كلمات: حسين أبو بكر المحضار
ألحان: أبو بكر سالم
غناء: أبو بكر سالم
خيوط
يتشارك الشاعر حسين أبوبكر المحضار والفنان أبوبكر سالم بالفقيه في ميزات متعددة، منها كتابة الشعر والتلحين وفي حدود ما الغناء، وإن كان المحضار ينطبق عليه القول إنّه من الشعراء الذين زاولوا تلحين نصوصهم، وحال بينهم وبين أداء نصوصهم مغناة بأصواتهم صعوباتٌ فنية بدرجة رئيسية، مثل رداءة الصوت والحماس، وبدرجة أقل مصدَّات اجتماعية وثقافية تتصل بالعيب والمكانة(*).
الخلفية الثقافية والاجتماعية التي جاء منها الفنان أبوبكر سالم بلفقيه (1939-2017)، ساهمت في تكوينه الشعري، و"تعود نشأة أبوبكر الغنائية إلى تريم- حضرموت، حيث ترعرع في بيئة دينية صوفية. وهو ينتمي من جهة الأب إلى آل بلفقيه ومن جهة الأم إلى آل الكاف، وكلاهما أسرتان من فروع آل باعلوي. تشرَّب أبوبكر في هذه البيئة الشعر والروحانيات، ومارس في حضراتها وموالدها أداء الأناشيد والتواشيح الدينية"(1).
وإنّ استقراره اللاحق كطالب في مدينة عدن أواسط الخمسينيات، وعمله تاليًا مدرِّسًا للغة العربية في واحدة من مدارسها في أوج ازدهار المدينة ثقافيًّا وتجاريًّا، وانعكاس ذلك على التطور الموسيقي، ساعده كثيرًا في كتابة العديد من النصوص الغنائية في فترة تكوينه الفنّي الباكر، برفقة أساتذة الندوة الموسيقية العدنية والفنّان المرشدي، الذي قدّمه أول مرة في إحدى حفلاته على مسرح البادري، وتاليًا في حفل الإذاعة.
في المرحلة العدنية الباكرة، كتب نصوصًا خفيفة تتلاءم مع موجة التلحين والتلقي الشعبي، مثل قصيدة "يا ورد ما احلى جمالك بين الورود/ يا غصن ما احلى قوامك لما تنود/ قلبي عليك ولهان، عقلي وراك حيران، الزين ذا كله ولا مرَّة تجود".
وقصيدة "أنت يا حلوة يا ما احلى جمالك/ وما احلى العيون الكحيلة والشفاه السمر/ يا ما احلى دلالك وما احلى قوامك/ ويا ما احلى الورود الحمر".
في الفترة البيروتية الأولى في منتصف الستينيات، كتب ولحّن وغنّى العديد من النصوص التي قرّبته أكثر من المستمع العربي، ومنها: "من نظرتك يا زين ذقت الهوى مرة/ وكم يقولوا الناس الحب من نظرة/ لكن طبعك شين وعشرتك مُرَّة/ هذا اللي خلاني أنساك بالمرة"، إلى جانب قصيدة "أربعة وعشرين ساعة"، و"تسلى يا قليبي".
في استقراره الأول في السعودية منتصف السبعينيات، غنّى من كلماته وألحانه أغنية "يا مسافر على الطائف طريق الهدا/ شوف قلبي من البارح معاك ما هدا/ كيف يهدأ وأنت اللي هويته/ وأنت أجمل وأجمل من رأيته".
في مشواره الفنّي الممتد لستين عامًا، كتب ولحّن وغنّى عشرات النصوص التي لم تبارح آذان مستمعي وعاشقي فنّه المختلف، ومنها: "تسلّى يا قليبي، ما علينا يا حبيبي، حبيتك أنت، بدري عليك الهوى، مرحيب، ما تستاهلش الحب، خاف ربك، حيا زمن أول، نار الشوق"، وتبقى قصيدة "أمي اليمن" واحدة من أغانيه الخالدة.
حسين أبوبكر المحضار الذي شكّل ثنائيًّا ملهمًا مع الفنان الراحل أبوبكر سالم بلفقيه، وجعلا من اللون الحضرمي الجديد يتمدّد في ثنايا خارطة الاستماع داخل اليمن وخارجها، وإنّ معظم الأغاني التي أدّاها أبوبكر وكتب كلماتها المحضار هي من ألحان الأخير، ويروى عنه أنّ البُنى الإيقاعية والجُمل اللحنية كان يصيغها في تمثيلاتها الصوتية على أدوات يستخدمها مشاعة في معاشه اليومي، مثل (الصحون وصناديق الكبريت الورقية)، وشكّلت في مجملها مفاتيح مهمة للفنان للتركيم عليها موسيقيًّا بواسطة آلات حديثة مع تدخلات صغيرة لخدمة النص المُغنَّى.
المحضار "شاعرٌ وملحّنٌ في آن، ومعلوم أنّ للتلحين يدًا في تشكيل الشعر عند شعراء العامية في حضرموت، فبِهِ يضبطون أوزانه، ويشكّلون أبياته وأغصانه، وإذا كان ذلك حال شعراء العامية عامة، وليس جلّهم ملحنين، فما بالك بحال المحضار وهو الملحن الشاعر والشاعر الملحن؟"(2).
باشل حبك معي بالقيه زادي ومرافقي في السفر
وباتلذذ بذكرك في بلادي وفي مقيلي والسمر
وانته عسى عاد باتذكر ودادي
وان قد تناسيت ياما ناس جم مثلك تناسوا الوداد
شفنا كما الطير لي هو دوب شادي ويعيش فوق الشجر
ما بين اغصانها رايح وغادي وان هزّه الشوق فر
سل عن نشيدي وفنّي كل وادي
وتخبَّر العشب مني والبواسق والسمر والقتاد
يا نور عيني ويا بهجة فؤادي على فرقتك ما قدر
ما بين عيني وبين النوم بادي بيَّت حليف السهر
ذا ايش من حب احرمني رقادي
ذا ايش من كلما جيت بانقصه عالوهم زاد
أيش بايقولون لك عني الاعادي كلام ما له أثر
ما قصدهم شي سوى عثرة جوادي حاشا على ما اعثر
ما زلت ماسك على عهدي محادي
ماسك حيادي وخير الناس لي هم ماسكين الحياد(3)
_________________
(*) المادة مأخوذة من: "مطربون شعراء، وشعراء ملحنون!"، في مدونة الغناء اليمني المعاصر https://www.khuyut.com/blog/poet-singers
(1) جمال حسن، البدلة والعقال المسيرة الغنائية للفنان أبوبكر سالم، العربي الجديد 22 فبراير 2019م.
(2) شعر المحضار النشيد والفن، د. عبدالله حسين البار، مكتب وزارة الثقافة المكلا، 2011، ص 140.
(3) (موسوعة شعر الغناء اليمني في القرن العشرين)، الطبعة الأولى 2005، دائرة التوجيه المعنوي، الجزء3، حرف الحاء - ص44.