"اتصل زوجي وأخبرني باعتقاله، دون أن نعلم السبب، لو كان معنا وساطة كان زوجي خرج من المعتقل وعاد لأطفاله الذين حُرموا منه"؛ بهذه الكلمات اختزلت أمّ عبير- حنان عبدالله (اسم مستعار)، البالغة من العمر 34 عامًا، قصةَ اعتقال زوجها والعائل الوحيد لأسرته، دون ذنبٍ اقترفه.
في يوم الجمعة 12 يناير/ كانون الثاني 2024، الساعة التاسعة ليلًا، كان سفيان قائد علي (اسم مستعار- 39 عامًا)، مسافرًا من صنعاء وعائدًا إلى مديرية ذي السفال (محافظة إب)، وفي النقطة الأمنية لقوات النجدة بمنطقة الدليل، مديرية المخادر- محافظة إب، تم إيقاف السيارة التي كان يستقلّها (باص بلكة)، وتم تفتيش جميع الركاب وتفتيش هواتفهم، ومن ضمنهم يوسف، وبعد تفتيش هاتف يوسف وجدوا صورة له وبيده كتاب الإنجيل؛ تم القبض عليه وإحالته إلى إدارة أمن المخادر، ثم تفتيش حقيبة ثيابه أيضًا ومصادرة مبلغ قدره خمس مئة دولار، كان في حوزته.
تحولت حياة أمّ عبير وأطفالها إلى جحيم بعد احتجاز رب الأسرة بشكل غير قانوني، فيما لا تزال ابنتها عبير تعاني من صدمة نفسية منذ أن علمت أنّ والدها محتجز، بينما تعاني أسرته من ظروف اقتصادية سيئة، منذ احتجاز عائلها.
وُجِّهَتْ إلى يوسف تهمة التنصير (التبشير بالديانة المسيحية)، وهي تهمة مثيرة للضحك والسخرية، كما تصف زوجته التي تؤكّد أنّ زوجها معروف بالتزامه ومحافظته على الصلاة.
حكاية أسرة المحتجز يوسف، لا تختلف كثيرًا عن حكايات مئات المواطنين الذين يتم اعتقالهم من الطرقات والأسواق والأماكن التي يفترض أن يكون المواطن آمنًا فيها.
يفيد المحامي هيثم سلام (المحامي الموكل عن سفيان)، أنه لا يتم تقديم أيّ رعاية طيبة للمساجين، بل ولا يتم حتى تقديم الأكل والشرب، وهذه من المفترض أنّها من الحقوق البسيطة لأيّ شخص يتم تقييد حريته.
ومنذ اعتقال سفيان، قامت زوجته بالعمل وإعالة الأسرة وتحمل معاناة رعاية الأطفال وتربيتهم في غياب الأب؛ اضطرت مرغمة على العودة إلى ماكينة الخياطة التي كانت تعمل عليها قبل زواجها، لتتمكن من إعالة أبنائها، إلى جانب مكابدة التبعات النفسية التي تركها احتجاز يوسف على نفسية أطفاله وعائلته.
حقّ قانونيّ مفقود
يشير القانون اليمني إلى أنّ الاعتقالات غير مسموح بها إلا فيما يرتبط بالأفعال المعاقب عليها قانونًا، ويجب أن تستند إلى القانون، الأمر الذي يحتم على النيابة العامة الإفراجَ الفوري عن كل شخص قُيّدت حريته خلافًا للقانون أو وُضع في الحبس الاحتياطي لمدة أطول ممّا هو مصرح به في القانون أو في الحكم أو أمر القاضي.
وتذكر المادة (9) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أنّه لا يجوز اعتقال أيِّ إنسان أو حجزُه أو نفيُه. فيما ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة (9)، على أنّ لكل فرد الحق في الحرية والأمان على شخصه، ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفًا، ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون، وطبقًا للإجراء المقرر فيه.
وبحسب المحامي هيثم سلام، منذ اندلاع النزاع في اليمن، استحدثت أطراف النزاع في اليمن، عددًا كبيرًا من السجون، وارتكبت انتهاكات جسيمة في حقّ مئات المواطنين الذين تحوّلت حياتهم، وحياة زوجاتهم وأطفالهم وأُسرهم إلى جحيم.
ويبيّن سلام أنّه كان من حسن حظ سفيان، أنّ مكان احتجازه كان معروفًا منذ البداية، وهذا سمح لأسرته بالاطمئنان عليه، بالمقارنة مع كثير من السجناء والمختطفين، وأنّ معاناة تلك الأُسر تبدأ من لحظة اختطاف أحد أفرادها أو اختفائه قسريًّا، وهو ما يستغرق وقتًا طويلًا في البحث لمعرفة مكان احتجازه، ثم بعد ذلك الوقوف أمام السجون، ومنع الزيارات، ومنع إدخال الأدوية والغذاء، والتفتيش الدقيق، والإهانات لذوي المحتجزين أمام بوابات السجون.
(تعاون نشر مع مواطنة)