النساء في اليمن ضحايا التشهير بالعمل المدني

يشعرن بالإحباط من الحملات المتواصلة
سحر الكوري
September 6, 2022

النساء في اليمن ضحايا التشهير بالعمل المدني

يشعرن بالإحباط من الحملات المتواصلة
سحر الكوري
September 6, 2022

انتشرت حملات تشهير واسعة ضد المنظمات العاملة في اليمن، سلطت عليها هذه الحملاتُ جامَ غضبها، بدعوى أنّ المنظمات العاملة في اليمن تُفسِد أخلاق الفتيات اليمنيات، وتسلبهن الحياء، بالإضافة إلى كونها تحرّض الفتيات على التحرر غير المقبول والذي يصطدم مع عادات وتقاليد المجتمع اليمني؛ ما جعل هؤلاء الفتيات محل شك وريبة في أوساط قطاعات واسعة في المجتمع اليمني.

ترك العمل حفاظًا على السمعة

تركت رهام علي -اسم مستعار- (26 سنة)، عملها لدى إحدى المنظمات بسبب التنمُّر والكلام الجارح، والتشكيك في أخلاقها، بسبب انتمائها لإحدى المنظمات؛ الأمر الذي أحرج أسرتها التي ضغطت عليها لترك العمل؛ حفاظًا على سمعتها ومكانتها الاجتماعية، وهي بدورها رضخت للضغط.

تقول رهام لـ"خيوط": "كانت أوضاعي مستقرة نفسيًّا وماديًّا، تدعمني وتشجعني أسرتي، وأساعد في حلِّ الكثير من المشاكل الاقتصادية. لكن بعد أن تركت العمل نتيجة الضغط من قبل أسرتي، تمكّن منّي اليأس وتأثرت نفسيًّا".

"انتابني الإحباط والتوتر والقلق طوال فترة مكوثي في المنزل، خاصة أنني كنت قد قطعت شوطًا في تطوير نفسي واكتساب مهارات في مجال عملي، حاولت الخروج من هذا الفراغ والبحث عن عمل جديد، حتى خارج تخصصي، لكن دون جدوى!"، تقول رهام.

وتُعقِّب: "نحن من أسرة ميسورة، لكن بعد تركي الوظيفة، ظهرت مشاكل أسرية، منها قلة الموارد المالية؛ كون إخوتي الصغار في مدارس خاصة، وهذا بدوره يستلزم ميزانية مالية ثابتة وكبيرة".

أثّرت الحملات التشهيرية على المنظمات بشكل كبير، ما انعكس بدوره على النساء العاملات فيها، حيث أساءت الشائعات التي تضمّنتها، إلى سمعة الفتيات ودخلت في أعراضهن وحسن سيرتهن، وأظهرتهن كما لو أنهن خارجات عن العادات المجتمعية والتعاليم الدينية

نزاعات أسرية

من جهتها، تقول أيلول عبدالله، عاملة في إحدى المنظمات، لـ"خيوط": "أثّرَت الحملات التشهيرية على المنظمات بشكل كبير، ما انعكس بدوره على النساء العاملات فيها، حيث أساءت الشائعات التي تضمّنتها، إلى سمعة الفتيات ودخلت في أعراضهن وحسن سيرتهن، وأظهرتهن كما لو أنهن خارجات عن العادات المجتمعية والتعاليم الدينية!" .

وتضيف أيلول: "لقد تسببت هذه الحملات بمشاكل أسرية ونزاعات ومشادّات كلامية داخل البيوت؛ وضعٌ وقفت فيه الفتاة في قفص الاتهام دون ذنب". 

كُبِّلت النساء مجدّدًا، رغم أنّ الكثير منهن كُنّ مسؤولات عن إعالة أسر بأكملها، ليتدنى معه الوضع الاقتصادي والاستقرار النفسيّ للعديد من الفتيات والأسر. 

 لميس الرداعي، موظفة في إحدى المنظمات، تؤكّد بدورها، لـ"خيوط"، أنّ عددًا من الفتيات العاملات في المنظمات المدنية فَقدْنَ الرغبة في مواصلة العمل إثر هذه الشائعات التي تقف خلفها جهات ووسائل إعلام وأسماء معتبرة. مشيرة إلى أنّ الخوف من الإساءة لهن ولتعرضهن في بيئة شديدة الحساسية لهذه الأمور، هو المسيطر والشاغل الأول لتفكيرهن.

تحدٍّ وثقة

عبير عبدالله، تعمل لدى منظمة الإغاثة الإسلامية في حَجّة، تقول لـ"خيوط": "لم أترك العمل، رغم أنّ الكثير من الزميلات تركْنَ العمل بسبب منع أسرهن لهن. أحيانًا أواجه تحذيرات متكررة من أهلي، وتنبيهات بعدم التأخر في العمل، وهذا بدوره يسبب إزعاجًا كبيرًا لي، لكني أثق بكل ما أقوم به، ولا أخاف شيئًا".

"الأحكام القاسية التي يصدرها المجتمع بحقّنا كعاملات في منظمات المجتمع المدني، ألقت بأثرها علينا، لكنها لن تجبرني على الاستسلام طالما أنا واثقة بنفسي، وبما أقوم به من مهام إنسانية وإغاثية"؛ تتابع عبير. 

كوكب ناجي، عاملة في منظمة مجتمع مدني، تؤكّد أيضًا لـ"خيوط"، أنّها لم تترك العمل في المنظمة، لكن عملها أصبح ثقيلًا، بسبب: "القلق الذي ينتابني جراء الشائعات الكاذبة، ومن الضغط الذي أواجهه من الأسرة".

القانون مع الفتيات 

يقول توفيق الحميدي، محامي ورئيس منظمة سام للحقوق والحريات، لـ"خيوط": "هذا التضليل الذي تنتهجه حملات التشهير ضد الفتيات العاملات في منظمات مدنية وإنسانية وحقوقية، يرتكز على تزييف مكثّف للحقائق، قد يتسبب بخطر حقيقي في مجتمع يعاني من ضعف شديد في الوعي المدني".

وأفاد الحميدي: "في مثل هذه الحالة، لا بُدّ أن يواجه ذلك إعلامٌ ملتزم ونَشِط؛ لتصحيح المفاهيم المغلوطة، ويكشف الزيف، إلى جانب اللجوء إلى المؤسسات القانونية".

وأشار الحميدي إلى أنّ "القانون اليمنيّ يُجرِّم نشر معلومات مُضلِّلة ومغلوطة، خاصة التي تشكّل خطرًا على حياة الإنسان، ولهذا فالقانون يحمي الفتاة ويمنحها حق اللجوء للقانون ضدَّ كلِّ ما يُنشَرُ من الحملات الزائفة".

وعن دور المنظمات والجهات الحقوقية في هذه القضية، يؤكّد الحميدي لـ"خيوط"، أنّ المنظمات تقف ضد كل الحملات المضلِّلة التي تستهدف العمل المدني، والنساء بشكل خاص.

وأضاف أنه يتم رصد هذه الانتهاكات وتوثيقها وإصدار البيانات التي تكشف وتدين حملات التضليل والتشهير، وتعمل في الظروف الطبيعية على الضغط لإصدار مزيدٍ من القوانين التي تحمي المرأة.

•••
سحر الكوري

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English