عند رؤيتك للشريط الوردي ملفوفًا على يافطات الإعلانات وعلى أبواب العيادات ومداخل المستشفيات وعلى مواقع التواصل الاجتماعية، فنحن في (أكتوبر الوردي) الشهر العالمي للتوعية بسرطان الثدي، الذي يهدف لزيادة الاهتمام بهذا المرض وتقديم الدعم اللازم والتوعية بخطورته وأهمية الكشف المبكر عنه، باعتباره في مقدمة أنواع السرطانات التي تصيب النساء في العالم المتقدم والنامي، على حد سواء.
إذ تشارك بلادنا في هذه الحملة العالمية لمواجهة سرطان الثدي، من خلال حملات توعوية، وكشف مبكر، ومساندة النساء المصابات، تقوم بها مؤسسات مكافحة السرطان في كل المحافظات اليمنية.
فوزية أحمد (52 سنة)، مصابة بسرطان الثدي منذ عامين. تسكن فوزية في منطقة ريفية بعيدة تتحمل مشاق السفر إلى صنعاء لمرات عديدة ومتكررة خلال الشهر الواحد لعمل جرعات الكيماوي تتحدث لـ"خيوط" قائلةً: "تعالجت مرارًا في القرية، لكنهم لم يكتشفوا المرض، إلى أن عملت فحوصات بصنعاء، كانت الصدمة علي كالصاعقة حين اكتشفت أني مصابة بسرطان الثدي، ما استدعى اقتطاع جزء منه، استمر المرض، ولذلك اضطررت إلى استئصال الثدي الأيمن بشكل كلي، وحاليًّا أخضع لجلسات كيماوي".
فوزية، ككثيرات من النساء المصابات بالسرطان، تتحمل فوق طاقتها، في مواجهة شراسة السرطان، وتضطر بشكل دائم للسفر لصنعاء وما يرافقه من دفع مبالغ باهظة لتغطية تكاليف العلاج.
وتضيف فوزية: "هذا الأسبوع ذهبت للمركز لرؤية طبيبي، فالتقيت بمجموعة نساء مصابات بمستويات إصابة متفاوتة، سردت النسوة تجاربهن مع سرطان الثدي، في المقابل قدمت طبيبة متخصصة، محاضرة للدعم النفسي، تحدثنا لأول مرة بأريحية، وأحسست أني خرجت أكثر قوة وصلابة".
هذا وتقيم المؤسسة العامة للسرطان في صنعاء وتعز ندوات توعوية خلال أكتوبر من كل عام، تقدم خلاله طبيبات متخصصات شروحات توضيحية حول السرطان للمصابات والمرافقات ومن يأتي معهن، وتعريفهن بالنسيج الطبيعي للثدي وكيفية تجنب الإصابة بالمرض، وكيفية التعامل معه للمصابات منهن، حيث تشهد هذه المراكز أقبالًا متزايدًا من قبل المريضات والطبيبات والمتخصصات وطالبات الجامعات والمدارس، إذ يتم عمل كشف مبكر مجاني لهن، وجلسات دعم نفسي للواتي تم تشخيص إصابتهم بالسرطان، من خلال عيادة الدعم النفسي في المركز التابع للمؤسسة، التي تسعى لإعطاء المريضة الأمل وسرد قصص مريضات حاربن السرطان ونجحن في القضاء عليه، مما يؤدي إلى تحسن نفسيات الكثير منهن، وجعلهن أكثر شجاعة وتقبُّلًا لمراحل العلاج.
تشير الدراسات إلى أن النظام الغذائي مسؤول عن 40% من حالات حدوث السرطان، فالطعام عالي الدهون يزيد من خطورة الإصابة بسرطان الثدي، كما تزيد نسب الإصابة لدى النساء اللاتي يعانين من البدانة
في 2020، قدمت المؤسسة العامة للسرطان صنعاء 10 آلاف خدمة لـ7 آلاف مريضة، منهن 300 مصابات بسرطان الثدي.
وبلغ عدد الحالات المصابة العام الفائت، في مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية بتعز، 868 حالة تم تشخيصها بأنواع سرطانات مختلفة، من ضمنها حالات سرطان الثدي.
تم تخصيص شهر أكتوبر كمبادرة عالمية للتوعية بسرطان الثدي وأهمية الكشف المبكر، إذ بدأ العمل بها على المستوى الدولي في أكتوبر/ تشرين الأول 2006، يتم خلالها عمل حملة دولية تشارك بها كل الدول المنضوية في منظمة الصحة العالمية، حيث ترفع أنشطة التوعية والدعم والمساندة، ويقوم المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة الشرق الأوسط شهر أكتوبر/ تشرين الأول، بتسليط الضوء على أبرز النصائح للوقاية من خطر الإصابة بسرطان الثدي، باعتباره أكثر أمراض السرطان المسببة للوفيات بين النساء، حيث يصيب حوالي مليوني امرأة حول العالم سنويًّا.
