يعاني ما يقرب من مليار شخص في جميع أنحاء العالم، من شكل من أشكال الاضطرابات العقلية، وكل 40 ثانية يموت شخصٌ ما بسبب الانتحار، في حين يعتبر الاكتئاب هو السبب الرئيسي للمرض والإعاقة في أوساط الأطفال والمراهقين.
ويتيح اليوم العالمي للصحة النفسية، الذي يصادف العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول كل عام، فرصة لإذكاء الوعي بقضايا الصحة النفسية وتعبئة الجهود من أجل دعمها.
وتقول المنظمات الأممية المعنية، إن الانتحار يحدث في أي فترة من العمر، وهو ثاني الأسباب الرئيسية للوفاة في أوساط من تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا على نطاق العالم.
وحسب الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش، فإن كل هذه الحالات كانت واقعة، حتى قبل تفشي جائحة كـوفيد-19، إذ "أصبحنا الآن نرى عواقب الجائحة على السلامة العقلية للناس بشكل كبير".
نقص الخدمات
وتواجه فئات عديدة، تشمل كبار السن والنساء والأطفال والأشخاص الذين يعانون من أمراض عقلية، خطرَ الإصابة باعتلال صحي شديد في المديَين المتوسط والطويل إذا لم تتخذ أي إجراءات.
وعلى الرغم من ثبوت الصلة بين الانتحار والاضطرابات النفسية، (خاصة الاكتئاب والاضطرابات الناجمة عن تعاطي الكحول) في البلدان المرتفعة الدخل، فإن كثيرًا من حالات الانتحار تحدث باندفاع في لحظات الأزمة عندما تنهار قدرة المرء على التعامل مع ضغوط الحياة، مثل المشاكل المالية، أو الانفصال أو الطلاق أو الآلام والأمراض المزمنة.
يعاني من الاكتئاب نحو 280 مليون شخص في العالم، ويختلف الاكتئاب عن تقلبات المزاج المعتادة والانفعالات العابرة إزاء تحديات الحياة اليومية. وقد يتحول إلى حالة صحية خطيرة، لا سيما إذا كان يتكرر حدوثه بحدة متوسطة أو شديدة.
وبالإضافة إلى ذلك، تؤكد منظمة الصحة العالمية، أن ثمة صلة قوية بين النزاعات والكوارث والعنف وسوء المعاملة أو فقد الأحبة والشعور بالعزلة بالسلوك الانتحاري. وترتفع معدلات الانتحار كذلك بين الفئات الضعيفة التي تعاني من التمييز مثل اللاجئين والمهاجرين؛ والشعوب الأصلية.
وتشدد الأمم المتحدة على أن معالجة مشاكل الصحة النفسية، أمرٌ أساسي لتحقيق التغطية الصحية الشاملة، إذ لا يستفيد سوى عدد قليل جدًّا من الناس من خدمات الصحية العقلية الجيدة.
وتبلغ نسبة الأشخاص الذين يعانون من أمراض عقلية في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل ممن لا يتلقون أي علاج على الإطلاق أكثر من 75%، في حين تنفق الحكومات في المتوسط أقل من 2% من ميزانياتها الصحية على علاج أمراض الصحة العقلية. وتشدّد الأمم المتحدة أهمية العمل لإتاحة الرعاية الصحية العقلية الجيدة لجميع من يحتاجون إليها للتعافي بشكل أسرع من أزمة كوفيد-19.
مشاكل الأطفال والمراهقين
تبدأ نصف المشاكل النفسية إجمالًا في سن الرابعة عشرة، ولكن معظم هذه الحالات لا يُكشف عنها ولا تُعالج. ويعد الاكتئاب ثالث سبب رئيسي للإصابة بالاعتلالات النفسية، ومن ثم يأتي الانتحار بوصفه السبب الرئيسي الثاني للوفاة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عامًا.
وتؤكد منظمات أممية على ضرورة القيام بالكثير من العمل لمساعدة المراهقين والشباب في بناء القدرة على الصمود بوجه المشاكل النفسية منذ سن مبكرة، للحيلولة دون إصابتهم باضطرابات واعتلالات نفسية، إضافة إلى أن بإمكان الوالدين والمعلمين مدّ يد العون إلى الأطفال والمراهقين في اكتساب المهارات الحياتية التي تساعدهم على التكيّف مع ما يواجهونه يوميًّا من تحديات في المنزل والمدرسة.
وتشير وكالة الأمم المتحدة المعنية بالصحة إلى أن فترة المراهقة والسنوات الأولى من سن الرشد هما مرحلتان عمريتان تطرأ فيهما العديد من التغييرات على حياة الفرد، من قبيل تغيير المدرسة وترك المنزل واستهلال الدراسة في الجامعة أو مزاولة عمل جديد، وهي أوقات مثيرة بالنسبة إلى الكثيرين، ولكنها يمكن أن تكون أيضًا أوقاتًا عصيبة يشوبها التوتر والتوجّس. ويمكن أن تسفر هذه المشاعر عن الإصابة باعتلال نفسي.
وأوضحت المنظمة أن الفرد يمكن أن يعاني من ضغوط إضافية ناجمة عن التوسّع في استخدام التكنولوجيات الإلكترونية، إضافة إلى أن هناك العديد من المراهقين الذين يعيشون في مناطق متضرّرة بالطوارئ الإنسانية، مثل النزاعات والكوارث الطبيعية والأوبئة، ويتعرّض الشباب، تحديدًا، الذين يعيشون في هذه الحالات للإصابة باضطرابات واعتلالات نفسية.
الاكتئاب
يصيب الاكتئاب الذي يعتبر مرضًا شائعًا نحو 3.8% من الأشخاص في العالم، 5.0% منهم من البالغين الشباب و5.7% من البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 60 سنة.
ويعاني من الاكتئاب نحو 280 مليون شخص في العالم، ويختلف الاكتئاب عن تقلبات المزاج المعتادة والانفعالات العابرة إزاء تحديات الحياة اليومية. وقد يتحول إلى حالة صحية خطيرة، لا سيما إذا كان يتكرر حدوثه بحدة متوسطة أو شديدة. ويمكن أن يؤدي عند من يصاب به إلى المعاناة الشديدة وتأثر الأداء في العمل والمدرسة والأسرة، فيما قد يؤدي في أسوأ حالاته إلى الانتحار.
وتقدر الصحة العالمية انتحار أكثر من 700,000 شخص سنويًّا في العالم؛ حيث يعد رابع سبب رئيسي للوفاة عند الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة.
وعلى الرغم من وجود علاجات فعالة معروفة للاضطرابات النفسية، فإن أكثر من 75% من الأشخاص في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل لا يتلقون أيًّا من هذه العلاجات. وتشمل المعيقات التي تحول دون الحصول على الرعاية الفعالة نقص الموارد، والنقص في أعداد مقدمي الرعاية الصحية المدربين، والوصم الاجتماعي المرتبط بالاضطرابات النفسية.
وفي البلدان من جميع مستويات الدخل، لا يُشخص الاكتئاب عند المصابين به تشخيصًا صحيحًا في كثير من الأحيان، بل كثيرًا ما يُشخّص خطأً عند أشخاص آخرين لا يعانون منه وتوصف لهم مضادات الاكتئاب.