التسمية:
جامع أحمد بن علوان.
المكان:
يفرس – مديرية جبل حبشي – تعز.
الآمِر بالتشييد وزمنه:
الجامع بكثير من هيئته الأولى، أمر بتشييده الملك الطاهري عامر بن عبدالوهاب، في سنة 921هـ.
الطراز:
شُيِّد الجامع على الطراز الإسلامي التقليدي والقريب من معمار الرسوليين والطاهريين.
الوصف:
الجامع واحد من أبرز المزارات في البلاد، لاحتوائه على ضريح الشيخ أحمد بن علوان؛ الاسم الأكثر إشعاعًا في سماء التصوف في اليمن، وصاحبه فقيه، متصوف، وشاعر ثائر، لا تُعرف سنة مولده، لكن بعض الروايات تقول إنه وُلد في قرية عُقاقة، وهي من قرى جبل صبر. ونشأ في قرية ذي الجنان بجبل حبشي، وتُوفِّي فيها سنة 665 هجرية، وكان يلقب بفيلسوف المتصوفة، وعاش في عهد الدولة الرسولية، وله الكثير من المؤلفات، والمحقق منها: كتاب التوحيد الأعظم المبلغ من لا يعلم إلى رُتبة من يعلم، وكتاب الفتوح المصونة والأسرار المخزونة، وكتاب المهرجان والبحر المشكل الغريب المظهر لكل سر عجيب لكل عارف لبيب.
والجامع عبارة عن بناء مربع الشكل، طول ضلعه 8.30م، يفتح في جداره مدخل عرضه 2.70م، وارتفاعه 3م، عليه عقد نصف دائري له قبتان كبيرتان، وتجاورهما أربع قباب من الجهة الشرقية، ومثلها من الجهة الغربية، منها صماء، وأخرى ركنية؛ واحدة تسمى قبة السلام، والأخرى توجد فوق الضريح والقباب، لا تخرج عن مثيلاتها في الجوامع التي بناها الرسوليون. ويفتح مدخل الضريح على قاعة مربعة الشكل، وله أربعة أبواب رئيسية، ومنها باب السلام، الباب الشرقي، الباب العدني الذي عليه المدرج من أسفل القرية. وقد تعرضت القباب للتشقق، وخاصة الكبيرة منها والأربع التي في الجهة الشرقية، وتم إصلاحها بالجص، ولكن آثار التشقق ما زالت باقية. وله منارتان؛ إحداهما قديمة كانت تستخدم مئذنة، وطولها يتراوح بين 6-7 مترات، وله منارة أخرى كبيرة مركبة على شكل حرف (و) مصنوعة من الياجور (الآجر)، وتحتوي على ثلاثة أحواج، والرابع الذي فيه هلال المنارة، وكذلك القباب التي توجد فوق الحمّام البخاري، وتظهر عليها فتحات كبيرة نتيجة الإهمال وعدم الترميم، وقد توقف استخدام هذا الحمام قبل 30 عامًا. ويوجد في باحة الجامع ثلاث برك كبيرة، وتسمى بركة الأسطى، وهي تتوسط بين بركة القناديل، وهذه صغيرة، والبركة الكبرى التي يوجد فيها المساتر وعددها 12، وهي عبارة عن حجرة كبيرة تم نحتها من تحت، وهي في هيئتها تدل دلالة عميقة على عبقرية الإنسان اليمني على مر العصور ومدى مهارته وإجادته للفن المعماري.
وتتم تغذية الجامع من حوضٍ مائيّ موجود على بعد 1.5كم إلى الغرب، ويتم إيصال المياه عبر ساقية تخترق جبلين تسمى (الهدارة).
أمر الملك عامر بن عبد الوهاب ببناء الجامع الخاص بالصلاة في جوار الضريح، الذي تعلوه قبة كبيرة وثماني قبب صغيرة. وأمر أيضًا ببناء قبة على ضريح الشيخ أحمد بن علوان مستقلة عن الجامع وباب خاص بالقبة، بالإضافة إلى بناء الصرحة الصغيرة المجاورة لضريح الشيخ.
وفي عهد الدولة العثمانية وعند دخول الأتراك إلى اليمن، كان الأتراك يعظمون الشيخ أحمد بن علوان، حتى إنّ الحاكم العثماني كان إذا تم تعيينه على اليمن، كان يعتبر مروره على يفرس وزيارته لضريح الشيخ أحمد بن علوان أمرًا لا بدّ منه قبل أن يتسلم مقاليد الأمور في البلاد، وكذا كان يفعل حين يتم استبداله بحاكم آخر، فقبل أن يغادر البلاد كان عليه الاتجاه إلى يفرس في طريق عودته إلى مقره الجديد، وقد انعكس هذا الحب والاهتمام إلى بناء الجامع، وأولهم الوزير الأعظم مراد باشا الذي عيّن واليًا عام 983هـ، حيث كانت الصرحة الكبيرة حاليًّا المحيطة بالتربة الشهيرة قبل العمارة شعابًا هابطة، ولم يكن هناك من العمارات قبل ذلك إلا الجامع والقبة التي فيها ضريح الشيخ أحمد بن علوان في أكمة أو ربوة مرتفعة لمن زار وتبّرك. فأمر الوزير مراد باشا بتسوية هذه الشعب مع البناء السابق، وجعل الصرحة مرتفعة، والمسماة حاليًّا "الريشة" أي الممرّ الممتد في الجهة القِبلية إلى الجهة العدنية، وأمر بنحت البرك المعدة لتجميع المياه ثم أمر ببناء المنارة المشهورة والمكونة من تسعة وتسعين درجة، وكل درجة منحوتة من حجر واحد على شكل حرف واو، ومن هنا وسع الجامع المبارك وصارت عمارته مشهورة مباركة مأثورة. وقد حُدِّث في عهد الوزير حاجي محمد باشا، الذي عُيّن واليًا على اليمن في تاريخ 1025هـ، حيث أمر ببناء الغرفة الممتدة من المنارة إلى محاذاة المحراب من الجهة الشرقية، المسمى حاليًّا "الحزر"، وأمر أيضًا بتقوية الجدران الخارجية بأبنية محكمة، وأمر أيضًا بعمارة جملون خزان تجمع فيه المياه ثم ينزل منه في أنابيب نحاس لأجل الوضوء، وأمر ببناء الحمّام البخاري، وكذا الغرف المسماة حاليًّا المقاصير.
أُهمِل الجامع طويلًا، وتعرّض ضريح صاحبه لعملية تعدٍّ في مطلع الأربعينيات بذريعة أنه مركز لنشر الضلالة في أوساط العامة، وهي عملية توصف بأنّها محاولة لمحو صورة الشيخ الثائر الذي انحاز للمظلومين.
المصدر:
- ينظر الموسوعة اليمنية، مؤسسة العفيف الثقافية، صنعاء، الطبعة الثانية، 2003، الجزء الثالث، ص 2113.