المرأة في مرمى الابتزاز الإلكتروني

من استسهال الضحية.. إلى تهاون عقاب الجاني
نجيب مقبل
October 29, 2024

المرأة في مرمى الابتزاز الإلكتروني

من استسهال الضحية.. إلى تهاون عقاب الجاني
نجيب مقبل
October 29, 2024
.

ما زال مسلسل الابتزاز الإلكتروني للفتيات وللمرأة في بلادنا متواصلًا، وتقع العديد من الفتيات الغافلات في مصيدة المبتزين المحترفين الذين يمارسون ابتزازهم المادي والمعنوي على كل من يتم اصطيادهن في غفلة أو هفوة أو حسن نية، من خلال التهديد بنشر خصوصياتهن، من منشورات أو صور أو فيديوهات في الفيس أو الإنستغرام أو التيك توك وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي .

آخر هذه الجرائم، ولن تكون الأخيرة، واقعة ابتزاز شاب دخل في علاقة عاطفية مع فتاة ميسورة الحال، استطاع المبتز تحويل هذه العلاقة العاطفية للفتاة التي كانت تتراسل معه بصورها الشخصية، إلى جحيم استعبادي استمر أكثر من عام، واستغلاله لها في ابتزاز مادي وصل إلى مئات الملايين من الريالات.

وحالة أخرى وصل فيها الزوج إلى تهديد زوجته السابقة بنشر صورها الخاصة على الشبكة العنكبوتية انتقامًا منها، وهناك حالات كثيرة لوقوع الضحايا في مصيدة الابتزاز الإلكتروني، أغلبها غير معلنة بسبب الخوف من الفضيحة، تؤدي بالضحية إلى الاستسلام لرغبات المبتز ماليًّا أو معنويًّا أو جسديًّا، والجامع لكل هذه القضايا هو الاستغلال اللاأخلاقي لدى بعضٍ من ذوي الضمائر الميتة في استغلال ضحيته، تارة بخيانة الأمانة التواصلية بين المبتز وضحيته، وتارة لأسباب انتقامية أو ما شابه من الدوافع التي تمكّن المبتز من الحصول على مبتغاه من الصور أو الفيديوهات الخاصة التي تكشف ستر المرأة وتفضح خصوصيتها، ثم التهديد بنشرها على الإنترنت، في مجتمع محافظ لا يرحم في التعامل مع الفضيحة الاجتماعية؛ مما يدفع الضحية إلى الاستسلام لرغبات المبتز حتى لا ينفضح أمرها أمام الأهل والملأ أجمعين، وهكذا دواليك.

لا بد من أن تتضمن مناهج التعليم الأساسي للطلاب والطالبات في سن المراهقة مادةً عن الأمن السيبراني، وتقنياته، وطرق الحماية، والمخاطر الناجمة عن الاستخدام السيئ للتراسل غير الآمن، ومكافحة الجريمة الإلكترونية، ومخاطر الابتزاز الإلكتروني، وغيرها من محتويات الأمن الإلكتروني.

لعل الاستسهال الذي تُبديه تلك الفتيات الغافلات عن مخاطر وقوعهن في براثن وحوش الابتزاز الإلكتروني، هو ما يجعلهن فرصة سانحة لهؤلاء المتوحشين للُّصوصيّة المادية المالية وهي الأكثر شيوعًا، أو الابتزاز المعنوي أو الأخلاقي لهن؛ لأنهن -الضحايا- يتعاملن مع الشاشة الإلكترونية أو الموبايل بقليل من الحرص وكثير من الاستهتار في استخدام الحرية الشخصية، أو بحسن نية شخصية أو بسبب علاقة عاطفية كما جرى لفتاة الحالة الأولى.

نحن نتوقع من الجميع، أفرادً عاديين ومجتمعات محافظة، أن يسود احترام الخصوصية لكل فرد، رجلًا أو امرأة، باعتباره واجبًا دينيًّا وأخلاقيًّا وعرفًا اجتماعيًّا، وعليه فإننا نتوقع أنّ أيّ مستخدم يتعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي، يتمتع بحرية شخصية مسؤولة، لكن هناك تنامٍ للجريمة الإلكترونية، تدفع ضعاف النفوس من المهكِّرين المحترفين أو المتخفين تحت أسماء نسائية أو ممّن يستغلون الطيبة غير المقننة لبعض الفتيات، أو الدخول في صداقات وعلاقات عاطفية غير مأمونة الجانب معهن، إلى ارتكاب جرائمهم، فيصبحن ضحايا تحت طائلة الجريمة الإلكترونية لهؤلاء المبتزين .

