لاحظت ورقة ألصقت على الجهة الداخلية من الغلاف الأمامي لكتاب للعم المرحوم اللواء محمد علي الأكوع (رحمه الله)، على رأسها الطير الجمهوري وتحته بالعربية "محسن أحمد العيني".
هي رسالة تعليق على محتوى كتاب الأكوع: "اللواء محمد علي الأكوع يبحث في شخصية الإمام أحمد ورجالات عهده"، شخصيًّا أعتبره أهم كتاب عن ذلك العهد والإمام، وبالمناسبة، الكتاب كتابان؛ الجزء الثاني للطبيب الخاص بالإمام، وهو إيطالي اسمه د. جوزيبي جاسبيريني، كتاب الأكوع أول كتاب يتعاطى مع الإمام أحمد حميد الدين كحاكم، ما له وما عليه، وفي الكتاب معلومات غزيرة تميز بها الأكوع عمومًا، وفي كتاب الإيطالي تفاصيل رحلة الإمام إلى روما ومفارقاتها، وككتلة واحدة، لا بدّ لكل من يقرأ أن يحصل عليه ويقرأه.
في الرسالة الملصقة يبدؤها العيني بـ: اللواء... العميد... الأديب...: "... كتاب... ناد... سلمت يداك".
ما يهمني هنا إشارته إلى عزيزة: "وأم هيثم تلتهمه صفحة صفحة"، وعزيزة هي أم هيثم، وهي عزيزة عبدالله أبو لحوم شقيقة الشيخ سنان. ليس الأهم هنا أنها زوجة العيني، فكل الناس يتزوجون ولهن أسماؤهم.
هنا تتميز أم هيثم بالمشاركة التي تفتقر لها زوجات شخصيات مهمة، كانوا وظلوا -ككل الذكور- يخفون حتى أسماء زوجاتهم!
هنا إذن ملمح من ملامح شخصية الأستاذ محسن العيني رجل الدولة الذي حاول أن يفعل للبلاد شيئًا، فعجز أمام الجهل والتخلف، يتساوى مع النعمان الابن وعبدالعزيز عبدالغني وعبدالغني علي والدكتور الإرياني وآخرون، لكنه تميز عنهم بانفتاحه المحسوب.
لم أعرفه عن قرب فقد كان رئيسًا للوزراء وكنت في الثانوية العامة "ثالث ثانوي"، لكنني أعرفه كشخصية عامة، وقرأت كتابه "خمسون عامًا في الرمال المتحركة"، والذي علق عليه الصديق والزميل حسن العديني في مقال طويل، أغضبه جدًّا، تبدى لي ذلك في شكواه المرة من حسن للأستاذ الزرقة، وقد كنّا معًا يومها في القاهرة، فصلّينا في مسجد أظنه مسجد جمال عبدالناصر لنلتقي العيني بعد الصلاة، فدعانا إلى فندق في الجوار، وهناك على الواقف شربنا برتقالًا أو ما شابه، وسمعته يشكي للزرقة من حسن بمرارة….
سريعًا افترقنا، حتى إنني لم أتحدث إليه مباشرة، ولم أستطع، لقصر الوقت، أن أكوّن له في ذهني صورة حتى شبه متكاملة، لكنني على البعد أستطيع القول إنه رجل دولة.
عزيزة عبدالله أبو لحوم، رفيقة العيني بوعي، وهي صورة لم نرَها في الحياة السياسية هنا، بينما الأجمل أن يكون بجانب السياسي ورجل الدولة امرأة تدري من هو وتعرف طبيعة عمله، وتهيّئ له البيت من ورائه عاملًا مساعدًا للنجاح.
لا يزال كثيرون يعيشون الشيء ونقيضه، يقولون شيئًا ويمارسون في الواقع أشياء أخرى، فتراهم على سبيل المثال يخجلون من ذكر أسماء زوجاتهم، وبالعموم نهنئ ويهنئون الولد بعرسه ونجاحه ولا نقترب من اسم المرأة حتى لو ماتت، وفي الوقت نفسه يصدعون رؤوسنا بالخطب عن مشاركة المرأة، وتحرير المرأة، ومساواة المرأة بالبطيخ!!!