ الشيشة الإلكترونية تحتوي على حوالي 8 آلاف نكهة في السوق تشبه الحلوى، وتجذب الأطفال، وهو ما يجعلها تستهدف بشكل خاص الأطفال.
وتقول إنّ استخدام التبغ بواسطة النرجيلة (الشيشة) يضر الصحة بطرق مماثلة لاستخدام التبغ بالسجائر. ولا يعتبر استخدام التبغ بالنرجيلة بديلًا آمنًا عن السجائر، ولا يوجد دليل على أن هناك أي جهاز أو أدوات ملحقة يمكنها أن تجعل التدخين أكثر أمانًا، وتدعو "الصحة العالمية" إلى إدراج النرجيلة في جهود مكافحة التبغ.
مخاطر صحية
تعتبر الشيشة "النرجيلة" أو السجائر الإلكترونية أقل قيمة من السجائر التقليدية، إلا أن استخدامها يشكّل تهديدًا على المراهقين وأجنّة الأمهات الحوامل، بحسب منظمة الصحة العالمية، والتي تشير أيضًا إلى أنّها تزيد من تعرض غير المدخنين والمارّة للنيكوتين وعدد من المواد السامة الأخرى، وتبيّن الأدلة الموجودة أيضًا أنّ الرذاذ الناتج عن السجائر الإلكترونية ليس مجرد بخار ماء على النحو المزعوم غالبًا.
يؤكد محمد العتيق، وهو طبيب عام، لـ"خيوط"، أنّ الشيشة "النرجيلة" الإلكترونية تحتوي على مادة الجلسرين والبروبان جلسرين، التي عادةً ما تنتج الزيوت الطيارة والترسبات على القصبة الهوائية، لافتًا إلى أنّ الشيشة الإلكترونية تحتوي على نسبة نيكوتين أكثر من الشيشة التقليدية، كما أنه خام ولا يحترق كما يحدث في التقليدية.
ويرى العتيق أنّ مشكلة الشيشة الإلكترونية وجود نكهات مختلفة مجهولة المصدر، وهذه النكهات والمواد لا أحد يعلم مدى خطورتها على المتعاطي، وهناك أمراض قد تحدث للشخص نتيجة استخدام الشيشة بعد شخص آخر، لا سيما الأمراض التي تنتقل عبر الفم واللعاب.
وتشير دراسات وأبحاث في هذا المجال إلى أنّ السجائر أو الشيشة الإلكترونية تحتوي على مواد كيميائية تختلف طبيعتها وجودتها من نوع لآخر، تسبب مشاكل عديدة في حساسية الجهاز التنفسي، وذلك بسبب احتوائها على عنصري البروبيلين غليكول (Propylene glycol)، والغليسرول (Glycerol)، بنسبٍ عالية.