الفضاء الإلكتروني ومخاوف التراسل

أسوأ ما في التراسل في الفضاء الإلكتروني، الشعور بأنك مصان، وأنه يمكن من وراء الشاشة أن تلقي خفر الحياء جانبًا، فتسترسل في التواصل غير المأمون، وتتشارك بل وتتمادى في خلع خمار الحياء والخفر المطلوبين من الفتاة أو المرأة، باعتبار هذا الفضاء الإلكتروني آمنًا من استراق النظر أو الكشف والفضح للآخرين، مثلما الشعور بأن هذا المرسَل إليه آمن في الحفاظ على سرية التداول معه.

والحقيقة؛ لا الفضاء الإلكتروني آمن من التهكير والدخول غير المشروع لأي مهكر لحساباتك، ولا "المتراسَل" معه يمكن أن تضمن ألا يَعْدِل عن أخلاقيات الدِّين والمجتمع، فتجده في لحظة جشع تحت انقلاب أخلاقي مفاجئ، يتحول إلى انتهازي، يرمي بالإنسانية والأخلاق وراء ظهره، ويستغل كل المراسلات والصور للتهديد بالنشر العام على الإنترنت لتحقيق أغراضه الدنيئة .

بالوقوف أمام كل هذه المخاوف، يمكن للمستخدم أو المستخدمة تحديدًا، أن تأمن الاختراق أو الابتزاز إذا جعلت من الحياء الاجتماعي تقنينًا لها في التعامل مع الآخر المتراسَل معه، كما يمكن ألا تكون محتويات التراسل أو الحفظ قابلة للتداول عبر التهكير أو غيره أو الاستغلال الشيطاني؛ وهذا ما يجب أن تعلمه بناتنا وأخواتنا وهن يستخدمن الفضاء الإلكتروني. يجب أن يتدثرن بالحرص والاقتصاد في طرح الخصوصيات المفرطة في التراسل، وجعل الحيطة والحذر والأمان ديدنًا لهن في فضاءٍ ليس له أمان، وفي التعامل مع بشر مهما بدا عليهم شيء من الأمان، فقد يظهر أحدهم بلا أخلاق، يصير في لحظة عمى إنساني وضمن اطمئنان عاطفي لدى الفتاة المتراسلة معه "وحشًا"، وتصير الضحية أمام مبتز، وسيلتُه هتكُ الستر وفضح العِرض، مستأنسًا بأنه في فضاء حر ويقبع وراء شاشة، وربما يتمترس وراء اسم مستعار يعطيه الحق في ارتكاب جريمة الابتزاز دون ملاحقة قانونية أو اجتماعية .

وفي ظل انعدام القيم الضابطة للأفراد أو المجتمع أو الدولة التي تعلي من قيم الخصوصية الفردية، وتحمي العرض والشرف من المساس بهما، وعدم وجود قانون يجرم الجريمة الإلكترونية أو جهات أمنية سيبرانية مختصة بهذه الجريمة المستحدثة مع التطور التكنولوجي في ظل سعة الفضاء الإلكتروني لاستخدامات شديدة الخصوصية، مثل الصور والفيديوهات أو المراسلات، يصبح الفضاء مفتوحًا لاقتراف الجرم الإلكتروني من هذا المبتز أو ذاك بحق فتاة أو امرأة وثقت به .

فالجريمة الإلكترونية، والابتزاز الإلكتروني للفتيات، أصبحت اليوم إحدى شواغل المجتمع واهتماماته؛ لِمَا لهذا الجانب من عواقب وخيمة على الضحايا، وبالأخص النساء.

صحيح أنّ المطلوب هو أن نوجّه لغة الردع لكل من يقترف هذه الممارسات والجرائم الإلكترونية من جميع الفئات، رجالًا ونساء، أو الوسطاء، وربما تكون الوسيطة لارتكاب هذه الأعمال والممارسات امرأة أخرى على علاقة بالضحية، تستغل ضحيتها لكي تتشارك مع مبتزٍّ ما في المكسب المادي أو الانتقام اللاأخلاقي من غريمة مفترضة أو غيرها من الأسباب بحسب كل حالة. 