الكشف المبكر
ذكرى أنور (40 سنة)، تقول لـ"خيوط": "كنت أشاهد برنامجًا تلفزيونيًّا يتحدث فيه طبيب عن سرطان الثدي وطرق الفحص الذاتي وما هي أعراضه، عندها أحسست بكتلة في الثدي، وألم عند الضغط عليه"، وتضيف ذكرى: "قمت على الفور بعمل الفحوصات اللازمة، واكتشفت أني مصابة بسرطان الثدي، بعدها أجريت استئصالًا للثدي. كنت بكامل قوتي وصلابتي، وإيماني المطلق بقضاء الله وقدره، إلى جانب أن عائلتي وقفت إلى جانبي، والحمد لله تجاوزت السرطان، وعدت أقوى مما كنت". وتنهي ذكرى حديثها: "كان للفحص المبكر أهمية قصوى في تلافي السرطان؛ لذلك على النساء الأخذ بحملات التوعية وعمل فحص ذاتي مبكر،. نعم، كنت في البداية متخوفة من مظهري، لكني لاحقًا تلقيت دعمًا كبيرًا استطعت من خلاله تخطي الأزمة".
من جانبها تقول الدكتورة، هيفاء علي قسوة، طبيبة فحص سريري في مركز الحياة التابع للمؤسسة العامة للسرطان، لـ"خيوط": "بالطبع إصابة الثدي بالسرطان أمر حساس جدًّا لكل أنثى، لأنه يصيب عضوًا أنثويًّا غاية في الأهمية ويتمركز حوله شعورها بالأمومة، كما أنه يهدد وظيفته الطبيعة في الرضاعة، خاصة حين تكون المرأة في مرحلة الإنجاب، هذا إذا ما أضفنا إلى كل ذلك مظهر المرأة العام، وكلها أمور تحتل أهمية لدى كل أنثى، لكن لقد وجدنا نساء يضربن صنوفًا في التحمل ويصبح كل يوم تعيشه المريضة بسرطان الثدي معركة، تخرج الكثير منهن منتصرات".
وتشدد هيفاء قسوة، على ضرورة تنبه الطبيب المعالج للحالة النفسية للمريضة بالتزامن مع الإسراع في الخطة العلاجية قائلةً: "هنا لا بد على الطبيب المعالج التنبه لهذه النقطة الحساسة، وتقديم الدعم غير العادي لهؤلاء النسوة، وسرد قصص لنساء سبقنهن لخطط علاجية والاستئصال الكامل متى تتطلب ذلك؛ لأنه في حالات كثيرة عاودت الخلايا السرطانية النشاط، بسبب عدم الاستئصال الكامل".
وتشدد الدكتورة قسوة على ضرورة الفحص، خصوصًا للنساء اللاتي لديهن تاريخ عائلي بالمرض: "لا بد من إجراء فحوصات ذاتية في المنزل لكل أنثى تجاوزت سن البلوغ، وذلك في اليوم الخامس من الدورة الشهرية من كل شهر"، وتشرح قسوة الطريقة قائلةً: "تقف المرأة أمام المرآة وتقيس حجم الثدي، وتبدأ بالفحص من إبطها حتى طرف الحلمة، للتأكد من عدم وجود أي كتل أو إفرازات من دم أو غيره، أو انسحاب الحلمة للداخل، وفي حال التأكد تعاود الفحص للثدي الآخر وتبدأ بتمرير أصبعها من الإبط إلى الحلمة أو العكس، وإذا لاحظت أي تغيير، تسارع على الفور لأقرب مركز كشف مُبكر وتجري الفحوصات اللازمة، وإذا لم تجد تكون خطت خطوة مهمة في الاطمئنان".
وتشير الدراسات إلى أن النظام الغذائي مسؤول عن 40% من حالات حدوث السرطان، فالطعام عالي الدهون يزيد من خطورة الإصابة بسرطان الثدي، كما تزيد نسب الإصابة لدى النساء اللاتي يعانين من البدانة. وللوقاية منه لا بد من اتباع نظام غذائي قليل الدهون، والحفاظ على وزن صحي، والكشف الذاتي، والتأكد من عدم وجود أي أورام أو تكتلات، والحفاظ على الرضاعة الطبيعية وعدم التدخين، والحد من التعرض للإشعاع، والابتعاد عن عوامل الضغط والقلق النفسي والخوف من المجهول. وللمصابات ينبغي ضرورة الالتزام بخطة العلاج المحددة من قبل طبيب الأورام المختص بها، وأخذ العلاجات والأدوية في أوقاتها، وبالنسبة للنساء اللواتي تجاوزن السرطان لا بد من مواصلة الفحص الدوري كل فترة للاطمئنان، فهناك قصص لنساء عِشْنَ بعد الشفاء من سرطان الثدي لعشرين سنة وأكثر، ومنهن من أكملن حياتهن بشكل طبيعي، بفضل الله وشفائه، واتباعهن للتعليمات بالتزامن مع الصبر وارتفاع المعنويات.