الكلمات: أحمد حسين المفتي
اللحن: تراث
غناء: محمد سعد عبدالله
قصيدة "يقرب الله لي بالعافية والسلامة" لأحمد بن حسين المفتي، صارت مع الوقت عنوانًا بارزًا يشير إلى غناء الموشح اليمني "الغناء الصنعاني"، وقد تلقّفها الكثير من الفنّانين اليمنيّين المعروفين، غير أنّ صوت محمد سعد عبدالله هو الذي منحها هذا الجلال.
تقول بعض أبيات الأغنية:
يقرب الله لي بالعافيةْ والسلامةْ … وصل الحبيب الأغن
ذاك الحبيب الذي حاز الحلا والوسامةْ … وكل معنى حسن
ونسأل الله تعالى عودنا من تهامةْ … إلى سفح صنعاء اليمن
لأنّ صنْعَا سقاها الله فيض الغمامةْ … منزل حوت كل فن
ما مثل صنعاء اليمن … كلا ولا أهلها
صنعاء حوت كل فن … يا سعد من حلها
تطفي جميع الشجن … ثلاثَ في سفحها
الماء وخضرة رباها الفايقة والوسامة … وكل معنى حسن
كم يضحك الزهر فيها من دموع الغمامة … فيا سقاها وطن(1)
عن الشاعر
هو القاضي أحمد بن حسين بن علي بن محسن بن إبراهيم المعروف بالمفتي الحبيشي الإِبّي. نشأ بمدينة إب (وسط اليمن)، وأخذ العلم عن والده وغيره من علماء عصره، وأخذ أيام إقامته بزبيد لدى والده، على القاضي العلامة الحسن بن أحمد عاكش الضمدي، في علم المعاني، وكان صاحب الترجمة عالمًا متفننًا، شاعرًا بليغًا، أديبًا أريبًا، ناظمًا ناثرًا، وتولى القضاء في غير جهة من البلاد اليمنية.
عاش متنقلًا بين كثير من المدن اليمنية، لكنّه ظلّ كثير الاشتياق إلى صنعاء، ويظهر هذا جليًّا في كثيرٍ من قصائد ديوانه؛ ولذلك نرى الدكتور محمد عبده غانم يقول عنه: "فشاعرنا قد عرف التهائم أيام إقامته وتنقلاته فيها، وكان يشعر وهو فيها بحنين شديد إلى صنعاء- ذلك الحنين الذي يدل على أنّ شاعرنا، وإن كان نشأ في إب، فلا بدّ أنه أقام بصنعاء زمنًا ليس باليسير جعله يوطّد علاقته العاطفية بها إلى حد أنّه يقول في قصيدته الأولى أنه لا يجد مُناه إلا فيما حواه سور صنعاء. وهو في حنينه هذا إلى صنعاء، وهو في تهامة، يذكّرنا بالشاعر عبدالرحمن بن يحيى الآنسي الذي أقام في تهامة، وظل، وهو فيها، يذكر حنينه إلى صنعاء"(2).
عن الفنان
من مواليد الحوطة عاصمة لحج، في العام 1938، وتُوفِّي في عدن في أبريل 2000، عُرف، إلى جانب كونه مطربًا وملحنًا، بأنه شاعر غنائيّ، أصدر في العام 1984، ديوانًا شعريًّا عنوانه "لهيب الشوق".
"شكّل حالة استثنائية في المدوّنة الموسيقية اليمنية، شعرًا وتلحينًا وغناءً متنوّعًا، وهو تقريبًا ثاني اثنين أدّى أغانيه بجميع ألوان الغناء في اليمن (الصنعانيّ، اللَّحْجِيّ، الحضرميّ، اليافعيّ، العدنيّ) بعد الفنّان محمد مرشد ناجي، لكنه تميّز عن المرشدي بأنّه كتب كلمات الكثير من أغانيه التي صارت مع الوقت عنوانًا بارزًا في تاريخ الطرب اليمني المعاصر.
يقول عنه الفنّان والباحث الموسيقيّ، عصام خليدي:
"إنّه صـاحب التـجربة الغــنائيّة المــوسـيقية (الاستثنائية والشاملة المغايرة) في مسار تاريخ الغناء اليمنيّ الحديث والمعاصر، فـنّـان استطاع الـتـألُّـق والـتـفـرُّد بتـجـاربـه وعطاءاته ونتاجاته الإبداعية التي تـجسّدت في مـعـايـشة ومـحاكـاة ومـلامسة هـموم ومـعانـاة وقـضايـا المجتمع اليمني، وارتبطت ارتباطًا وثيـقًا بـأدقّ تفاصيل حـياتـنا الـيومـية، روحـيًّا وعـاطـفيًّا ورومـانسـيًّا ووطـنـيًّا ووجـدانـيًّا. نجح بن سـعـد فـي تـحـقـيق حـالـة (التماس والتـوحـد) الفني/ الثقافي/ الوطني/ الاجتماعي/ الفكري والإبداعي، مع مختلف شرائح وفـئات وطبقات الشعب اليمني، فـترجم ذلك أشعارًا وألحانًا مضمّخة بأسمى وأعظم المشاعر والأحاسيس الإنسانية النابضة والعميقة التي قدّمها خلال مشواره الفنّي الزاخر والحافل والمتجدّد، فأمتعَ وأسعد عشّاق فنّه ومحبّيه من المستمعين المتذوّقين للغناء والطرب الراقي والأصيل في داخل الوطن وخارجه، ليؤسّـس مدرسة غنـائية مـوسـيقية (مستـقلة) استوعبت وأجادت ببراعة وإتقان كلَّ أنماط وأشكال الموروث الغنائيّ اليمنيّ الهائل والضخم، بل إنّه تجاوز ذلك باشتغالاته المبتكرة والمتميزة بالتعاطي والتعامل بأدواته الغنائية الموسيقية مع (الحداثة والتجديد) في الغناء اليمنيّ، ويمكنني القول إنّ الفنّان الكبير محمد سعد عبدالله، استطاع أن يُصبح (معجم الغناء اليمني بفنّ الأصالة والمعاصرة).
قدّمَ الفنّان محمد سعد عبدالله، كلَّ ألوان الغناء اليمني: الصنعانيّ/ اليافعيّ/ الـعــدنيّ/ الحضرميّ/ اللَّحْجِيّ، بإجادة وبراعة واقتدار (شاعرًا وملحّنًا ومؤدّيًا من الطراز الأول)(3).
___________
(1) ديوان الشعر الصنعاني، د. محمد عبده غانم، المكتبة اليمنية للنشر والتوزيع صنعاء، الطبعة الرابعة 1985، ص317.
(2) ينظر: وضاح عبدالباري طاهر، أحمد بن حسين المفتي الشاعر الذي عشق صنعاء:https://www.facebook.com/TheYANews/posts/pfbid02tT29rMGAnHdqW4Siem1NRVTJuWKGYnSi8iXQrYe5bnhCLkgKKcioA98AgBxU2GbMl?__tn__=%2CO*F
(3) ينظر: https://www.khuyut.com/blog/mahl-ma-yajibak