من الأهمية البالغة تنميةُ الوعي الإلكتروني من مخاطر الاختراق وسرقة الخصوصيات، وتعلم طرق الأمان الإلكتروني، وعدم حسن النية والاستسهال في التراسل مع الآخر، وعدم الدخول في مواقع مشبوهة أو في صداقات وعلاقات عاطفية تنسكب فيها كل الخصوصيات من صور وفيديوهات ومنشورات مكتوبة بعاطفية مفرطة، وغيرها من الاحتياطات.

إن الفسحة الواسعة التي يتيحها الفضاء الإلكتروني، تتطلب الحرص والحيطة والحذر لدى جميع المستخدمين، رجالًا ونساء، وألا يكونوا ضحايا الفضح والابتزاز بهذه السهولة من إتاحة وقوع الانتهاك، ولعل التهكير والدخول غير المشروع إلى الصفحات أو المواقع الإلكترونية (الفيس، الإنستغرام، التيك توك، وغيرها)، أحد هذه الوسائل، وهذا الوصول لا يمكن أن يكون حاصلًا لأحدٍ ما لولا خطأ يرتكبه المستخدم في فتح رابط مهكر، أو تواصل مع آخر غير مؤتمن، أو المشاركة من دون حساب أو حيطة لأحد غير معروف، أو النشر في مجموعات يُعتقَد أنها ذات خصوصية، مثل "الجروبات" النسوية، أو التراسل مع آخر في علاقة صداقة أو علاقة عاطفية، كل ذلك وغيرها من الطرق السهلة، تؤدّي إلى ارتكاب الجريمة الإلكترونية التي لا يتوقف نزيفها في عالم الفضاء الإلكتروني، وتقود حتمًا إلى حالات متوالية من الابتزاز للضحايا، وأغلبهم من الفتيات والنساء.

واقعة خاصة مع الاختراق الإلكتروني

قبل يومين راسلتني امرأة -أختصر اسمها (م. خ)- عبر الإنستغرام، تقول لي إنّ منظمة تدعى (الحلم) تبشرك بالحصول على مبلغ مالي، قدره (٣٥٠ ألف دولار)، وأن المطلوب هو فتح الروابط لاستلام المبلغ المذكور. وفي لغة هابطة غير احترافية، تُهلِّل المتراسلة المجهولة وتبشرني بالخير السعيد، وتحثّ العبد لله، بأن هذا المبلغ هو لمواجهة تكاليف الحياة.

هكذا تتراسل معي امرأة ذات وجه حسن واسم جميل، وربما هو اسم وصورة مستعارة، وتغريني أنا الرجل الكهل، بمغريات مادية ومبلغ مالي مهول، لا تقوى النفس الهلوع على مقاومة الوقوع في فخ إغراءاته.

مثل هذه المغريات الإلكترونية قد تفتح شهية بعضهم لارتكاب الفضول القاتل بأن يساورك هاجس؛ لماذا لا تفتح الرابط أو الروابط، لعلّ فيها خيرًا وجائزة كبرى؟ والحقيقة أنّ الحيطة والحذر مطلوبة هنا لمثل هذه الرسائل المجهولة الهُوية والمغرية، وعلى المرء أن يتوقف عن هذا الفضول القاتل، وعدم الانقياد لدغدغة المشاعر المادية في ظل الاحتياجات المادية للكثير من الأسر والأفراد، والوقوف المبكر عند التساؤل: لماذا هذه الجائزة المغرية لشخصك، وتحت أيّ سبب تُمنح لك جائزة كهذه بالمصادفة وبدون أسباب أو دافع مقنع؟ والجواب العقلاني يقول لك: إنّ هذا هكر، وأنّ الرابط أو الروابط المطلوب فتحها هي أداة للدخول إلى خصوصياتك وكل ما يتعلق بك من معلومات فردية ومنشورات وصور وفيديوهات وغيرها، لتصبح صفحاتك في مواقع التواصل الاجتماعي بابًا مشرعًا لهذا المهكر الذي يجيء إليك كما جاءني تحت اسم نسائي وصورة جميلة؛ والحقيقة أنه "هكر واضح".

هكذا يتم استغلال المستخدم الطيّب أو بعض الفتيات حسنات النية وغير الحريصات في فهم الطرق التي يسلكها المتطفلون أو مجرمو الابتزاز لاختراق موقعك الإلكتروني في شبكات التواصل الاجتماعي.

