عن دار مدارك للنشر، صدر للكاتب عمر محمد العمودي، كتابٌ عنوانه (يحاول التوازن على أيام تترنح)، وهو خليط من النصوص ملمومة في 55 عنوانًا، على نحو: "وحيدٌ.. ونافذة وحيدة"، "أركض لأبقى"، "شتاء أبدي"، "نهاية لا تقاوم"، "معركة اليقين"، وغيرها من العناوين التي قامت بعضها على كلمة واحدة، مثل: "تقلص"، "أركض"، "سأكون".
في قراءة للكتاب، الصادر في 2023، يقول الشاعر والكاتب كمال محمود اليماني:
"نصوص الديوان يمكن وضعها في دائرة البوح الذاتي، وهي بالمجمل نصوص وجدانية ذاتية، وفيها تكرار ملحوظ للضمير أنا، وللضمير المستتر تقديره أنا، كالأفعال: أنصب، أكتب، لا أعرف، أحب، أدقق، وغيرها الكثير والكثير، وحضرت ياء الخاصية أيضًا بشكل لافت، كقوله: يا معناي، يا مجراي، داخلي لا يسعني، ترافقني، إنقاذي".
مضيفًا: "وبالنظر إلى الحقل الدلالي لعناوين النصوص، نجد الشاعر يتأرجح بين القوة والضعف، والأمل واليأس، والنجاح والفشل، فهناك عناوين تحمل طاقة إيجابية، وأخرى تحمل طاقة سلبية، فهناك مثلًا: رغبة بالوجود، صفو، سأكون، معركة اليقين، ثبات، ماراثون الحياة، أركض لأبقى، شلال، أكسير الحياة.
ومن المظاهر الأسلوبية المستخدمة في نصوصه، لجُوءه إلى التكرار بما يمنح النصوص دفقات من إيقاعات وتنغيمات تتساوق مع المعاني الدلالية لها".
وفي تحليله لبعض نصوص الكتاب، يتوقف اليماني أمام نص (شتاء أبدي)، حيث يعمد الشاعر إلى استخدام أسلوب التكرار مصاحبًا للبناء الهندسي -وهي تقنية بصرية- الدال على التصاعدية، حيث يقول:
هناك من يتبعكِ دائمًا
حين تمشين، يكون ورائكِ
حين تلتفتين ترينه يتطاول بظله
حين تقفين، يتوقف القلق من خلفكِ
إنّ أحدًا ما يلاحقكِ، ولا تسمعين إلا لهاثًا
وبالمقابل، يكون البناء الهندسي الدال على التنازلية في قوله:
أفكر بالضحكات التي حبستها أخبار سيئة
وبالأحلام التي لم يبلغها أحد
والأمنيات التي ظلت بعيدة
والرجاءات التي ماتت
في أفواهنا.
حفلت النصوص ببعض من الإيحاءات الصوفية، مثل قوله:
أذهبُ كلي، أصلُ كلي
ولا يبقى شيء مني، ليفنى.
أو قوله:
هذا السوادُ أنا
وما تراهُ ليس إلا أنت
هذا الضوء الذي تراه فيّ
إنه لك!
ختامًا؛ الكتاب بوضعه اللاتجنيسي، يصير مساهمة إضافية للكتّاب الشبان الذين يحاولون تقديم تجارب في الكتابة الهاربة من إيقاعات الرتابة وتشظيات الحرب وجنون العتمة حتى وهم يُقيمون تحت جلد البلاد المتهتكة.