بدأَت في العام 2016، ظاهرة تجنيد أطفال من مختلف مديريات محافظة لحج، تتراوح أعمارهم بين (14 و17 عامًا). زاد هذا النشاط حدةً خلال عام 2018، حتى بلغ ذروته خلال العامين الأخيرين 2019 و2020.
يتوجه العديد من هؤلاء إلى الالتحاق بمعسكرات الساحل الغربي، المخا بالتحديد، والبعض الآخر يلتحقون بمعسكرات داخل نطاق محافظة لحج، وآخرون بمعسكرات محافظات عدن وأبين والضالع.
أما مطلع ومنتصف عام 2019، فتطوّر هذا الانتهاك؛ حيث التحق عدد من أطفال محافظة لحج بمعسكرات موالية للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا في الحدود بين السعودية واليمن.
وبالنظر إلى وقائع تجنيد الأطفال التي رصدتها مواطنة لحقوق الإنسان بلحج، خلال العامين الأخيرين (2019/2020) فإن أغلب الأطفال المجندين -إن لم يكن جميعهم- يسعون للالتحاق بالتجنيد لأسباب مادية، حيث الفقر والعوز والبطالة، أبرز السمات التي تطبع واقع المحافظة.
لذا فإن هؤلاء الأطفال يقادون لمعسكرات التجنيد لأجل الحصول على راتب شهري، حيث معظم المعسكرات التي التحقوا بها مدعومة من طرف التحالف بقيادة السعودية والإمارات، وتدفع رواتب شهرية تصل إلى ألف ريال سعودي. هذا بالإضافة إلى أن بعض المعسكرات تغري جنودها بإضافة مصروف يومي إلى رواتبهم، يقدر بمبلغ ألفي ريال يمني. هذا الطعم كان كافيًا لزجّ الأسر بأطفالها إلى جبهات المعارك.
ورأت "مواطنة" أن الأطفال المجندين عادةً ما يتركون المعسكرات الأولى التي يلتحقون بها، للبحث عن معسكر آخر، حالما تصلهم معلومات بأن المعسكر "الفلاني" يصرف رواتب مجنديه بشكل منتظم، أو أنه لا يشهد تشديدًا في أداء المهام القتالية والالتزام بالدوام، كما أن البعض منهم غادر معسكره للالتحاق بمعسكرات تقع في الحدود بين اليمن والسعودية؛ لأن هذه الأخيرة تصرف لهم رواتب مغرية، قد تصل إلى ثلاثة آلاف ريال سعودي.
تتفاوت مصائر هؤلاء الأطفال المجندين، بين التعرض للقتل والإصابة في جبهات القتال، والبعض منهم تعرض للأسر، والبقية لا يزالون يقومون بمهامهم القتالية، باستثناء نسبة قليلة لا تكاد تذكر، لأطفال غادروا بيئة التجنيد وعادوا لممارسة حياتهم الطبيعية
لكن منتصف العام 2020، شهد مؤشرًا جديدًا بالنسبة للتجنيد في محافظة لحج، ويرجح أن يكون السبب هو انقطاع رواتب كثير من المعسكرات التي كان يديرها التحالف بقيادة السعودية والإمارات، إلى جانب أوامر صدرت من التحالف أيضًا بالتوقف عن استقبال مجندين جدد.
لكن هذا المؤشر لا يعكس التزام القيادات العسكرية بهذه الأوامر، حيث تم رصد استقبال بعض المعسكرات لمجندين أطفال جدد، يتم إلحاقهم بجبهات القتال بنظام يدعى "البدائل"، ويعني إحلال هؤلاء الأطفال بديلًا عن بعض المتسربين من ثكناتهم، بحيث يأخذ المجند الجديد الراتب والمهام التي كانت خاصة بمجند آخر.
أما المهام التي يقوم بتأديتها الأطفال المجندون، فوجدت منظمة مواطنة لحقوق الإنسان أن نسبة كبيرة منهم يشاركون بأعمال قتالية، وبالتحديد في جبهات الساحل الغربي والضالع وأبين ولحج وجبهات القتال في الحدود اليمنية السعودية، ثم يأتي بعد ذلك الأطفال المجندون الذين توكل إليهم مهام ليست قتالية بالمعنى المباشر، مثل حراسة مواقع عسكرية، أو التمركز في نقاط التفتيش العسكرية والأمنية، وهي أماكن بعيدة عن الصفوف الأمامية للقتال.
لذلك، تتفاوت مصائر هؤلاء الأطفال المجندين، بين التعرض للقتل والإصابة في جبهات القتال، والبعض منهم تعرض للأسر، والبقية لا يزالون يقومون بمهامهم القتالية، باستثناء نسبة قليلة لا تكاد تذكر، لأطفال غادروا بيئة التجنيد وعادوا لممارسة حياتهم الطبيعية.
وتقع المسؤولية، أيضًا، في هذه الأفعال، على جهات بعينها، وخاصة في محافظة لحج، ويمكن هنا ذكر قوات الدعم والإسناد التابعة للحزام الأمني، "التي ينسب تبعيتها للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي تدعمه دولة الإمارات" بمحافظات لحج وعدن وأبين، ومعسكرات الساحل الغربي كألوية "العمالقة"، وألوية "هيثم قاسم" التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا، وأيضًا ألوية الصاعقة وقوات الحزام الأمني بمحافظة أبين، والألوية التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة الضالع، والألوية التابعة للحكومة المعترف بها دوليًّا في المناطق الحدودية بين اليمن والسعودية، حيث إن جميع تلك المعسكرات وحتى وقت قريب، وبمختلف ولاءاتها، كانت تتلقى الدعم المالي من قوات التحالف بقيادة السعودية والإمارات.