هذا نموذج واحدٌ فقط من وسائل الوصول إلى محتويات بالغة الخصوصية (منشورات، مراسلات، صور الفيديوهات)، تكدسها بعض الفتيات والنساء في مواقعهن، ويكون الطريق سهلًا لاستغلالها في عملية الابتزاز الإلكتروني من خلال إحدى طرق التهكير أو النشر غير المشروع .

لذا، من المهم أن يكون لدى المستخدم أو المستخدمة للفضاء الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي قليلٌ من الوعي الوقائي حول كيفية اقتراف الجريمة الإلكتروني، والطرق والوسائل التي تستخدم لارتكابها، فالفضاء الإلكتروني الذي يعتقده المستخدم أو المستخدمة أمانًا مفرطًا، باعتبار أنّ هنالك مفتاح دخول- "باس وورد" (كلمة السر)، أو ترميزًا ما لجهاز الموبايل أو جهاز الحاسوب وغيرها من التأمينات الإلكترونية، ليس كافيًا لأنْ يمنحك أو يمنحكن الأمان المفرط في حفظ محتويات الخصوصية.

ويجب على المستخدم أو المستخدمة الحرص في اختيار الآخر الذي تراسله، والحفظ المأمون للصور والفيديوهات في حوافظ خارجية غير متاحة للنشر، وعدم التباهي بنشر صور الحفلات والأعراس كما تفعل بعض الفتيات، إلى جانب تنمية الوعي الإلكتروني من مخاطر الاختراق وسرقة الخصوصيات، وتعلُّم طرق الأمان الإلكتروني، وعدم حسن النية والاستسهال في التراسل مع الآخر، وعدم الدخول في مواقع مشبوهة أو في صداقات وعلاقات عاطفية تنسكب فيها كل الخصوصيات من صور وفيديوهات ومنشورات مكتوبة بعاطفية مفرطة، وغيرها من الاحتياطات التي تؤمّن للفرد، رجلًا أو امرأة، عدم الاختراق للخصوصية والدخول إلى منشوراتك أو صورك أو أفلامك، واستغلالها في الابتزاز الإلكتروني الذي يحل كارثة على الأفراد، وخصوصًا النساء اللواتي يحفظن في صفحاتهن أو ينشرن في شبكات التواصل صورًا وفيديوهات لهن في منتهى الخصوصية، ومن ثم يقعن ضحايا لأيّ منتهِك انعدم فيه الضمير، يمارس ابتزازه بكل وقاحة، وتضطر الضحية بفعلته هذه إلى أخذ الخيارات المؤلمة؛ إما الاستسلام لشهوة المال أو شهوة الجسد أو اختيار قاتل كالانتحار خوفًا من الفضيحة، وقليلٌ هن مَن يلجأن إلى أجهزة الأمن، والأمن السيبراني تحديدًا، لتقديم بلاغ أو شكوى ضد فاعل مجهول، يمكن الوصول إليه أو لا يمكن ذلك.

وبالطبع بالنسبة لأيّ فتاة في مجتمعنا المحافظ يكون دالة خياراتها هي الخوف كل الخوف من الفضيحة من فضح الستر الذي كانت الضحية متراخية في حفظه بحجة الأمان الإلكتروني، وهي كذبة كبرى، فكل المعلومات والبحوث الحديثة تؤكّد أنّ كل مستخدم للفضاء الإلكتروني مخترق .

إنّ كل الخيارات التي تسلكها الضحية بعد وقوع الجرم الإلكتروني، لا يُلغي عنها وقوعها تحت التهديد المستمر للفاعل المجرم أو الفاعلة التي استغلت صداقتها للضحية، وباعت ثمن هذه الصداقة لشريكها المبتز ليتشاركا ثمن الابتزاز.

مواجهة مجتمعية وقانونية

موضوعيًّا؛ نقول إنه لا بد من وجود دوائر أو إدارات للأمن السيبراني، تكون وظيفتها ليس الأمن القومي فقط، بل الأمن الفردي والمجتمعي، ومنها جرائم الابتزاز الإلكتروني، كما لا يفوتنا المطالبة بتجديد قانون العقوبات تماشيًا مع العصر الإلكتروني الحديث، وتخصيص أبواب خاصة بتعريفات قانونية محددة للجرائم الإلكترونية وعقوبات محددة لجرائم الابتزاز الإلكتروني، وتكون عقوباتها مغلظة لمرتكبي الجرائم الإلكترونية التي تمس الشرف والعِرض وتنتهك الخصوصيات؛ وذلك من أجل استمرار الحفاظ على التماسك الاجتماعي، وتجسيد القيم الدينية والإنسانية والأعراف والأخلاقيات الفردية والمجتمعية في عالم معاصر تغير كليًّا منذ أن دخلت الثورة الإلكترونية والمعلوماتية، وانفتاح الفضاء الإلكتروني على استخداماتنا الحيوية في الحياة العامة والخاصة، وعلينا أن نتواكب معها قانونيًّا وإجرائيًّا، وضرورة المساندة المجتمعية للضحية، سواء من الأسر أو من المجتمع ومنظماته النسوية، كمنظمات المرأة وحمايتها من العنف، والمنظمات الحقوقية والقانونية، وتوسيع دائرة النقاش والحوار في ندوات وورش خاصة عن الجرائم الإلكترونية. أما من جهة الدولة، فعليها تفعيل نيابات الأمن السيبراني، وتفعيل أداء المحاكم وبتّها في قضايا الجريمة الإلكترونية، وعدم إفلات المدانين بالابتزاز من العقوبة، وملاءمة عقوباتها مع عقوبات جرائم الشرف وانتهاك العِرض.

أصدر النائب العام قرارًا بفتح قسم (مكافحة الابتزاز الإلكتروني) في نيابة الصحافة والنشر الإلكتروني في عدن، لمتابعة قضايا الجرائم الإلكترونية وإحالتها إلى القضاء، لكنّ كثيرًا من ضحايا الابتزاز الإلكتروني من النساء، لا يتجرأن على طرح قضاياهن أمام القضاء.

ولا يفوتنا الإشارة إلى أنه لا بد من أن تتضمن مناهجَ التعليم الأساسي للطلاب والطالبات في سن المراهقة مادةً عن الأمن السيبراني، وتقنياته، وطرق الحماية، والمخاطر الناجمة عن الاستخدام السيئ للتراسل غير الآمن، ومكافحة الجريمة الإلكترونية، ومخاطر الابتزاز الإلكتروني، وغيرها من محتويات الأمان الإلكتروني .

إجمالًا؛ الابتزاز الإلكتروني الذي يطال المرأة فعلٌ قبيح في مضمونه وفي استخداماته وانحطاط أهدافه، لا يقوم به إلا فاعل متجرد من الرجولة والشرف والأمانة، وهو في فعله الجبان يكشف عن شخصية وحشية مريضة لا يحركها إلا الاستقواء على شرف المرأة التي صانها الدِّين والعُرف ومبادئ الأخلاق، وهو جبان لأنه يتحصن وراء استغلال ما تملكه المرأة، ووسيلته في ذلك هو التهديد بفضح المستور من الخصوصية من أجل حفنة من المال أو مآرب غير مشروعة؛ لذلك فإن قرار إدانة مرتكِب الابتزاز الإلكتروني في حال اكتشافه متلبِّسًا بفعل الجريمة لا يقل عن عقوبة من ينتهك العِرض والشرف، كما تفعل بعض قوانين جرائم الابتزاز في بعض الدول العربية، مثل مصر وغيرها.

وحسنًا فعل النائب العام بإصداره قرارًا بفتح قسم (مكافحة الابتزاز الإلكتروني) في نيابة الصحافة والنشر الإلكتروني في عدن، لمتابعة قضايا الجرائم الإلكترونية وإحالتها إلى القضاء. لكنّ كثيرًا من ضحايا الابتزاز الإلكتروني من النساء، لا يتجرأن على طرح قضاياهن أمام القضاء؛ لخوفهن من "الفضيحة" الأسرية والمجتمعية، ويكتفين بمعالجة قضاياهن على النحو الذي يسمح للجاني بالحصول على المقابل بصورة ودّية ومن دون شوشرة مجتمعية، وقد يؤدي ببعضهن إلى الانتحار خوفًا من الفضيحة. وهنا لا بدّ من دقّ جرس الإنذار.

•••
نجيب مقبل

إقـــرأ المــزيــــد

شكراً لإشتراكك في القائمة البريدية.
نعتذر، حدث خطأ ما! نرجوا المحاولة لاحقاً
English
English